الطاقة وتعزيز الشراكات الدفاعية يتصدران أجندة ولي العهد السعودي في جولته الأوروبية

ولي العهد السعودي سيسعى من خلال جولته الأوروبية لعقد شراكات مجزية في مختلف القطاعات ولاسيما القطاع الدفاعي لتركيز صناعة دفاعية محلية صلبة.
الأربعاء 2022/07/27
الزيارة ستشهد توقيع اتفاقات ثنائية في مجالات الطاقة والتعاون العسكري

أثينا- بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الثلاثاء جولة أوروبية تشمل كلا من اليونان وفرنسا، حيث يتوقع أن يتصدر ملف الطاقة أجندة المباحثات مع قيادتي البلدين، إلى جانب بحث العلاقات الدفاعية حيث تولي المملكة اهتماما خاصا بتنويع شراكاتها في هذا القطاع في ظل مشروع طموح لتوطين الصناعات الدفاعية.

وأوردت وكالة الأنباء السعودية الثلاثاء بيانا نقلا عن الديوان الملكي أن ولي العهد سيلتقي قيادة البلدين “لبحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

وأفادت وزارة الخارجية اليونانية بأن الأمير محمد، الحاكم الفعلي للمملكة، سيلتقي برئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس. وقال مصدر دبلوماسي يوناني إن الزيارة ستشهد توقيع اتفاقات ثنائية في مجالات الطاقة والتعاون العسكري فضلا عن كابل اتصالات تحت البحر، إلى جانب أمور أخرى.

وتأتي الجولة الأوروبية بعد أقل من أسبوعين من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمدينة جدة السعودية للمشاركة في قمة لقادة دول عربية، أجرى خلالها لقاء ثنائيا مع ولي العهد الشاب وتصافحا بقبضة اليد.

◙ زيارة ولي العهد السعودي إلى اليونان ستشهد توقيع اتفاقات ثنائية في مجالات الطاقة والدفاع فضلا عن كابل اتصالات تحت البحر

ومثلت الخطوة تراجعا لبايدن الذي كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بتحويل المملكة إلى دولة “منبوذة” على خلفية قضية مقتل خاشقجي في العام 2018.

واعتبر مراقبون أن زيارة بايدن شكلت انتصارا كبيرا للسعودية ودافعا معنويا قويا لولي العهد الذي نجح في التعاطي بذكاء مع ضغوط واشنطن.

ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض حرص بايدن على تجنب الأمير محمد في موقف لم تستسغه المملكة التي رأت أن مثل هذه السلوكيات تتعارض وروح العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين.

ولم يكتف بايدن بذلك بل منح الإذن بنشر تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ذكر فيه أن ولي العهد “أجاز” العملية التي أدت إلى مقتل خاشقجي، لكنّ الرياض نفت ذلك بشدة، وأكدت على تورط عناصر مارقة في الحادثة المروعة.

واعتبر المحلل كريستيان أولريتشسن من معهد جيمس بيكر بجامعة رايس الأميركية أنّ زيارة الأمير محمد إلى أوروبا تمثل “خطوة رمزية للغاية بعد عزلته بعد خاشقجي”.

وقال أولريشسن “بينما لم يكن هناك أي تنسيق سياسي رسمي في ‘الغرب’ ضد الأمير محمد بن سلمان منذ 2018، فإن الحقيقة هي أنه لم يزر أي دولة أوروبية أو في أميركا الشمالية منذ مقتل خاشقجي”.

في المقابل فإنه سبق لعدد من القادة الغربيين وبينهم الرئيسان الفرنسي واليوناني أن زارا المملكة وكان لهما لقاءات مع الأمير محمد.

وأوضح مصدر دبلوماسي فرنسي في وقت سابق أن “المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها ومواجهة التحديات المشتركة وصون الأمن والاستقرار في المنطقة ومحاربة الإرهاب ستكون في صلب محادثات الأمير محمد مع الرئيس إيمانويل ماكرون خلال لقائهما في قصر الإليزيه”، لافتا إلى أن زيارة بن سلمان للسعودية تأتي تلبية لدعوة من الرئاسة الفرنسية.

ولفت المصدر إلى أن الجانبين سيبحثان عدة ملفات “مهمة ورئيسية: هي الحرب الروسية – الأوكرانية، وأزمة الطاقة، والملف النووي الإيراني، والوضع في اليمن في ظل استمرار التدخل الإيراني من خلال تهريب الأسلحة والذخائر وإرسال خبراء عسكريين إلى جماعة الحوثي، والانتخابات الرئاسية في لبنان وأهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية كمطلب دولي لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار بعيدا عن التدخلات الخارجية وسيطرة الميليشيات التابعة لإيران على القرار في البلاد، إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين”، مشيرا إلى “أن علاقات الصداقة التي تربط الرجلين من شأنها تسهيل التفاهم حول هذه الملفات وتشعباتها”.

◙ زيارة بايدن شكلت انتصارا كبيرا للسعودية ودافعا معنويا قويا لولي العهد الذي نجح في التعاطي بذكاء مع ضغوط واشنطن

ويرى مراقبون أن الجانب الفرنسي يولي اهتماما خاصا بملف الغاز والنفط، مع سعي العديد من الدول خاصة في أوروبا للبحث عن موارد طاقة بديلة عن روسيا خشية أن تعمد الأخيرة إلى قطع إمدادات الغاز تماما بحلول الشتاء ردا على قرار الأوروبيين فرض حظر على النفط الروسي، إلا أن السعودية تؤكد احترامها لتعهداتها والتزامها بكلمتها وبالتالي تمسكها مثل غيرها من منتجي النفط بقرارات مجموعة “أوبك بلس” بقيادة الرياض وموسكو.

وقال المصدر إنه سيتم أيضا استعراض خطوات تشكيل مجلس شراكة استراتيجي سعودي – فرنسي، وتعزيز أوجه التعاون في مجالات الطاقة ومسار التعاون على صعيد تصنيع سفن وفرقاطات بالسعودية، في ضوء مذكرة التفاهم بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية المملوكة للدولة ومجموعة “نافال” الفرنسية الموقعة بين الطرفين في فبراير 2019.

وأعلنت الشركة السعودية للصناعات العسكرية في ديسمبر الماضي تدشين مشروع مشترك مع شركتي “فيجاك أيرو” الفرنسية و”دُسر” السعودية لبناء مصنع لهياكل الطائرات في المملكة. وذكرت الشركة أنه من المتوقع أن تصل إيرادات المشروع المشترك إلى 200 مليون دولار بحلول 2030.

ولعبت الأزمة المندلعة في أوكرانيا منذ فبراير دورا أساسيا في إدراك القوى الدولية ولاسيما الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الحاجة الماسة للسعودية، لاسيما على مستوى خلق التوازن في أسواق الطاقة العالمية.

ويقول المراقبون إن الأمير محمد سيسعى من خلال جولته الأوروبية لعقد شراكات مجزية في مختلف القطاعات، ولاسيما القطاع الدفاعي حيث يحرص الأمير محمد على استفادة بلاده من شراكات ناجحة لتركيز صناعة دفاعية محلية صلبة.

3