الصين مقاول من الباطن للتجارة النفطية لإيران وفنزويلا حول العالم

شركة اللوجستيات سي.سي.بي.سي لاعب محوري في التحايل على الحظر.
الجمعة 2021/07/23
نشاط خفي لكسر قيود العقوبات

كشفت معطيات حديثة أن الصين تعمل من تحت الطاولة لتحريك تجارة النفط في كل من إيران وفنزويلا بهدف التحايل على العقوبات الأميركية عبر توظيف إحدى أبرز شركات اللوجستيات المحلية للقيام بهذا الدور المحوري، والذي يقول محللون إنه يسلط الضوء على حدود نظام الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة.

لندن - أكدت مصادر مطلعة الخميس أن شركة اللوجستيات الصينية تشينا كونكورد بتروليوم (سي.سي.بي.سي) باتت لاعبا محوريا في توريد نفط إيران وفنزويلا الخاضع لعقوبات، حتى بعدما أدرجتها واشنطن على قائمة سوداء قبل عامين لتعاملها في الخام الإيراني.

ولم ينل تعاظم دور سي.سي.بي.سي ودخولها في مجال التجارة مع فنزويلا التغطية الإعلامية من قبل، ولكن التفاصيل التي أوردها عدد من الأفراد من بينهم مصدر مقيم في الصين مطلع على عمليات الشركة الصينية ومسؤولون إيرانيون ومصدر بشركة النفط الوطنية الفنزويلية يعطي دليلا على ضعف نظام العقوبات الأميركية.

وانخرطت سي.سي.بي.سي في تجارة النفط الفنزويلي هذا العام من خلال صفقات مع مصافي التكرير المستقلة الصينية الصغيرة المعروفة باسم “أباريق الشاي” وفقا لجداول تحميل شهرية وجداول تصدير وفواتير لشهري أبريل ومايو من العام الحالي تعود إلى شركة النفط الفنزويلية، إضافة إلى بيانات تتبع حركة الناقلات والمصدر الذي في الشركة الفنزويلية.

وسرعان ما أصبحت الشركة المسجلة في هونغ كونغ شريكا مهما لكراكاس، إذ حملت سفن من تأجيرها في ذلك الشهرين أكثر من 20 في المئة من إجمالي صادرات فنزويلا النفطية لتلك الفترة وبما تعادل قيمته نحو 445 مليون دولار من الخام.

جوليا فريدلاندر: تنامي تجارة النفط يُظهر تطور قدرات المستهدفين بالقيود
جوليا فريدلاندر: تنامي تجارة النفط يُظهر تطور قدرات المستهدفين بالقيود

وتوقفت مصاف عديدة في أنحاء العالم، ومنها شركات تكرير صينية تديرها الدولة، عن شراء الخام من إيران وفنزويلا بعد أن فرضت الولايات المتحدة العقوبات، مما حجب صادرات بالملايين من البراميل يوميا وقطع عن الدولتين دخلا بالمليارات من الدولارات.

وفي ظل اعتماد مالية البلدين على إيرادات النفط، انخرطت طهران وكراكاس منذ ذلك الحين في لعبة قط وفأر متقنة مع واشنطن لكي تستمر الصادرات، استخدمت فيها أساليب شتى لتفادي الانكشاف، مثل نقل الحمولات من سفينة إلى أخرى وشركات واجهة ووسطاء يعملون خارج دائرة النظام المالي الأميركي.

وبحسب اثنين من المصادر، دبرت سي.سي.بي.سي في العام الماضي ما لا يقل عن 14 ناقلة لشحن النفط من إيران أو فنزويلا إلى الصين.

وسعى متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لتبرير دور شركات صينية في تجارة النفط الخاضع لعقوبات وقال لرويترز “للصين علاقات تجارية طبيعية وشرعية مع إيران وفنزويلا في إطار القانون الدولي الذي ينبغي على الجميع احترامه وحمايته”.

وأضاف “تعارض الصين بقوة العقوبات الأحادية وتحث الولايات المتحدة على رفع الولاية القضائية طويلة الذراع عن الشركات والأفراد”.

ولا يتحرك المسؤولون الأميركيون عادة لمنع شحنات النفط الإيراني أو الفنزويلي التي يشتريها زبائن صينيون أو دوليون، لكن بوسعهم التضييق على المنخرطين في تلك التجارة عن طريق منع المواطنين الأميركيين والشركات من التعامل معهم، لتنبذهم البنوك الغربية.

وفي 2019 أضافت واشنطن سي.سي.بي.سي إلى قائمة للكيانات الخاضعة للعقوبات بسبب انتهاكها القيود المفروضة على التعامل في نفط إيران. ولم تعلق الشركة علنا على العقوبات ولم يتسن لرويترز معرفة مدى تأثرها بالإدراج على القائمة الأميركية السوداء.

Thumbnail

وبينما قالت ثلاثة مصادر في الصين إن سي.سي.بي.سي تزود نحو خمس مصافي تكرير صينية صغيرة بالنفط الإيراني، إلا أنها لم تذكر تفاصيل حولها، وأكد مسؤولون إيرانيون مطلعون أن شركة اللوجستيات الصينية لاعب محوري في تجارة نفط طهران مع بكين.

وبحسب رفينيتيف أويل ريسرش، تلقت الصين في المتوسط 557 ألف برميل يوميا من الخام الإيراني بين نوفمبر ومارس الماضيين، أو نحو خمسة في المئة من إجمالي واردات أكبر مشتر للنفط في العالم، لتعود إلى مستويات لم تُسجل منذ ما قبل إعادة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض العقوبات على إيران في 2018.

وبلغت واردات الصين من النفط الخام والوقود الفنزويلي 324 ألف برميل يوميا في المتوسط على مدار عام حتى نهاية أبريل، كما تشير إلى ذلك شركة تتبع الشحنات فورتكسا أناليتكس، وهو أقل من مستويات ما قبل العقوبات، لكن يتجاوز 60 في المئة من إجمالي صادرات نفط فنزويلا.

وبدأت العقوبات المفروضة على شركة النفط الوطنية الفنزويلية في 2019 في إطار مساع للإطاحة بالرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو.

وأحجمت الخزانة الأميركية عن التعليق عندما سُئلت عن دور سي.سي.بي.ٍسي الحيوي في تسهيل تجارة النفط من إيران وفنزويلا، لكنها قالت إنها تعمل بدأب.

وقالت جوليا فريدلاندر مسؤولة العقوبات الكبيرة السابقة في الخزانة الأميركية إن “تنامي تجارة النفط الخاضع للعقوبات يُظهر تطور قدرات المستهدفين بالقيود”.

وتابعت فريدلاندر، التي تعمل حاليا في مركز الاقتصاد الجيوسياسي التابع لمؤسسة مجلس الأطلسي، إنه “يُظهر أن هناك حدودا لما يمكن أن تحققه العقوبات الأميركية، خاصة عندما تستهدف لاعبين. أهدافهم مشتركة مثل تجار النفط لذا فإنك تعطي حافزا لمحاور المراوغة البديلة تلك”.

ويقول محللون في القطاع إن العقوبات الأميركية عصفت باقتصادي إيران وفنزويلا وكبلت أساطيل ناقلاتهما المستنزفة والمحتاجة إلى إصلاحات، وتبلغ سعة الأربع عشرة ناقلة التي دبرتها سي.سي.بي.سي نحو 28 مليون برميل من النفط. وقال مصدران إن “ناقلة أخرى على الأقل ترتبط بالشركة، لتصل السعة الإجمالية إلى حوالي 30 مليون برميل”.

ويُظهر مسح أجرته رويترز أن إيران صدرت أكثر من 600 ألف برميل من الخام في يونيو الماضي. وكانت الصادرات بلغت ذروتها عندما سجلت 2.8 مليون برميل يوميا في 2018، قبل فرض العقوبات، لكن رقم يونيو يزيد من 300 ألف برميل يوميا في 2020، وفقا لتقييمات من واقع بيانات تتبع

11