الضغوط تجبر المركزي اللبناني على تثبيت إجراءات سحب الودائع

مصارف لبنان تسمح للمودعين بسحب الدولارات من حساباتهم مع دفع الأموال بالعملة المحلية بسعر صرف 3900 ليرة للدولار.
الجمعة 2021/06/04
قيود مجحفة على حساب المواطنين

بيروت- سعى حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة إلى طمأنة المودعين الخميس بأن المؤسسة المالية لم تفلس وأن ودائعهم لدى المصارف المحلية في أمان وستستعاد قريبا، وذلك بعد التراجع عن قرار بوقف السحب أثار احتجاجات.

وخرج اللبنانيون الغاضبون إلى الشوارع في وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي بعد إعلان المركزي عن وقف السحب من الودائع بالدولار بسعر صرف ثابت يقل كثيرا عن السوق غير الرسمية، لكنه أعلى من سعر الربط الرسمي.

وقالت الرئاسة في بيان عقب اجتماع شارك فيه سلامة “تقرر اعتبار التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ما زال ساري المفعول”.

ومنعت المصارف المودعين من السحب من حساباتهم الدولارية ومنعت التحويلات للخارج. لكن بموجب التعميم الصادر العام الماضي، سُمح لهم بسحب الدولارات مع دفع الأموال بالعملة المحلية بسعر صرف 3900 ليرة للدولار.

ويعادل ذلك نحو ثلث قيمة الدولار في السوق السوداء، حيث جرى تداوله اليوم بنحو 13 ألف ليرة للدولار، لكنه كان السبيل الوحيد أمام لبنانيين كثيرين للوصول إلى أموالهم. ويبلغ سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة للدولار.

دان القزي: اللبنانيون يخسرون 70 في المئة في قيمة ودائعهم

ويعاني لبنان أزمة مالية جسيمة ناتجة عن استشراء الفساد والهدر وسوء الإدارة على مدار عقود، وهي أزمة تهدد استقراره ووصفها البنك الدولي بواحدة من أعمق حالات الكساد المسجلة في العصر الحديث.

وكان قرار منع السحب الأخير قد أثار سخطا، حيث أغلق محتجون الطرق في بيروت بالإطارات المشتعلة واصطف الناس أمام أجهزة الصرف الآلي للسحب قبل سريان القرار.

وقال مصدر مسؤول كبير لوكالة رويترز، رافضا نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر، إن “خطوة وقف السحب ثم العدول عنها كانت مناورة سياسية لجعل المودعين يشعرون بالرضا عن سعر ثابت يكبّدهم خسارة كبيرة في أموالهم”. وعند صدور التعميم العام الماضي، كان سعر السوق السوداء حوالي نصف مستواه الآن وكانت هناك دعوات للبنوك لرفع السعر الثابت.

وقال المحلل الاقتصادي دان القزي “إذن فالناس الآن يتوسلون من أجل خسارة 70 في المئة في قيمة ودائعهم”.

وأدت الأزمة المالية إلى فقد وظائف وأثارت مخاوف من انتشار الجوع ودفعت أكثر من نصف سكان لبنان لما تحت خط الفقر. وخسرت الليرة اللبنانية نحو 90 في المئة من قيمتها منذ أواخر 2019.

وانخفضت الاحتياطيات الأجنبية لدى المركزي، التي تُستخدم لدعم سلع أساسية مثل الوقود والأدوية والقمح، من أكثر من 30 مليار دولار قبل الأزمة إلى نحو 15 مليارا في مارس.

وقال توفيق كسبار، خبير اقتصادي عمل مستشارا لصندوق النقد الدولي ولوزير مالية سابق، “هناك أزمة مصرفية كبيرة ولم يُعَاقب أي من الجناة، بل على العكس سُمح لهم بفعل ما يشاؤون، والجناة هم المصرف المركزي والبنوك التجارية”.

وتوقع البنك الدولي في تقرير هذا الأسبوع انكماشا جديدا للناتج المحلي الإجمالي اللبناني بنسبة 9.5 في المئة في 2021. وكان الناتج تقلص بالفعل من 55 مليار دولار في 2018 إلى ما يقدر بنحو 33 مليار دولار العام الماضي. وقال إن الأزمة، التي أدت إلى نقص في السلع الأساسية المستوردة، تفاقمت بسبب “الفراغ المؤسسي المضني” الناجم عن الأزمة السياسية.

11