الضغوط الاقتصادية تقود خارطة التقارب المصري - التركي

مرّت عشر سنوات من الجفاء السياسي بين تركيا ومصر، هل ينهيها التقارب التجاري؟ هذا ما يطمح إليه وزيرا التجارة في البلدين اللذان وعدا بزيادة التبادل التجاري بينهما ليصل إلى 15 مليار دولار خلال خمسة أعوام.
أنقرة – أعلن وزير التجارة التركي عمر بولات الثلاثاء أن بلاده ومصر وضعتا للأعوام الخمسة المقبلة خارطة طريق للتجارة المتبادلة، وحددتا هدف بلوغ 15 مليار دولار في التبادل التجاري.
يأتي ذلك بالتزامن مع القيام بمحاولات لرأب الصدع بين تركيا ومصر، والعمل على إحداث تقارب ترعاه دول خليجية. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال إثر جولة شملت السعودية وقطر والإمارات وشمال قبرص التركية إن “تطوير علاقاتنا مع مصر سيعزز طاقاتنا الاقتصادية، وسأقوم بزيارة إلى ليبيا وربما تكون هناك جولة تشمل بعض دول شمال أفريقيا”.
ولفت الرئيس التركي إلى أنه لمس من قادة دول الخليج التي زارها (الشهر الماضي) ترحيبا بإعلان تركيا ومصر رفع علاقاتهما الدبلوماسية إلى مستوى السفراء مؤخرا.
وقال “في لقاءاتي الخاصة مع القادة خلال زيارتي لدول الخليج، لمست أن الخطوة التي اتخذناها بشأن مصر (رفع العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء) جعلتهم سعداء حقا. وجميعهم شكرونا على الخطوة”. وبيّن أن الوزراء ورجال الأعمال يطورون العلاقات مع مصر، مؤكدا أن علاقات تركيا مع مصر ستتطور بشكل مختلف للغاية.
وتندرج استضافة بولات وزيرَ الصناعة والتجارة المصري أحمد سمير صالح، والوفد المرافق له من عالم الأعمال، في مقر وزارة التجارة بأنقرة ضمن الجهود التي يبذلها البلدان لتناسي مرارة الماضي القريب والعمل على إزالة الخلافات السياسية القائمة بينهما.
وفي تصريحات، عقب اللقاء المغلق، أشار بولات إلى أن هناك إمكانيات كبيرة للتعاون بين البلدين، وذكر أن مصر هي الشريك التجاري الأول لتركيا في القارة الأفريقية.
وقال “إن حجم التبادل التجاري بين البلدين اقترب من 10 مليارات دولار خلال العام الماضي”، وأشار إلى أن مجمل الحجم الاقتصادي للبلدين يتجاوز تريليون دولار.
ونوه بولات بأن كلا البلدين “مركز قوة مهم” في منطقتهما كقوة اقتصادية وقاعدة تجارية. ولفت إلى أن اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ومصر دخلت حيز العمل في 2007 واستمرت دون انقطاع.
وأوضح أن حجم التبادل التجاري كان 1.6 مليار دولار في 2007، وبعد 15 عاما اقترب من مستوى 10 مليارات دولار.
وأضاف “في اجتماع اليوم (الثلاثاء) وضع وفدا البلدين خارطة طريق للتجارة المتبادلة في السنوات الخمس المقبلة، وفي هذا الإطار حددنا هدفا بقيمة 15 مليار دولار للتجارة المتبادلة، ونهدف للوصول إلى هذا الرقم في وقت أقصر”. وقال بولات “إن اللجنة المشتركة لاتفاقية التجارة الحرة ستعقد اجتماعا في أنقرة في أقرب وقت ممكن لمناقشة القضايا على المستوى الفني”.
وأكد على أن رجال الأعمال والصناعيين الأتراك لم يغادروا مصر حتى في أصعب الأوقات. ولفت إلى أن الاستثمارات التركية في مصر وصلت إلى مستوى ملياري دولار، منوها بأن هذا الوضع يظهر ثقة رجال الأعمال الأتراك في القوى العاملة المؤهلة والقدرة الإنتاجية في مصر.
ومشيرا إلى أنهم سيعملون أيضا على تحقيق التنويع القطاعي للاستثمارات في المستقبل، قال بولات إن “اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلين للاستثمارات” و”اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي” ساريتان بين البلدين، “وهو أمر إيجابي من أجل تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية المتبادلة بشكل أكبر”.
وأوضح أن شركات المقاولات التركية تولت 27 مشروعًا بقيمة 1.2 مليار دولار في مصر حتى اليوم. وأعرب عن رغبة المقاولين الأتراك في تولي أعمال في كافة مشاريع البنية التحتية والفوقية التي تحتاجها مصر، بما في ذلك بعض المشاريع العملاقة، وذلك “بجودة عمل عالية وكفاءة فنية وأسعار تنافسية”.
2
مليار دولار حجم الاستثمارات التركية العاملة في السوق المصرية حاليا، وفق الخارجية المصرية
وذكر الوزير التركي أن التقارب التاريخي والثقافي بين البلدين يتيح أيضًا فرص عمل مهمة في قطاع الخدمات. وبيّن أن قطاعات السياحة والصحة والتعليم وصناعة الأفلام والمسلسلات تخلق فرصًا جديدة في التجارة المتبادلة بين البلدين. ولفت إلى أن المسلسلات التركية تحظى بشعبية في مصر، معربا عن سعادته بذلك.
وأكد بولات أنهم سعداء بالأصداء الإيجابية في الرأي العام تجاه التطورات التي تشهدها العلاقات التركية – المصرية في الفترة الأخيرة. وشدد على أن زيادة تطوير العلاقات بين تركيا ومصر “ستسهم بشكل كبير في حل المشاكل في حوض البحر المتوسط بأسره، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
وبيّن أن الحكومة وعالم الأعمال في البلدين سيبذلان جهودا عقب اللقاء بين الجانبين لتعزيز العلاقات. وأوضح بولات أن الفترة المقبلة ستشهد تنظيم العديد من منتديات الأعمال لجمع دوائر الأعمال من البلدين.
من جهته أكد وزير الصناعة والتجارة المصري أحمد سمير صالح أن البلدين تربطهما علاقات تاريخية. وأعرب عن سعادته بعقد اللقاء من أجل تطوير العلاقات بين البلدين، مبينا أنهم سيعملون على دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى الأمام أكثر.
وأشار صالح إلى أن وفدي البلدين ناقشا خلال اللقاء قضايا مهمة. وأكد أنهما سيزيدان التعاون والاستثمار والتجارة بينهما. وذكر أن الحكومة المصرية اتخذت إجراءات لحل المشاكل التي تعاني منها الشركات وتسهيل إصدار التأشيرات.
بدوره أعرب رئيس اتحاد الغرف والبورصات في تركيا، رفعت هصار جيكلي أوغلو، عن شكره لكل من ساهم في هذه المرحلة، وفي المقدمة زعيما البلدين.
1.2
مليار دولار قيمة المشروعات التي ينفذها المقاولون الأتراك في مصر
وبخصوص استثمارات رجال الأعمال الأتراك في مصر، بيّن أنهم يريدون المشاركة في مشاريع النقل والبنية التحتية، لاسيما السكك الحديد. وأكد أن عالم الأعمال التركي مستعد لتقديم الدعم من أجل تطوير العلاقات.
من جانبها قالت وزارة التجارة والصناعة المصرية إن الوزير أحمد سمير بدأ زيارة إلى تركيا (خلال الفترة 1 – 3 أغسطس الجاري) بدعوة من نظيره التركي، موضحة أن الزيارة “تعد أول زيارة متبادلة بين وزراء التجارة (بالبلدين) في السنوات العشر الماضية”.
وذكرت الوزارة في بيان أن وزير التجارة المصري اتفق مع نظيره التركي على “خارطة طريق لتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية واستهداف زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة”. كما اتفق الطرفان على “عقد اجتماع اللجنة المشتركة في المستقبل القريب لتوسيع تغطية اتفاقية التجارة الحرة القائمة بين البلدين”.
وأشار البيان المصري إلى أن الوزيرين “اتفقا على إقامة تعاون مشترك وطيد لتوفير التسهيلات اللازمة للمستثمرين بهدف زيادة الاستثمارات المتبادلة، وتكثيف تنظيم فعاليات مشتركة من خلال المنظمات التي تجمع دوائر الأعمال من البلدين”. وأضاف البيان “في ضوء التوجهات العالمية الحالية قرر الوزيران بحث إمكانية استخدام العملات المحلية في التجارة الثنائية خلال الفترة المقبلة”.
كما اتفق الوزيران على عقد اجتماع في إطار آلية المشاورات التجارية رفيعة المستوى خلال زيارة الوزير الدكتور عمر بولات إلى مصر في الفترة المقبلة بدعوة من نظيره المصري. ولفت البيان إلى أن الوزيرين عقدا اجتماعا موسعا بحضور ممثلي مجتمع الأعمال من البلدين “لنقل وجهات نظرهم وتقييماتهم لتطور العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وتركيا”.
ووفق وزارة التجارة المصرية “بلغ حجم الاستثمارات التركية العاملة في السوق المصرية حاليا 2 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة المشروعات التي ينفذها المقاولون الأتراك في مصر نحو 1.2 مليار دولار”.