الضغوط الدولية تفشل في الإفراج عن الانتخابات الصومالية

مقديشو تمدد مجددا الموعد النهائي لاستكمال انتخابات البرلمان.
السبت 2022/02/26
تعثر الانتخابات يعمق أزمات الصومال

للمرة الخامسة على التوالي فشل الصومال في الالتزام بتعهداته لإتمام انتخابات البرلمان الممهدة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، ما يضع مقديشو أمام تحديات قد تفاقم أزماتها المتعددة بعد تلويح صندوق النقد الدولي بقطع برنامجه كليا وتهديد الولايات المتحدة بعقوبات أكثر صرامة.

مقديشو - يعكس إعلان الصومال الجمعة عن التمديد في مهلة استكمال انتخابات مجلس النواب إلى الخامس عشر من مارس القادم فشل الضغوط الدولية في تحقيق انفراجة سياسية في البلد الذي يعيش على وقع أزمات متعددة.

ويقول مراقبون إن التأجيل الجديد للعملية الانتخابية التي تم تأخيرها مرارًا يزيد من تعقيد المشهد السياسي المعقد أصلا في الصومال ويختبر مدى قدرة المجتمع الدولي على تجاوزه بعد فشل سلاح التلويح بفرض عقوبات.

وكان من المقرر الانتهاء من انتخابات مجلس النواب الجمعة وفقا لاتفاق جديد وتمهيد الطريق لتسمية الرئيس، لكن نائب وزير الإعلام عبدالرحمن يوسف قال في اليوم نفسه إن الموعد النهائي محدد في الخامس عشر من مارس القادم.

وأضاف يوسف “أعرب المجلس الاستشاري الوطني عن خيبة أمله لعدم تمكنه من الالتزام بالمهلة المحددة”.

وتأخر إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية جراء خلافات سياسية بين رئيس البلاد محمد عبدالله فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسين روبلي، وأخرى بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية بشأن إجراءات العملية الانتخابية.

عبدالرحمن يوسف: نعرب عن خيبة أمل لعدم الالتزام بالمهلة المحددة

واتفق الفرقاء على استكمال انتخابات مجلس الشعب خلال 40 يوما بين الخامس عشر من يناير والخامس والعشرين من فبراير الجاري.

وبمجرد الانتهاء من انتخابات مجلس النواب حيث تم انتخاب 175 عضوا من أصل 275 سيتمكن المجلسان من تعيين الرئيس.

وانتهت ولاية البرلمان في السابع والعشرين من ديسمبر 2020، كما انتهت ولاية فرماجو في الثامن من فبراير2021، لكنه مستمر في منصبه في ظل تعثر إجراء الانتخابات.

ويأتي إعلان التأجيل بعد أيام من إعلان صندوق النقد الدولي أن المزيد من التأخير قد يؤدي إلى وقف برامجه كليا.

وعلى صندوق النقد الدولي الانتهاء من تقييم برامجه منتصف مايو، بما في ذلك العديد من النقاط الرئيسية المتعلقة بالإصلاحات المستقبلية التي يجب أن تصادق عليها الحكومة الجديدة.

ويعد الصومال واحدا من أفقر دول العالم، إذ يعيش قرابة سبعين في المئة من سكانه على أقل من 1.9 دولار يومياً، ويكافح للتعافي من عقود من الحرب الأهلية، كما يواجه تمرداً إسلامياً منذ عقود.

وتعاني الحكومة الفيدرالية شهرياً من عجز قدره عشرة ملايين دولار لتغطية النفقات الضرورية مثل رواتب الموظفين.

وحذر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الصومال جيمس سوان من مغبة “استمرار التوترات السياسية بين القادة الصوماليين”، مشيرا إلى أن “الخطر لا يزال قائما، فمن الممكن أن يؤدي سوء التقدير إلى تحول الوضع الحالي من التوتر إلى مرحلة الصراع”.

ودعا سوان إلى “اتخاذ إجراءات تصحيحية من جانب المسؤولين عن العملية الانتخابية لضمان أن تكون الانتخابات مقبولة على نطاق واسع لدى كل الصوماليين”.

وتتبع الانتخابات الصومالية نموذجا معقدا وغير مباشر، إذ يتم اختيار حوالي 30 ألف مندوب عشائري لاختيار 275 نائبا لمجلس النواب، فيما تنتخب خمس هيئات تشريعية في الولايات أعضاء مجلس الشيوخ. ثم تصوت غرفتا البرلمان لانتخاب الرئيس المقبل.

وفي وقت سابق قيدت الولايات المتحدة إصدار التأشيرات للمسؤولين الصوماليين الحاليين والسابقين والأفراد المتهمين بـ"تقويض العملية الديمقراطية" في الصومال.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن القيود ستُطبق على الذين شجعوا وشاركوا في العنف ضد المتظاهرين وترهيب الصحافيين وأعضاء المعارضة والتلاعب بالعملية الانتخابية.

يصعب إقناع المواطن بأهمية الاستحقاق التشريعي.. فماذا عن الفاعلين السياسيين
يصعب إقناع المواطن بأهمية الاستحقاق التشريعي.. فماذا عن الفاعلين السياسيين 

وقال بلينكن "أفضل طريق نحو سلام مستدام في الصومال هو من خلال الانتهاء سريعا من انتخابات ذات مصداقية".

وأضاف “يتعين على زعماء الولايات على الصعيدين الوطني والاتحادي في الصومال الوفاء بالتزاماتهم تجاه استكمال العملية البرلمانية بطريقة تتسم بالمصداقية والشفافية بحلول الخامس والعشرين من فبراير”.

ويتوقع مراقبون أن تتخذ الولايات المتحدة بعد هذا التأجيل الجديد في الانتخابات عقوبات أكثر صرامة على المسؤوليين الصوماليين قد تشمل مصادرة أصولهم وتعليق منح مساعدات لمقديشو.

ولا توجد حكومة مركزية تتمتع بسلطة واسعة منذ 30 عاما في الصومال، حيث تُجرى انتخابات غير مباشرة مطولة لاختيار قيادة جديدة، والتي كثيرا ما تُعلق وسط مواجهة بين الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء.

وفي أبريل أدت محاولة الرئيس لتمديد فترة ولايته التي تبلغ أربع سنوات لمدة عامين، إلى قيام فصائل الجيش الموالية لكل رجل بالاستيلاء لفترة وجيزة على مواقع متنافسة في مقديشو.

ويُنظر على نطاق واسع إلى النزاع المحتدم منذ شهور على أنه يصرف انتباه الحكومة عن محاربة تمرد إسلامي.

وتُعد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي كثيرا ما تنفذ هجمات في مقديشو وأماكن أخرى بالصومال من العوامل المعطلة للانتخابات أيضا.

وفي منتصف فبراير استهدف مهاجم انتحاري حافلة صغيرة تحمل مندوبي انتخابات في مقديشو مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل لم يكن من بينهم مندوبون.

توقعات بأن تتخذ واشنطن بعد هذا التأجيل الجديد في الانتخابات عقوبات أكثر صرامة على المسؤوليين الصوماليين قد تشمل مصادرة أصولهم

ويزيد تفاقم التفجيرات الانتحارية في الصومال المشهد الأمني تعقيدا إذ أنها قادرة على النيل من أهداف حساسة، فيما يقول محللون إن هدفها عرقلة الاستحقاق الانتخابي.

ويعكس التغير في الأسلوب التقليدي للتفجيرات الانتحارية التي كانت تتم بالسيارات المفخخة، واعتمادها على تكتيك الشخص الانتحاري بواسطة الأحزمة الناسفة، مدى سعي حركة الشباب الإرهابية لخلط أوراق القوات الحكومية التي تعتمد أسلوب الحواجز الأمنية لصد الهجمات.

وتسير عملية الانتخابات البرلمانية وسط مخاوف من حدوث أحداث أمنية قد تعكر صفو أمنها في ظل ارتفاع ملحوظ في الهجمات الانتحارية خلال الشهرين الأخيرين.

ويلفت المحلل السياسي عبدالرحمن معلم إلى أن استهداف الناخبين (مندوبي الانتخابات) في هذا التوقيت “يشكل تهديدا مباشرا للعملية الانتخابية”.

وأضاف معلم أن “أي قلق أمني يشعر به الناخبون (المندوبون القبليون) سوف يؤثر سلبا على سير عمليات الانتخابات وهذا ما تسعى له عناصر حركة الشباب”.

ويقول النائب الصومالي السابق محمد عمر طلحة “عادة ما تشهد البلاد خلال فترة الانتخابات (المرحلة الانتقالية) حالة من الانفلات الأمني نتيجة الأحداث الأمنية المتسارعة التي تشتد وتيرتها بسبب التفجيرات والهجمات الانتحارية لمقاتلي الشباب”.

2