الضوابط المهنية للإعلام الجزائري تتعلق بالداخل فقط

يطالب وزير الاتصال الجزائري محمد مزيان، الصحافيين بضبط الممارسة الإعلامية واحترام القواعد المهنية، بينما تغرق وسائل الإعلام الرسمية بالتجاوزات المهنية واللفظية تجاه المغرب، ليتساءل ناشطون عن مكان الاحترافية والمهنية في الإعلام الجزائري على أرض الواقع.
الجزائر - ركز وزير الاتصال الجزائري محمد مزيان، خلال عرض شامل عن واقع قطاع الاتصال أمام لجنة الثقافة والاتصال والسياحة بمجلس النواب، على احترام قواعد آداب أخلاقيات المهنة، ووضع حد للترويج للمعلومات الزائفة أو المغرضة أو المضللة، فيما لم يتطرق إلى ضرورة الالتزام بهذه المعايير في وسائل الإعلام الرسمية عند تناولها القضايا الخارجية خصوصا المغرب الذي كان هدفا لحملات متعددة.
وأورد الوزير الجزائري جملة من النقاط للارتقاء بالإعلام ابتداء من الابتعاد عن العنف في البرامج والأعمال الدرامية الرمضانية، إلى القانون الأساسي للصحافي الذي تم استكمال دراسته على مستوى الأمانة العامة للحكومة، وتضمن جملة من الضمانات التي تكرس حق الصحافي في ممارسة نشاطه كما تحدث عن مجموعة من الواجبات التي تؤسس لخطاب صحفي مسؤول وتضع حدا للترويج للمعلومات الزائفة أو المغرضة أو المضللة، واحترام قواعد آداب أخلاقيات المهنة. غير أن هذا الحديث لا يخرج عن نطلق الجلسة التي تحدث خلالها مزيان بالنظر إلى أن الممارسات على أرض الواقع مختلفة تماما.
ويؤكد المتابعون للإعلام الجزائري ابتعاده عن المهنية وهموم المواطنين، مقابل تكريس مساحة واسعة للترويج للسلطة في الداخل وشن هجمات وحملات إعلامية ضد المغرب، رغم أن هذه الممارسات أفقدته المصداقية أمام الرأي العام، وهو ما يحاول الوزير تداركه بالحديث عن آداب الأخلاقيات والابتعاد عن التضليل والأخبار الكاذبة، لكنه في نفس الوقت لا يملك الصلاحيات لتطبيق هذه الدعوات على المواضيع التي تتناول القضايا الخارجية نظرا لأن تعليمات السلطات العليا تخالف هذه المنهج.
وأكدت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي أن الإعلام الجزائري فقد التأثير والإقناع على المستوى الشعبي بعد سنوات من غياب المهنية وتكريس العداء للمغرب كأساس للتعامل مع القضايا الخارجية.
وعلق ناشط على تصريحات الوزير الجزائري بخصوص الضوابط الأخلاقية والمهنية:
ElmoumniYassine@
وكتب آخر:
omaroma15352062@
وجاء في تعليق:
AljzayryZyn@
وتساءل ناشطون عن احترافية ومهنية الإعلام التي يرددها المسؤولون في كل مناسبة ولا أثر لها على الواقع:
bakimez25@
أي احترافية في هذا الإعلام التافه الذي استغله بعض النافذين وأصحاب الشكارة لأغراض ضد الشعب الجزائري ومكوناته ومعتقداته مكاتب قنوات فضائية أجنبية يسمونها بالذراع قنوات وطنية..
وأكد ناشطون أن مواقع التواصل الاجتماعي الجزائرية تغص بالمحتوى المسيء للمجتمع والقيم الأخلاقية دون رقيب لكن عندما يتعلق الأمر بالمحتويات السياسة الناقدة للنظام تهب السلطات لملاحقة ناشريها، وقالت ناشطة:
zina3177@
وكان الناشط السياسي والإعلامي سعيد بنسديرة قد أشار إلى أن الإعلام في الجزائر يشكل نقطة سوداء في عهد تبون، سواء في العهدة الأولى أو الثانية، مشيراً إلى أن هذا القطاع ساهم في تشويه سمعة البلاد. وأوضح أن الإعلام يضر بصورة الجزائر محلياً ودولياً، معتبرا أن قطاع الإعلام في الجزائر يسيء بشكل كبير إلى صورة الرئيس وإلى صورة البلاد على المستويين المحلي والإقليمي، بل وحتى الدولي، ما يستدعي اتخاذ خطوات عاجلة.
ويرى العديد من المتابعين أن الإعلام في الجزائر أصبح مجرد منابر تروج لخطاب السلطة حيث يفتقر إلى المهنية والموضوعية. ويعاني من ممارسات غير مهنية عديدة تتعلق بتشويه الحقائق وتزوير الأحداث، سواء داخل البلاد أو في ما يتعلق بتغطية الشؤون الإقليمية. كما يشير الكثيرون إلى أن الإعلام الجزائري أصبح أداة للهجوم على الدول المجاورة، مع دعم مستمر للمنظمات الإرهابية والانفصالية. وهذا الوضع يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة ويزيد من تعقيد العلاقات الإقليمية والدولية.
ورغم ذلك يبدو اهتمام المسؤولين منصبا على إطلاق الشعارات والحديث عن قوانين شكلية ففي مستهل مداخلته، أكد مزيان أن الإستراتيجية الحالية تأتي في إطار الإصلاحات الشاملة التي أطلقها الرئيس تبون، بهدف إرساء منظومة قانونية تتماشى مع المعايير الدولية، تضمن حرية التعبير وترسخ مبدأ الحق في الإعلام.
وأكد مزيان أن المرسوم الرئاسي منح أهمية ومكانة كبرى للمجلس الأعلى لآداب المهنة من خلال تمتعه بالاستقلالية المالية والإدارية على غرار ما هو معمول به عالميا، مبرزا أن المجلس سيساهم في إضفاء المصداقية على قراراته ويعزز حرية التعبير وحرية الصحافة واستقلاليتها كما سيتولى التدخل في مجال آداب وأخلاقيات المهنة وإعداد ميثاقها ليُقتدى به للارتقاء بممارسة إعلامية مسؤولة.
وأشار إلى الجهود المبذولة لمعالجة النقائص في التنظيمات السابقة عبر إصدار نصوص قانونية جديدة، تشمل القوانين الخاصة بالإعلام المكتوب والإلكتروني والنشاط السمعي البصري. أوضح أن هذه النصوص تهدف إلى تعزيز الاحترافية والارتقاء بالممارسة الإعلامية، مع وضع حد للمعلومات المضللة واحترام أخلاقيات المهنة.
ومن بين أبرز المستجدات، ذكر الوزير مشروع المرسوم التنفيذي الخاص بالقانون الأساسي للصحافي، الذي يحدد حقوق وواجبات الصحافيين ويضبط شروط الممارسة المهنية، بالإضافة إلى تشكيل المجلس الأعلى لأخلاقيات المهنة، الذي سيساهم في تعزيز ثقة الجمهور وتحقيق صحافة مسؤولة.
وفي ما يخص النشاط السمعي البصري، قال الوزير إن إنشاء القنوات الخاصة أصبح يخضع لنظام الرخصة، مع الالتزام بالقوانين المتعلقة بالسيادة الوطنية واحترام القيم والثوابت.
كما تم تبسيط إجراءات إصدار الصحف المكتوبة والإلكترونية بنظام التصريح بدلاً من الاعتماد، مما أسفر عن تسجيل نسب تكيف مرتفعة وصلت إلى 84 في المئة للصحافة المكتوبة و60 في المئة للصحافة الإلكترونية.
وأكد الوزير على أهمية رقمنة القطاع لمواكبة التطورات التكنولوجية، مشيرًا إلى رفع التجميد عن مشاريع هامة تهدف إلى تحسين خدمات الاتصال في مناطق الظل وضمان حق المواطن في الوصول إلى المعلومة. وتحدث عن تفعيل صندوق دعم الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية، لتعزيز أوضاع المؤسسات الإعلامية وتحسين المستوى المعيشي للصحافيين.
وفي ختام مداخلته، شدد وزير الاتصال على أن إصلاح المنظومة الإعلامية يمثل تحديًا كبيرًا، لكنه ضرورة لبناء إعلام وطني قوي، متنوع، وقادر على المنافسة دوليًا، بما يعكس صورة الجزائر الحضارية ويعزز مكانتها على الساحة الدولية.
واكتفى أعضاء لجنة الثقافة والاتصال والسياحة بالمجلس الشعبي الوطني بالإشادة بقرارات رئيس الجمهورية والمبادرات التي يتولاها القطاع الوزاري لتعزيز مجال الإعلام، كما أثنوا على مبادرة التكوين، مع التأكيد على أهمية إبراز الهوية الجزائرية في مختلف البرامج والحصص الإعلامية.
ودعا أعضاء اللجنة “إلى ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة وإعادة النظر في محتوى البرامج، خاصة ما يتعلق بالبث التلفزيوني”، مطالبين “بدعم البث الإذاعي في المناطق الحدودية لتعزيز التغطية الإعلامية.” وتساءل أعضاء اللجنة في هذا النقاش “حول الإستراتيجية التي يعتمدها القطاع لمواجهة التصعيد الإعلامي والتحديات المرتبطة به.”