الطائرات المسيرة التركية تدخل على جبهة القتال في إثيوبيا

يتصاعد منسوب القلق الأميركي بشأن تأزم الأوضاع السياسية في إثيوبيا، وعبّرت واشنطن عن مخاوف إنسانية إزاء بيع تركيا طائرات مسيرة للسلطات الإثيوبية لمواجهة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي واستمرار الصراع المتواصل منذ أكثر من ثلاثة عشر شهرا.
واشنطن - عبّرت الولايات المتحدة عن قلقها من تدخّل الطائرات المسيرة التركية في جبهة القتال بين الحكومة الإثيوبية ومتمردي جبهة تيغراي، فضلا عن تنامي مبيعات أنقرة من الطائرات إلى أديس أبابا في خطوة لحسم الصراع القائم.
وقال مصدران إن هناك خلافات بين السلطات الأميركية وتركيا بشأن مبيعات تركيا من الطائرات المسيرة المسلحة إلى إثيوبيا، وأضافا أن هناك أدلة متزايدة على أن الحكومة الإثيوبية استخدمت الأسلحة ضد المقاتلين المتمردين.
وقال مسؤول غربي كبير إن “لدى واشنطن مخاوف إنسانية بالغة بشأن هذه المبيعات التي قد تتعارض مع القيود الأميركية على صادرات الأسلحة إلى أديس أبابا”.
تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية كشف أن تركيا زودت آبي أحمد بشكل غير معلن ببعض الطائرات المسيرة
وأسفر القتال المستمر منذ أكثر من عام بين الطرفين، والذي يعد أحد أكثر الصراعات دموية في أفريقيا، عن مقتل الآلاف من المدنيين وتشريد ملايين آخرين.
وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن المبعوث الأميركي إلى منطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان “ناقش التقارير عن استخدام طائرات مسيرة مسلحة في إثيوبيا والمخاطر المصاحبة لذلك على المدنيين خلال زيارة إلى تركيا الأسبوع الماضي”.
ورفضت تركيا، التي تبيع طائرات مسيرة للعديد من الدول في أوروبا وأفريقيا وآسيا، الانتقادات التي تتهمها بأنها تلعب دورا في زعزعة الاستقرار في أفريقيا، وقالت إنها على تواصل مع كافة الأطراف في إثيوبيا للحث على المفاوضات.وقال مسؤول تركي كبير إن واشنطن عبرت عن استيائها خلال العديد من الاجتماعات، في حين لم ترد الحكومة أو الجيش في إثيوبيا على طلبات للتعقيب.
والأسبوع الماضي وافقت الأمم المتحدة على إجراء تحقيق مستقل بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في إثيوبيا، في خطوة عارضتها الحكومة بقوة.
وقالت قوات إقليم تيغراي الاثنين إنها انسحبت من بعض المناطق الشمالية بعد تقدم قوات الحكومة، وطالبت في خطاب إلى الأمم المتحدة بفرض منطقة حظر طيران لمنع تحليق الطائرات المسيرة وغيرها من الطائرات المعادية فوق الإقليم.
وقيدت وزارة الخارجية الأميركية في مايو الماضي صادرات العتاد الدفاعي إلى القوات المسلحة الإثيوبية.
وفي سبتمبر الماضي وافق البيت الأبيض على فرض عقوبات على الضالعين، ولو على نحو غير مباشر، في سياسات تهدد الاستقرار وتؤدي إلى تفاقم الأزمة أو تعرقل المساعدات الإنسانية هناك، لكن لا يوجد أيّ مؤشر على أيّ تحرك مماثل ضد تركيا.
وامتنعت وزارة الخزانة الأميركية عن التعقيب بشأن ما إن كانت هذه العقوبات ستطبق على تركيا. وقال مسؤول كبير بوزارة الدفاع التركية إن أنقرة ليست لديها نية للتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد.
وكشفت بيانات جمعية المصدرين أن صادرات الدفاع التركية إلى إثيوبيا بلغت نحو خمسة وتسعين مليون دولار في الشهور الأحد عشر الأولى من 2021، مقارنة مع عدم وجود صادرات فعليا في العام الماضي.
ولم يؤكد مسؤولون أتراك وإثيوبيون علنا مبيعات الطائرات المسيرة، التي نشرت رويترز تقريرا بشأنها لأول مرة في أكتوبر الماضي، كما لم ترد وزارة الخارجية التركية على طلب للإدلاء بالمزيد من التفاصيل.
وكانت الوزارة قد قالت الأسبوع الماضي إن فيلتمان بحث مع نائب وزير الخارجية التركي التطورات في إثيوبيا والسودان والصومال.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن فيلتمان شدد على أن “الوقت قد حان كي تضغط كافة الأطراف الخارجية من أجل إجراء مفاوضات وإنهاء الحرب في إثيوبيا”.
وفي وقت سابق كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أن “النصر العسكري المذهل” الذي حققته القوات الحكومية في إثيوبيا على متمردي “جبهة تحرير تيغراي” مؤخرا، يعود فضله لقيام ثلاث قوى إقليمية، بينها تركيا، بتزويد أديس أبابا بطائرات مسيرة ضاربة.
وأضافت الصحيفة أنه على مدى الأشهر الأربعة الماضية زودت تركيا آبي أحمد بشكل غير معلن ببعض أحدث الطائرات المسيرة المسلحة، حتى عندما كانت الولايات المتحدة والحكومات الأفريقية تحث على وقف إطلاق النار ومحادثات السلام.
لكن تأثير الطائرات المسيرة كان مدهشا، حيث قصفت متمردي تيغراي وقوافل الإمدادات الخاصة بهم أثناء تحركهم باتجاه العاصمة أديس أبابا، مما أدى إلى تراجعهم منذ ذلك الحين وجعل شهورا من المكاسب في ميدان المعركة تذهب هباء منثورا.
وفي وقت سابق، نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسل الشؤون الأمنية دان صباغ، حول التعاون الإثيوبي - التركي، والذي قد يشمل صفقة طائرات مسيرة لاستخدامها في الحرب ضد تيغراي.
وقالت الصحيفة إن تقارير تحدثت عن رغبة إثيوبية بالحصول على مسيرات “بيرقدار تي بي 2” التركية بعد توقيع اتفاق أمني في أنقرة بين الحكومتين. وعززت من خلاله الحكومة الإثيوبية التحالف مع تركيا، والحديث عن رغبتها في نشر طائرات دون طيار في حربها ضد مقاتلي تيغراي.

جيفري فيلتمان: الوقت قد حان كي تضغط كافة الأطراف الخارجية من أجل إجراء مفاوضات وإنهاء الحرب في إثيوبيا
ووقّع آبي أحمد الاتفاقية أثناء زيارته إلى أنقرة في أغسطس الماضي مع الرئيس رجب طيب أردوغان، ولم يتم نشر تفاصيل الاتفاق، إلا أن مصادر أخبرت وكالة أنباء “رويترز” في أكتوبر أن إثيوبيا طلبت طائرة “بيرقدار تي بي 2” والتي تعتبر من أهم المعدات القتالية فعالية وقوة في العالم.
وجاءت زيارة آبي أحمد إلى تركيا بعد شهرين من طرد القوات الإثيوبية من العاصمة لإقليم تيغراي، وقبل العملية الجوية والبرية للجيش الإثيوبي في أكتوبر، والتي تم صدها بسرعة.
ولم تعلق أي من الحكومتين على صفقة المسيرات، لكن هناك أدلة على استخدام السلاح التركي، فقد وجد مقاتلو تيغراي أجزاء من قنبلة موجهة بالليزر، وأعطيت للصحافي والمحلل مارتن بلوت الشهر الماضي. واستخدمت تركيا هذه المسيرات في حربها ضد الانفصاليين الأكراد داخل أراضيها وفي العراق وسوريا، ثم نشرت تلك الطائرات في العاصمة الليبية طرابلس.
وتبلغ كلفة المسيّرة الواحدة ما بين مليون ومليوني دولار، وهو عشر كلفة مسيرات “بروتكتر” التي عبرت واشنطن عن استعدادها لبيعها إلى عدد محدود من الدول.
وتنتج تركيا نحو 130 نوعا من الطائرات المسيرة التي تسلح بها قواتها المسلحة وتصدّر بعض أنواعها إلى دول أخرى، وهو ما يجعلها واحدة من القوى العالمية البارزة في إنتاج واستخدام وتصدير هذا النوع من الأسلحة الحربية المتطورة، بحسب مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية.
وقال أردوغان، في تصريحات سابقة إن العالم أجمع يشيد بنجاح الطائرات التركية المسيرة المسلحة في مناطق النزاعات ومكافحة الإرهاب.