الضغط النفسي الناجم عن كورونا يؤثر على العلاقات الرومانسية

برلين - أدى تفشي جائحة فايروس كورونا إلى تقليص أنشطتنا الاجتماعية، وإلى عمل الكثير منا عن بعد أو رعاية الأطفال وتعليمهم في المنزل أو كل ذلك جميعا. لقد أثر وباء كورونا لأكثر من عام على عدد كبير جدا من جوانب حياتنا بما في ذلك العلاقات الرومانسية، حيث أدت قرارات الإغلاق إلى بقاء الكثير من الأزواج سويا طوال الوقت، أو إلى عدم تمكن مجموعة أخرى من الأزواج من رؤية بعضهم البعض، وذلك بسبب القيود التي تم فرضها على حركة السفر في إطار الجهود المبذولة لمكافحة تفشي فايروس كورونا.
وقد كشف استطلاع حديث للرأي شمل ألفا وشخصا تتراوح أعمارهم بين 18 و69 عاما، وأجرته وكالة “بارشيب” للمواعدة عبر الإنترنت ومقرها هامبورغ، أن العيش في ظل الظروف المرتبطة بالوباء أدى إلى حدوث المزيد من مشاكل العلاقات، بواقع نحو زوجين من بين كل أربعة أزواج. وقال 27 في المئة من الرجال الذين شملهم الاستطلاع و20 في المئة من النساء إنهم يشعرون بأنهم كان يتعين عليهم قضاء الكثير من الوقت مع نصفهم الآخر المهم بالنسبة إليهم.
ومن جانبه يقول معالج المشاكل الزوجية إريك هيغمان إن الوباء يمكن أن يكون بمثابة مرآة حارقة بالنسبة إلى المشاكل التي تحدث في إطار العلاقات “التي بالطبع لا يتمكن الكثير منها من الصمود”.
من ناحية أخرى يقول المعالج النفسي والمؤلف فولفغانغ كروجر إن الوباء يمثل حالة ضغط نفسي غير عادية بالنسبة إلى جميع العلاقات الرومانسية “وخاصة أن نهايته من غير الممكن التنبؤ بها. فنحن نعاني من القدر الأكبر من الضغط النفسي عندما لا يكون هناك ضوء في نهاية النفق”.
ويؤكد كروجر أنه “مثلما يحتاج الحب إلى التقارب، فإنه يحتاج أيضا إلى المساحة”. ويقول إنه بالنسبة إلى العديد من الأزواج تسبب الوباء في الإخلال بالتوازن بين التقارب والمساحة، وهو أمر مهم من أجل وجود علاقة صحية. ويشير إلى أن الأزواج الذين يعيشون سويا لا يكادون يبتعدون عن بعضهم البعض، لذلك فإن الشجارات تزداد حتما تقريبا بينهم.
وحتى لو كانت الشقة التي يشتركون في العيش بها صغيرة، فمن المهم أن يتابع شركاء الحياة اهتماماتهم الفردية وأن يتركوا بعضهم البعض بمفردهم أحيانا. ويضيف “قد يكون المرء يمارس القراءة وعقله بعيد، بينما يكون الطرف الآخر يطبخ مثلا. ويعد التناوب بين التقارب والاستقلال بالنفس أمرا مهما لكي يحيا الحب ويدوم”.
وتعد سعادة كل شريك في العلاقة سببا في نجاحها واستمرارها. ونتيجة لذلك يقول كروجر “قبل أي شيء، يتعين على الأزواج ترسيخ علاقاتهم الذاتية أثناء فترة الوباء”.
وقد سقطت الكثير من عاداتنا السابقة على جانب الطريق، وقد اقتصر المرء في علاقاته على نفسه وعلى العلاقة مع شريك حياته وعدد قليل من المعارف المقربين. ويقول كروجر إن تقرير المصير والإبداع والسعي وراء الأهداف الشخصية هي كلها أمور مهمة. ويمكن استغلال الوقت الإضافي في الكتابة أو الرسم أو تعلم لغة أجنبية على سبيل المثال.
ويشير كروجر إلى أن “الأزواج يكونون أكثر سعادة عندما يشعر كل شريك بأنه قادر على التعامل مع الوباء على نحو خلاق”.
وبالنسبة إلى الكثير من الأزواج، أثبت التواجد المستمر معا تقريبا أنه أمر ثقيل على النفس. ولكن ماذا لو كان شريك الحياة الرومانسي يعيش في منطقة مختلفة، أو دولة مختلفة، أو حتى في قارة مختلفة؟
وتقول كريستينا شويتس وهي عضو بالجمعية الألمانية للمعالجين النفسيين “من المؤكد أن هذه العلاقات تخضع حاليا لاختبار قاسٍ”.
وفي حين أن الكثير من قنوات الاتصال الرقمية يمكن أن تساعد في تخفيف آلام العلاقات المستمرة رغم بعد المسافة بين طرفيها، فإنها بالطبع ليست بديلا عن التواصل الشخصي، بحسب ما تقول شويتس.
وعلى الرغم من المصاعب التي يسببها الوباء تسير الكثير من العلاقات الرومانسية بصورة جيدة جدا بشكل مثير للدهشة بحسب كروجر الذي يشير إلى أن الكثير من الأزواج يظهرون مشاعر تجاه بعضهم البعض بقدر أكبر من ذي قبل.
ويشعر هيغمان أيضا أن أزمة فايروس كورونا قد أدت إلى تعزيز الروابط بين الكثير من الأزواج. ويقول “لقد أظهروا أنهم يمكنهم أن يعملوا كفريق واحد وأن يعتمدوا على بعضهم البعض. وذلك يمنحهم الثقة في قدرتهم على مواجهة المزيد من التحديات سويا”.