الصين ترى في زيارة الأسد فرصة لدفع العلاقات إلى مستوى جديد

الرئيس السوري سيجتمع مع نظيره الصيني الجمعة قبل يوم واحد من حضور افتتاح دورة الألعاب الآسيوية.
الجمعة 2023/09/22
زيارة قد تعزّز فرصة عودة سوريا للساحة العالمية

بكين - اعتبرت الصين أن الزيارة التي بدأها الرئيس السوري بشار الأسد الخميس تشكّل فرصة لدفع العلاقات بين دمشق وبكين إلى “مستوى جديد”.

ووصل الأسد إلى مدينة هانغتشو في شرق الصين على متن طائرة تابعة لشركة إير تشاينا وسط ضباب كثيف. وقالت وسائل إعلام رسمية صينية إن ذلك “زاد من أجواء الغموض”.

ومن المنتظر أن يحضر الأسد حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية ضمن أكثر من 12 من كبار الشخصيات الأجنبية قبل أن يرأس وفدا رفيع المستوى في سلسلة من الاجتماعات بعدة مدن صينية تشمل اجتماع قمة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ “نرى بأن زيارة الرئيس بشار الأسد ستعمّق الثقة السياسية المتبادلة والتعاون في مجالات مختلفة بين البلدين، بما يدفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد”.

وأكدت أن “الصين وسوريا تقيمان علاقة صداقة تقليدية عميقة”، مضيفة أن سوريا كانت من أولى الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع بكين.

أيمن عبدالنور: الأسد يسعى للاستفادة من الدعم الصيني
أيمن عبدالنور: الأسد يسعى للاستفادة من الدعم الصيني

وتابعت “منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 67 عاما، تطورت العلاقات بين الصين وسوريا بشكل سليم على الدوام”، لافتة إلى أن الأسد “يولي أيضا أهمية كبيرة لتطوير العلاقات بين الصين وسوريا”.

وذكر مصدر من الوفد السوري أن الأسد سيجتمع مع شي الجمعة قبل يوم واحد من حضور افتتاح دورة الألعاب الآسيوية. ومن المقرر أن يعقد الوفد السوري اجتماعات أخرى في بكين يومي الأحد والاثنين.

ومن شأن ظهور الأسد إلى جانب الرئيس الصيني في تجمع إقليمي أن يضفي مزيدا من الشرعية لحملة بلاده الرامية إلى العودة ببطء إلى الساحة العالمية، وقد انضمت سوريا إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية في عام 2022 وعادت من جديد إلى جامعة الدول العربية المكونة من 22 دولة في مايو الماضي.

ويحرص الأسد على الحصول على دعم مالي في مواجهة اقتصاد مصاب بالشلل وعدم إتيان جهوده لإعادة بناء العلاقات مع الدول العربية بثمار تذكر حتى الآن. لكن أي استثمارات صينية أو أخرى في سوريا تخاطر بإيقاع من يضخها في شرك العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر لعام 2020 الذي يمكن أن يجمد أصول أي أحد يتعامل مع سوريا.

وقال المعارض السوري أيمن عبدالنور في تصريح لـ”العرب” إن الأسد يأمل من خلال هذه الزيارة في الحصول على دعم اقتصادي، خصوصا وأن المصرف المركزي السوري وصل إلى الإفلاس الكامل ولم يعد يملك احتياطات أجنبية، وكل ما يصل إلى الحكومة هو ضمن الحد الأدنى لاستمراريتها، والذي يأتي عبر عمليات تصدير للفواكه والخضروات والمنتجات الجلدية عبر معبر نصيب باتجاه الخليج العربي.

وأشار عبدالنور إلى أن ما يفاقم أزمة النظام هو وجود تهديدات بغلق معبر نصيب، ولهذا يسعى الأسد للاستفادة من الدعم الصيني، مستغلا في ذلك انخراطه في مبادرة الحزام والطريق، حيث يريد أن تكون سوريا كمصب للخط الصيني عبر البحر المتوسط الذي تنتقل منه إلى أوروبا.

وزار الأسد الصين في عام 2004 للقاء الرئيس الصيني آنذاك هو جين تاو. وكانت تلك أول زيارة يقوم بها رئيس سوري إلى الصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1956.

زيارة الأسد إلى الصين التي تستغرق أياما ستكون إحدى أطول فترات غيابه عن سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية

وحافظت الصين، مثل روسيا وإيران الحليفتين الرئيسيتين لسوريا، على تلك العلاقات حتى عندما عزلت دول أخرى الأسد بسبب حملته على المظاهرات المناهضة للحكومة التي اندلعت في عام 2011.

وستكون زيارة الأسد إلى الصين التي تستغرق أياما إحدى أطول فترات غيابه عن سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية.

وتفرض الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا وكندا وسويسرا عقوبات على الأسد، لكن الجهود المبذولة لتطبيق عقوبات متعددة الأطراف على نظامه فشلت في الحصول على دعم بالإجماع في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يضم الصين وروسيا.

واستخدمت الصين حق النقض (الفيتو) في ثماني مناسبات على الأقل ضد قرارات للأمم المتحدة تدين حكومة الأسد وتهدف إلى إنهاء الصراع متعدد الأطراف المستمر منذ عشر سنوات والذي اجتذب دولا مجاورة وقوى عالمية. وعلى عكس إيران وروسيا، لم تدعم الصين بشكل مباشر جهود النظام لاستعادة السيطرة على البلاد.

وتتمتع سوريا بأهمية إستراتيجية بالنسبة إلى بكين لأنها تقع بين العراق الذي يمد الصين بنحو عشرة في المئة من استهلاكها النفطي، وتركيا التي تمثل نهاية ممرات اقتصادية ممتدة عبر آسيا إلى أوروبا، والأردن الذي غالبا ما يتوسط في النزاعات في المنطقة.

وقال صموئيل راماني المحلل في معهد آر.يو.إس.آي البحثي بلندن “تحاول سوريا الحصول على استثمارات من الصين منذ فترة طويلة (…) لكن السؤال الأهم هو ما إذا كانت أي مقترحات نوقشت خلال هذه الزيارة ستتحول إلى مشاريع حقيقية”.

وأضاف “في الوقت الحالي، الصين محبطة جدا من الغرب، وسوريا تحاول تعزيز علاقاتها مع دول أخرى، لكن هل يمكن تحويل ذلك إلى شيء ملموس؟”.

2