الضحك بلسم اللبنانيين في حياتهم اليومية

اللبنانيون يتجهون بشكل متزايد إلى الكوميديا السوداء لتوليد الفكاهة من الفوضى اليومية.
الجمعة 2021/09/03
الكوميديا السوداء

يقولون إن الشيء إذا بلغ حده انقلب إلى ضده، ولعل هذا القول ينطبق على اللبنانيين الذين أصبحوا يسخرون من قسوة الأيام والأزمات التي يعيشونها بالضحك الذي أمسى بلسمًا لجراحهم ومعاناتهم اليومية.

بيروت - تحافظ ممثلتان كوميديتان على الهدوء في لبنان الذي ضربته الأزمة من خلال السباحة في حوض قابل للنفخ في غرفة المعيشة، مع غياب الكهرباء للتكييف أو الوقود لقيادة السيارة إلى الشاطئ.

تقول إحدى النساء، وهي طرف من شريحة جديدة من اللبنانيين الذين يختارون الضحك في وجه الكارثة، “عند تشغيل المولّد الكهربائي سنضيء الغرفة للتمتع ببشرة سمراء”.

ويتجه اللبنانيون بشكل متزايد إلى الكوميديا السوداء لتوليد الفكاهة من الفوضى اليومية، سواء كان ذلك بسبب انقطاع التيار الكهربائي أو بسبب الطوابير التي تبقى متواصلة  على مدى ساعات في محطات الوقود أو نتيجة تخفيض قيمة العملة.

وقالت ناتالي مصري، التي أطلقت صفحة “كوفي بريك” مع صديقتها وشريكتها نادين شلهوب في 2018، “السخرية هي وسيلتنا للبقاء”. وكانت منشوراتهما الأولى عبارة عن تعليقات اجتماعية في الغالب. ولكن عندما بدأ الانهيار المالي في لبنان بعد سنة تحولتا إلى مواضيع النقص اليومي واسع النطاق الذي صار يطبع الحياة اليومية. وقالت شلهوب ضمن مقطع فيديو في مايو 2020 “لماذا تحتاج إلى غاز الطهي؟ فقط افرك حَجرتين معا وستشعل النار”.

ونشرتا صورة ساخرة عما يحتاجه اللبنانيون في 2021، وتشمل أجندة لتتبع انقطاع الكهرباء وتوفره، وأدوية أعصاب من الخارج، في إشارة إلى عجز الصيدليات عن توفير الأدوية محليا.

كما أنهما ليستا وحدهما في استنباط الفكاهة والسخرية من الواقع الجديد، فوسائل التواصل الاجتماعي اللبنانية مليئة بروح الدعابة.

وينشر المؤلف المجهول لليبانيز ليرة، الذي كتب في وصفه على تويتر “أنا أنهار”، عن سعر صرف الليرة المتقلب في السوق السوداء. وتمتلئ محادثات واتساب بالجوانب الساخرة أيضا: النكات حول “اتجاه الموضة” الجديد للقمصان نصف المكويّة وسط انقطاع التيار الكهربائي أو الفخر الساخر في تحقيق لبنان درجة صفر لانبعاثات الكربون لأن الخزانات الفارغة تبقي السيارات في المنزل.

وفي برنامج تعليمي ساخر على إنستغرام يوضح فريد حبيش لمتابعيه البالغ عددهم 156 ألف متابع كيفية تحويل الثلاجات إلى خزانات ملابس إضافية لأن انقطاع التيار الكهربائي جعلها عديمة الفائدة ولا تصلح لخزن الطعام.

وقال حبيش إن “الأمر لا يتعلق بالإلهام بل بالواقع وإن المنشورات تقدم للناس آلية جماعية للتعامل مع أزمة يصنفها البنك الدولي على أنها واحدة من أسوإ الأزمات منذ 200 سنة”. وأعلن أنه يهدف إلى بعث الأمل في نفوس المتابعين بجعلهم يرون شخصا لا يزال يمزح رغم كل شيء.

وقالت الممثلة الكوميدية شادن إسبيرانزا “عندما نتشارك الألم والواقع نبكي معا. لكن يمكننا أيضا أن نضحك معا على سخافته (سخافة هذا الواقع)”، حتى أنها تندّرت على التكلفة الباهظة لمنتجات النظافة النسائية المستوردة، وهو موضوع لا يزال من الممكن اعتباره من المحرمات في لبنان. وتابعت “تدعم الحكومة الفياغرا، لكنها لا تدعم السدادات القطنية”.

وقال حبيش “لم يعد بإمكاني أن أضحك على ما كنت أسخر منه قبل أسبوعين اليوم لأن الأزمة تزداد سوءا”.

وقد لا يكون النشر عبر الإنترنت خيارا في المستقبل القريب بسبب نقص الوقود في مراكز الاتصالات التي تزود خدمة الإنترنت.

وتحدثت صاحبتا صفحة “كوفي بريك” من مكتب بلا كهرباء، عبر هاتف محمول ببطارية متناقصة وقالتا إنهما تفكران في العمل في الخارج لأن انقطاع الكهرباء والإنترنت أدى إلى خروج مواعيد العمل عن مسارها، في حين أثار نقص آخر مخاوف على صحة أطفالهما الصغار. وقالت شلهوب “نريد أن نكون قادرين على كتابة، أتمنى أن تجدك هذه الرسالة الإلكترونية على ما يرام”.  

24