الصين تضع هدفا حذرا للنمو في 2023 أقل من المتوقع

بكين – كشفت الصين الأحد هدفا حذرا للنمو خلال العام الجاري وزيادة في الإنفاق الدفاعي، وذلك في افتتاح الدورة البرلمانية السنوية التي ستسمح لشي جين بينغ بالبقاء في الرئاسة خمس سنوات أخرى.
وأكد رئيس الوزراء المنتهية ولايته لي كه تشيانغ أمام المؤتمر الوطني لنواب الشعب أن “محاولات الاحتواء القادرة من الخارج تتكثف بلا توقف”. وقال إن بعد ثلاث سنوات من التباطؤ بسبب قيود الإغلاق “يشهد الاقتصاد الصيني انتعاشا متينا”.
لكن الهدف المحدد البالغ “نحو 5 في المئة” هو واحد من الأدنى منذ خمس سنوات، وأحد أكثر الأهداف تواضعا منذ عقود، وأقل من ترجيحات المحللين، التي استطلعت آراءهم وكالة الصحافة الفرنسية وبلومبيرغ، بأن يناهز النمو 5.3 في المئة.
واعتبر خبراء أن هدف النمو متحفظ ويشير إلى أن الحكومة تتعامل بحذر مع التحديات، التي ربما تؤثر على الاقتصاد، وتريد أن تأخذ في الاعتبار المخاطر التي قد تواجه التعافي، الذي يكتسب زخما.
ونقلت وكالة بلومبيرغ عن زهانغ زهيوي، كبير الاقتصاديين بمؤسسة بينبوينت لإدارة الأصول، قوله إن “النسبة على الجانب المتحفظ”، مرجحا أن يكون النمو أعلى من 5 في المئة ويقترب من 6 في المئة.
وأوضح زهيوي أن بسبب تعديل سياسة مكافحة الوباء، لا توجد حاجة ملحة بالنسبة لهم إلى إدارة جولة أخرى من التحفيز لدعم الاقتصاد، حيث إن التعافي في مساره الصحيح بالفعل.
وسجل الناتج المحلي الإجمالي لثاني أكبر اقتصاد بالعالم نموا نسبته ثلاثة في المئة فقط خلال 2022، على خلفية تباطؤ اقتصادي عالمي وجائحة كوفيد وإجراءات عزل وأزمة عقارات.
وقال بروس بانغ، كبير الاقتصاديين بشركة جونز لانغ لاسالي للعقارات، إن هدف النمو للعام الجاري “عملي”، حيث إنه “يترك مساحة للمخاطر المتعددة والغموض اللذين ربما يواجههما النمو الاقتصادي”.
ولفت إلى أن في ظل الزخم الاقتصادي وفعالية السياسات المستخدمة حتى الآن فإن من المرجح بصورة كبيرة تحقيق هدف النمو.
وأدى قطاع العقارات الذي يمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي للصين، دورا رئيسيا في التعافي بعد الجائحة التي تفشت في العام 2020، لكنه يسجل مذاك تراجعا.
يواجه العديد من المقاولين صعوبات منذ شددت بكين شروط الاقتراض، بينما انخفضت مبيعات العقارات، فيما رفض العديد من المشترين سداد أقساطهم الشهرية في العام الماضي بسبب التأخير في تسليم مساكنهم.
ويرى الخبير في وكالة موديز للتصنيف الائتماني هاري ميرفي كروز أن المبيعات والمساكن الجديدة والأسعار كلها تراجعت.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ميرفي قوله “أدت حالات التخلف عن السداد إلى عدم إكمال بناء أكثر من مليون مسكن مبيع مسبقا نهاية العام 2021، ما أثار مخاوف الأسر وتسبب في انسحاب كثيرين من السوق”.
كما أن السياق الدولي غير مؤات، إذ يخشى العديد من الاقتصاديين من تباطؤ عالمي وسط ارتفاع التكاليف ورفع البنوك المركزية أسعار الفائدة لكبح التضخم.
التوترات الجيوسياسية تؤثر على آفاق النمو في الصين، وفق خبراء اقتصاديين أعربوا عن قلقهم من أن تدعم بكين روسيا في النزاع في أوكرانيا
وقال مدير قسم الأبحاث الصينية في معهد التمويل الدولي جين ما “نرى حاويات فارغة تتراكم في الموانئ الصينية، وأن الطلب على الصادرات يتراجع بسرعة بسبب ضعف النمو العالمي وأزمة سلاسل التوريد”.
وتؤثر التوترات الجيوسياسية أيضا على آفاق النمو في الصين، وفق خبراء اقتصاديين أعربوا عن قلقهم من أن تدعم بكين روسيا في النزاع في أوكرانيا.
ويقول الخبير في الشؤون الصينية في مجموعة “رابوبانك” تيوي ميفيسن إن “التهديد الكبير إن لم يكن الأكبر، هو أن تدعم الصين روسيا بالأسلحة والذخيرة”، مضيفا “من المؤكد أن يؤدي ذلك إلى عقوبات غربية”.
وسيكون للاستهلاك دور في انتعاش الاقتصاد الصيني، وفق الخبراء، ففي تقرير حديث، يشير جينغ ليو كبير الاقتصاديين الصينيين في أتش.أس.بي.سي غلوبل ريسيرش إلى “مؤشرات على انتعاش ثقة المستهلكين” و”نشاط اقتصادي أقوى يدعم سوق العمل”.
ويعتقد جينغ أن قطاع الخدمات هو أكثر من سيستفيد من الانتعاش. ويشاركه جين ما تفاؤله، مشيرا إلى أن معهد التمويل الدولي يتوقع أيضا انتعاش استهلاك الأسر من سالب 0.2 في المئة العام الماضي إلى تسعة في المئة هذا العام.
وقال ما “نظرا إلى أن استهلاك الأسر يمثل حوالي 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن استهلاك الأسر وحده يمكنه زيادة الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 3.5 نقطة مئوية”.