الصين تنظر ثانية إلى فرص صفقات الطاقة العالمية

بكين تتجه نحو تحديث إستراتيجية صناعة الطاقة عبر شركة سنبك.
الخميس 2024/08/29
منهمكون في مراجعة إستراتيجيتنا.. حوّل

بكين - يعطي توجه الصين إلى القيام بتحديث إستراتيجية صناعة الطاقة عبر شركة البترول الوطنية الصينية (سنبك) إقرارا بأهمية الاستعداد للمستقبل مع تنامي الطلب المحلي والنمو الديمغرافي وأيضا بسبب الأعمال التي تتطلب استهلاكا كبيرا.

وكشف روكوان لو رئيس ذراع الأبحاث في سنبك أن أكبر شركة منتجة للنفط في آسيا “تراجع إستراتيجيتها العالمية”، في إطار سعيها لإحياء الصفقات وتستهدف تسييل الغاز والحفر في أعماق البحار فضلا عن البناء على سجلها في إنتاج المزيد من الآبار القديمة.

وتواجه الشركة وذراعها المدرجة بتروتشاينا ركودا في إنتاج النفط في الداخل وندرة في المشاريع الجديدة عالميا لتعزيز الاحتياطيات حتى مع تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة استخدام السيارات الكهربائية، ما يؤدي إلى تآكل الطلب المحلي رغم أن الحواجز الجيوسياسية المتزايدة تحد من مجالها للمناورة.

وقال لو، مدير معهد أبحاث الاقتصاد والتكنولوجيا التابع للشركة والمشارك في المناقشات الإستراتيجية، لرويترز الأربعاء إن “سنبك قد تعيد إحياء الاستثمار في أصول النفط والغاز الكبيرة كمشغل”.

روكوان لو: سنبك ستعيد إحياء الاستثمار في الأصول الكبيرة كمشغل
روكوان لو: سنبك ستعيد إحياء الاستثمار في الأصول الكبيرة كمشغل

وتطرق إلى ما قامت به قبل عقدين بشرائها لشركة بتروكازاخستان الكندية مقابل 4 مليارات دولار واستحواذها على عمليات ديفون إنيرجي في إندونيسيا.

ويبدو أن التحول في الإستراتيجية بالنسبة إلى أكبر منتج للنفط في آسيا سيكون بمثابة عودة إلى التسعينات من القرن الماضي، والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما انتقلت إلى السودان وتشاد ونفذت الصفقات مع كازاخستان وإندونيسيا.

وشبه لو استثمارات الشركة في الخارج على مدى ثلاثة عقود بـ”سفينة تبحر إلى منتصف الطريق”، حيث أقر بحاجة شركة البترول الوطنية الصينية في الشروع في المزيد من عمليات الاستحواذ العالمية.

وقال لو، رئيس الإستراتيجية والتطوير السابق في الذراع الاستحواذية لمجموعة سنبك إنترناشيونال قبل الانتقال إلى شركة إتري، “يجب على المرء أن يبذل جهدًا أكبر، وإلا فسوف يتراجع إلى الوراء”.

ويرى محللون أن هذا الكلام يوفر لمحة نادرة عن التفكير الإستراتيجي لواحدة من أقوى الشركات المملوكة للدولة في الصين.

وتتمتع سنبك بالقوة اللازمة للتأثير على مشهد صفقات النفط والغاز، حيث تمتلك بتروتشاينا وحدها 37.5 مليار دولار من المكافئات النقدية في عام 2023.

وقال لو إن الشركة “قد تحاول توسيع استثماراتها في الغاز الطبيعي المسال في قطر، في أعقاب صفقة العام الماضي التي تربط حصة صغيرة في مصانع تسييل الغاز الضخمة التابعة لشركة قطر للطاقة باتفاقية شراء متعددة السنوات”.

وأوضح أنها ستبحث أيضا عن فرص في مساحة أعماق البحار في أميركا الجنوبية المجاورة للحقول في غيانا، حيث حققت شركة كنوك الصينية، وهي جزء من اتحاد بقيادة إكسون موبيل، اكتشافات جديدة ضخمة.

وتنتج بتروتشاينا أكثر من إكسون موبيل، لكن حصتها من الإنتاج في العمليات العالمية تقلصت إلى 11 في المئة العام الماضي، وفقًا لبيانات الشركة، من ذروة بلغت نحو 14 في المئة في عام 2019.

وقيدت الشركات الصينية عمليات الاستحواذ العالمية بعد انهيار أسعار النفط خلال الفترة بين عامي 2014 و2015.

وحذر لو من أنه في ظل القيود المفروضة على أهداف رئيسية غنية بالهيدروكربونات مثل فنزويلا وإيران وروسيا، فإن الخيارات الأكثر عملية تشمل تمديد العقود القائمة مثل تلك الموجودة في كازاخستان وإندونيسيا، والتي تقترب من انتهاء صلاحيتها.

وقال إن “أكبر قوة لشركة بتروتشاينا هي استخراج المزيد من النفط من الحقول القديمة”، وهي القدرة التي تم تطويرها على مدى عقود في حقل داتشينغ الشاسع الذي لا يزال منتجًا في شمال شرق الصين.

ويتوقع المحللون في وود ماكنزي انتعاش عمليات الاستحواذ الدولية من قبل شركات النفط الوطنية بعد أدنى مستوى لها في عقدين في العام الماضي مع إعادة تركيز الصناعة على النفط والغاز وسط تباطؤ في نشاط انتقال الطاقة.

سنبك تتمتع بالقوة اللازمة للتأثير على مشهد صفقات النفط والغاز، حيث تمتلك بتروتشاينا وحدها 37.5 مليار دولار من المكافئات النقدية في عام 2023

وذكرت وود ماكنزي أن “تطوير الأعمال الدولية لا يزال يمثل أولوية رئيسية لأكبر شركات النفط الوطنية في الصين، لكنها تبنت نهجًا حذرًا في عقد الصفقات في السنوات الأخيرة”.

وقال روكوان إن شركة سنبك ربما تواجه أعلى العقبات الجيوسياسية منذ أن خاضت أول مغامرة في الخارج في عام 1993.

وامتنعت الشركات الصينية عن القيام باستثمارات جديدة في روسيا مع خروج شركات عالمية أخرى في أعقاب شن روسيا حربا على أوكرانيا، رغم أن بكين هي واحدة من أكبر زبائن النفط الروسي ومشتر سريع النمو للغاز الطبيعي.

وأعاقت العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة الفرص هناك، حيث تم عقد صفقات بقيمة 250 مليار دولار خلال توحيد الصناعة العام الماضي.

ولا تمتلك سنبك وبتروتشاينا، التي تم شطبها من بورصة نيويورك للأوراق المالية في عام 2022 بسبب التدقيق، أي أصول إنتاجية أميركية.

ويحذر روكوان من أن تحالفاته التي تجمع خبرة سنبك في البناء والهندسة مع الفطنة التجارية والقانونية لشركات النفط الكبرى، مثل تلك الموجودة في كاشاجان بكازاخستان مع شيفرون، لها حدود كنموذج أعمال.

وقال “من الصعب حماية مصالحك والوصول إلى معلومات تشغيلية كافية كمستثمر صغير. سنحتاج إلى مهارات تجارية وقانونية قوية، والتي تصادف أنها حلقاتنا الضعيفة”.

10