الطبوبي يقدم المصالح المطلبية على إنقاذ اقتصاد تونس

على الاتحاد أن يتحمل مسؤوليته تجاه ما يجري، فهو طرف في الأزمة، ويحتاج إلى التعقل قبل أن يقود البلاد إلى تصعيد غير محسوب العواقب.
السبت 2023/01/21
الاتحاد طرف في الأزمة

تونس – يضغط أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي من أجل تعطيل إقرار قرض صندوق النقد الدولي، ما يدفع البلاد إلى حافة أزمة اقتصادية غير مسبوقة تراكمت على مدى سنوات من تعاقب حكومات تونسية تقودها حركة النهضة.

وعاد الطبوبي من “مفاوضات” غير رسمية مع اتحاد الأعراف ووزراء في الحكومة عقدت في أوسلو برعاية الحكومة النرويجية مطلقا تصريحات أكثر تشددا ومهددا بربيع عربي جديد.

ويرى محللون ونشطاء سياسيون أن على الاتحاد أن يتحمل مسؤوليته تجاه ما يجري، فهو طرف في الأزمة، ويحتاج إلى التعقل قبل أن يقود البلاد إلى تصعيد غير محسوب العواقب.
باسل ترجمان: علينا أن نسأل قيادة الاتحاد: ما هي المبادرة التي تطالب بها

ويرى المراقبون أن ما يهم الطبوبي هو إفشال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاعتبارات سياسية، بقطع النظر عما إذا كانت تونس تحتاج إلى تمويل الصندوق أم هي في غنى عنه، وما إذا كان ذلك سيحسّن أوضاع التونسيين من خلال إنعاش الوضع الاقتصادي وفتح الباب أمام عودة الاستثمارات والشركات، وهو ما يوفر فرص عمل جديدة، فضلا عن التحكم في التضخم وما يعنيه من خفض أسعار المواد الأساسية.

ولا يقدم اتحاد الشغل تفسيرا لموقفه المعادي لتمويل صندوق النقد إلا من خلال ترديد شعارات قديمة عن “الارتهان للخارج”، فيما يقول المراقبون إن خوف قيادات النقابة سببه أن الإصلاحات المقترحة من الصندوق والتي تعد الحكومة لتنفيذها ستفضي إلى المس من هيمنة الاتحاد على المؤسسات الحكومية الكبرى التي تشغل الآلاف من الموظفين، وتمكنه عضويتهم من عائدات مالية كبيرة.

ويضيف هؤلاء المراقبون سببا آخر لتصعيد الاتحاد وتوتر قيادته، وخاصة أمينه العام، وهو السعي لإفشال أي إصلاحات يقوم بها الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي رفض منح النقابة دورا سياسيا كانت تلعبه في السابق ويمكّنها من التحكم في سياسات الحكومة وبرامجها، وهو ما يفسر تشدد الطبوبي في مواقفه خاصة بعد عودته من لقاءات أوسلو، التي يفترض أن تكون قد تمت فيها مناقشة بناء الثقة التي تسبق الحوار الوطني الذي يسعى له الاتحاد.

وقال الطبوبي في كلمة له بمناسبة تأسيس الاتحاد “ما نشهده اليوم هو النتائج الاجتماعيّة والاقتصادية للتفرد بالقرار والسلطة”، وهو تصريح يذهب إلى اعتبار أن الأزمة سببها الرئيس سعيد في حين أن تعقيدات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تسبق انتخاب قيس سعيد، وتتحملها أطراف متعددة من بينها اتحاد الشغل.

ويرى محللون ونشطاء سياسيون أن على الاتحاد أن يتحمل مسؤوليته تجاه ما يجري، فهو طرف في الأزمة، ويحتاج إلى التعقل قبل أن يقود البلاد إلى تصعيد غير محسوب العواقب.

وقالت شيراز الشابي، النائبة في البرلمان المنحل، “غير معقول أن نعيش أزمة اقتصادية وسياسية ونضيف أزمة اجتماعية بواقع الإضرابات والاحتجاجات التي ستعطل مسار البلاد وستدخلنا في مرحلة صعبة”.

وأضافت في تصريح لـ”العرب”، “نحن نتقدم شيئا فشيئا نحو مرحلة من عدم الاستقرار على جميع المستويات. ولكن لا أعتقد أن اتحاد الشغل، ومن ورائه الطبوبي الذي تعامل مع الأزمات السابقة برصانة، يصرّح بهذا الكلام دون وجود معطيات خطيرة”.

وتابعت الشابي “اتحاد الشغل يريد الذهاب إلى حوار وطني ويصعّد من أجل ذلك، خصوصا في ظلّ وجود تصريحات متضاربة بشأن واقع البلاد”.

شيراز الشابي: غير معقول أن نلجأ إلى الإضرابات ونحن نعيش أزمة اقتصادية
شيراز الشابي: غير معقول أن نلجأ إلى الإضرابات ونحن نعيش أزمة اقتصادية

وتعاني تونس أزمة اقتصادية ومالية احتدّت جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، وتسعى للخروج من هذا الوضع من خلال اتفاق مع صندوق النقد، لكن اتحاد الشغل يعارض هذه الخطوة ويهدد بالتصعيد، ويعرض مبادرة يقول إنها تحوز دعم منظمات وطنية أخرى، في إشارة إلى عمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان.

وقال الكاتب والمحلل السياسي باسل ترجمان “علينا أن نسأل قيادة الاتحاد: ما هي المبادرة التي تطالب بها؟ وما هي الاستحقاقات التي تريد الدفاع عنها؟”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الاتحاد نجح في الاتفاق مع حكومة نجلاء بودن في سبتمبر الماضي بشأن الزيادة في الرواتب، وهو اتفاق غير مسبوق مع الحكومات المتعاقبة على البلاد”، وبالتالي فإن “لغة التصعيد التي ينتهجها الاتحاد إما من أجل التوصل إلى حل أو من أجل خلق أزمة”.

وتساءل ترجمان “أين المبادرة حتى يتحدث الاتحاد بهذه اللهجة التصعيدية وحتى تتم الاستجابة لها؟ سبق وأن أعلن الاتحاد الإضراب العام وفشل، وهو يريد أن يبحث عن لعب دور سياسي لقيادته خصوصا بعد أن وجدت نفسها خارج المشهد”.

واستطرد قائلا “لا أحد يفرض على اتحاد الشغل شيئا أو يمنعه من ذلك، وإن كان يريد أن يقوم بإضراب فله ذلك”.

وفي العام الماضي دعا صندوق النقد الدولي حكومة تونس إلى ضبط فاتورة الأجور التي تشمل نسبة مرتفعة من إجماليّ النفقات، لتحقيق استقرار في المالية العامة.

وقال أمين عام الاتحاد في كلمته الجمعة “تونس ليست للبيع، وكل الحكومات المتعاقبة منذ (عام) 2011 لم تقدم شيئا للبلاد”. وتابع “هناك من يسوّق (فكرة) أن مشكلة الشعب تكمن في الغذاء في حين أنه لا يمكن الاستهانة به (الشعب) وبقدراته فهو قادر على صنع ربيع جديد”.

1