الصين تركز على الاقتصاد وتتجاهل رغبة قطر في دعم سياسي

موقف صيني فضفاض من الأزمة القطرية الناجمة عن مقاطعة أربع دول للدوحة.
الجمعة 2019/02/01
التنين الصيني يفضل اللعب على أرضية الاقتصاد

ضعف الجانب السياسي في زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للصين، وبروز الجانب الاقتصادي، يجعلان الزيارة تحصيل حاصل بالنظر إلى أنّ العملاق الآسيوي الصاعد لا ينقطع عن عقد مباحثات اقتصادية مع الجميع ينتج عنها عقد صفقات وبناء شراكات على أسس نفعية مباشرة دون التفات إلى أي اعتبارات سواها.

بكين - جاء العائد السياسي من زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للصين، دون سقف طموحات الدوحة الساعية دون انقطاع إلى التعويض عن عزلتها الإقليمية، بكسب مساندة القوى الدولية الكبرى لها في الموقف المحرج الذي وقعت فيه منذ إقدام أربع دول عربية على مقاطعتها، الأمر الذي سلّط الأضواء بشدّة على دورها في نشر التشدّد والإرهاب عبر العالم بما تقدّمه من دعم سخي ومتعدّد المظاهر لجماعاته.

واكتفت بكين بإصدار موقف فضفاض وباهت من الأزمة القطرية، متناسق مع السياسات الصينية العامة ذات المنزع البراغماتي القائم على تنويع الشركاء والحفاظ عليهم جميعا وعدم التدخل في ما بينهم من خلافات.

وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، الخميس، خلال استقباله أمير قطر في قاعة الشعب الكبرى ببكين، إن التعاون الإقليمي أساس مهم للازدهار في منطقة الخليج.

وأضاف بينغ أنّ بلاده تدعم جهود مجلس التعاون الخليجي الساعية إلى “حل ملائم للخلافات وأوجه التعارض من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية لاستعادة الوحدة والوفاق بين الدول الخليجية والعربية”.

وتابع قائلا “الصين مستعدة لمواصلة القيام بدور بنّاء وفقا لرغبات دول مجلس التعاون الخليجي”.

ورأى محلّلون سياسيون أنّ الجملة الأخيرة تتضمّن إجابة دبلوماسية، بشأن وساطة قد تكون قطر طلبتها من بكين، ولا ترغب الأخيرة في القيام بها لمعرفتها بصرامة الدول المقاطعة لقطر وربطها إنهاء مقاطعتها بتغيير الدوحة لسياساتها الداعمة للإرهاب والتشدّد والمهدّدة للاستقرار في الإقليم.

وفي مقابل الإهمال الصيني للجانب السياسي في زيارة الشيخ تميم، انصبّ التركيز على الجوانب الاقتصادية، لتصبح الزيارة بذلك، وفق المحلّلين، تحصيل حاصل على اعتبار أن العملاق الآسيوي الصاعد يستقبل بشكل دائم مسؤولين من كل البلدان ويعقد صفقات ويؤسس شراكات مع الجميع على أسس نفعية مباشرة.

ولدى الصين مشاريع عملاقة ذات طابع عابر للحدود تفرض عليها الحفاظ على علاقات متينة مع مختلف الدول، بما يستدعيه ذلك من حيادية وحذر في مقاربة الخلافات بين تلك الدول.

مشاريع صينية ذات طبيعة عابرة للحدود تفرض على بكين التزام أكبر قدر من الحياد والحذر في مقاربة الخلافات بين الدول

وعلى رأس تلك المشاريع ما بات يعرف بمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني الحالي وتستلهم فكرة طريق الحرير القديم وتشمل قرابة السبعين دولة بسلسلة هي الأضخم من نوعها من مشاريع البنية التحتية والاستثمار.

ووصف الرئيس الصيني في تصريحات أمام الصحافيين أمير قطر بأنه “صديق قديم وجيّد”، فيما قال الشيخ تميم الذي اعتلى الحكم في بلاده سنة 2013 بعد تنازل طوعي من والده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني “نحن مستعدون لزيادة الاستثمارات في الصين، في البنية التحتية أو أي مجال آخر نعتبره مهما لنا”، مضيفا “يسعدنا تزويد الصين بالغاز المسال”.

وبفعل النمو السريع في اقتصادها، تعتبر الصين من أكثر بلدان العالم نهما للطاقة، وهي تجد ضالّتها لدى قطر، كما لدى باقي بلدان الخليج التي تقيم بدورها شراكات مع بكين.

وكانت شركة الطاقة الحكومية “قطر للبترول” قد أعلنت في أكتوبر الماضي أنّها وقّعت اتفاقا مدّته خمس سنوات لتوريد 600 ألف طن من غاز البترول المسال للصين سنويا.

ولا تخلو المساعي القطرية إلى إنشاء شراكات اقتصادية مع القوى الدولية الكبرى عبر تقديم عروض مغرية في كثير من الأحيان، من خلفيات سياسية تتعلّق بما يسميه خبراء السياسة “عقدة نفسية” ناجمة عن الشعور بالعزلة تدفع الدوحة للبحث بشكل مستمر إلى سند من خارج حاضنتها الطبيعة.

ومع إقدام أربع دول عربية على مقاطعة قطر صيف سنة 2017، أصبح على رأس سلّم اهتمامات الدبلوماسية القطرية البحث عن وساطات إقليمية ودولية لإنهاء المقاطعة، وهو ما يرجّح أن تكون قد سعت إليه لدى الصين ذات العلاقات الجيدة ببلدان الخليج والدول العربية، غير أنّ بكين كثيرا ما تحجم عن التدخّل في الصراعات وعن بذل مساع دبلوماسية في الشرق الأوسط، رغم اعتمادها على نفط المنطقة، في مقابل تركيزها على تعزيز شراكاتها الاقتصادية مع الجميع.

3