الصين تستبق الحظر الأوروبي بزيادة إمدادات النفط الروسي

استبقت بكين الحظر الأوروبي المرتقب على النفط الروسي بزيادة الإمدادات من حليفتها في ظل مخاوف تسيطر على المصافي والشركات المحلية من أنها قد تتعرض إلى انتكاسة رغم وجود خام سعودي، هو في الأساس يشكل المصدر الأول للسوق الصينية.
بكين - قفزت واردات النفط الصينية من روسيا لتحل في المركز الثاني مباشرة بعد السعودية أكبر مورد لبكين، حيث تملأ الشركات الحكومية المستودعات قبل فرض حظر أوروبي مرتقب للخام كعقوبة أخرى ردا على الحرب في أوكرانيا.
وأظهرت بيانات من الإدارة العامة للجمارك الصينية الأحد أن الإمدادات من روسيا ارتفعت بمقدار 16 في المئة على أساس سنوي في أكتوبر الماضي لتبلغ إجمالا 7.72 مليون طن.
ويشمل ذلك النفط الذي تم ضخه عبر خط أنابيب شرق سيبيريا في المحيط الهادي والشحنات المنقولة بحرا من موانئ أوروبا والشرق الأقصى في روسيا.
ولم تمثل الكميات، التي تعادل 1.82 مليون برميل يوميا، تغييرا يذكر عن الواردات في سبتمبر لكنها تراجعت مقارنة بالمستوى القياسي المسجل في مايو البالغ نحو مليوني برميل يوميا.
وكثفت الشركات الصينية التي تديرها الحكومة، ومن بينها يونيبك وتشاينا أويل وتشنهوا أويل، وارداتها من خام الأورال الروسي الذي يتم تحميله في الغالب من الموانئ الأوروبية في الأسابيع الماضية قبل تطبيق عقوبات الاتحاد الأوروبي الوشيكة.
وتأتي خطواتها في ظل الضبابية حول خطة مجموعة السبع لوضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي.
وزادت الشحنات السعودية 12 في المئة على أساس سنوي إلى 7.93 مليون طن، أو 1.87 مليون برميل يوميا، مقابل 1.83 مليون برميل يوميا في سبتمبر.
ومنذ بداية العام، ظلت السعودية أكبر الموردين للصين بكميات بلغت 73.76 مليون طن، دون تغيير على أساس سنوي.
وزادت الإمدادات الروسية منذ يناير إلى أكتوبر الماضيين بواقع 9.5 في المئة على أساس سنوي إلى 71.97 مليون طن، مدعومة بالإقبال المستمر من المصافي على النفط مُخفض الأسعار.
وقفزت واردات النفط الخام من الولايات المتحدة إلى أكثر من خمسة أمثال في أكتوبر مقارنة بالعام السابق، إذ استفادت المصافي من انخفاض الأسعار مع زيادة الصادرات الأميركية وسط ارتفاع الإنتاج والسحب من المخزونات.
وزادت الواردات من ماليزيا، التي ظلت على مدار العامين الماضيين نقطة عبور للشحنات القادمة من إيران وفنزويلا، إلى المثلين تقريبا على أساس سنوي لتصل إلى 3.52 مليون طن. ولم تسجل الصين أي واردات من فنزويلا أو إيران.
ووفقا لبيانات جمعتها بلومبرغ شحنت روسيا 2.9 مليون برميل من النفط الخام يوميا في الأيام السبعة الممتدة إلى غاية الحادي عشر من نوفمبر الجاري.
وبلغ حجم الخام الروسي الذي تم شحنه إلى آسيا 2.01 مليون برميل يوميا على أساس متوسط متجدد لأربعة أسابيع، واشترت الصين والهند معظم تلك الإمدادات.
وذكرت تقارير الأسبوع الماضي أن أكبر الشركات الصينية تطلب مساعدة بكين للحفاظ على تدفق الواردات القادمة من روسيا.
ونقلت بلومبرغ عن مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب سرية المعلومات قولها إن “المصافي الحكومية يساورها القلق حول قدرتها على إيجاد قنوات الدفع والخدمات اللوجستية والتأمين اللازمة لمواصلة الشراء من روسيا بعد الخامس من ديسمبر”.
وتتضمن بعض الحلول المطروحة زيادة حجم النفط المنقول عبر خطوط الأنابيب وإنشاء بنك مخصص للتعامل مع المدفوعات، واستخدام مزيد من الإمدادات المنقولة بحرا للمساعدة في مواجهة تحديات الشحنات المباشرة بين البائعين والمشترين.
وحذّر بنك جي.بي مورغان في يوليو الماضي من وقوع أسوأ سيناريو، والذي يصل فيه سعر برميل النفط إلى 380 دولارا، إذا دفعت العقوبات الغربية روسيا إلى تطبيق تخفيضات انتقامية في الإنتاج.
لكن في وقت لاحق، شدد الرئيس الأميركي جو بايدن على أهمية الحفاظ على تدفق النفط الروسي لمنع حدوث صدمة في الإمدادات، والتي من شأنها أن تدفع الأسعار إلى الارتفاع.
والأسبوع الماضي قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إن “واردات الصين والهند من النفط الروسي تتماشى مع هدف الولايات المتحدة”.
وسعت يلين لحشد الدعم اللازم لتطبيق سقف أسعار النفط، والذي من شأنه أن يعفي الشحنات الروسية من الحظر الأوروبي، رغم أن التفاصيل المتعلقة بهذه المبادرة لا تزال محدودة.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها الصين وهي الدولة الأولى عالميا في استيراد النفط الخام مع أنظمة خاضعة للعقوبات، على غرار تعاونها مع إيران.
9.5
في المئة نسبة زيادة الإمدادات في أول 10 أشهر بمقارنة سنوية لتبلغ 71.93 مليون طن
فقد استمرت بكين في استقطاب الواردات من الدولة المنتجة العضو في منظمة أوبك متحدية العقوبات الأميركية المفروضة إلى إيران.
ولم تكتف بذلك، بل تورد أيضا من شركة النفط الوطنية الفنزويلية (بي.دي.في.أس.أي) المملوكة للدولة، رغم القيود التجارية التي فُرضت خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.
واستخدم الصينيون كيانا ماليا محليا يُعرف باسم “بنك كونلون” للتعامل مع طهران، وتم دمج جميع الأنشطة تحت مظلة إطار مؤسسي واحد يركز على السوق المحلية، بهدف الاستمرار في العمل بعد فرض عقوبات أميركية عليه.
ومن الجانب اللوجستي، تشعر شركات التكرير الحكومية في الصين بالقلق بشأن تأمين النقل والشحن، حيث بدأت الشركات الأوروبية الكبيرة في إبعاد نفسها عن هذه التجارة.
كما سلطت الضوء على التحديات المحيطة بإعادة التأمين، والتي تعني نقل بعض المسؤولية من شركة تأمين إلى أخرى للمساعدة في إدارة التعرض للمطالبات الكبرى.
وفي سبيل التخفيف من العقبات، يمكن لشركات التكرير الصينية والهندية أن تختار شراء النفط الروسي باستخدام الاتفاقيات التي تتم على أساس التسليم، مما يسمح للبائعين بتوفير سفن الشحن والتأمين.
ويمكن للمشترين كذلك الحصول على النفط بالسعر الذي حددته الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجموعة السبع أو أقل، وبذلك يكونون قد امتثلوا للشروط الأخرى الخاصة بسقف السعر الروسي، وهي سياسة لم تدعمها بكين ولا نيودلهي حتى الآن.