الصومال يوقع بروتوكولا دفاعيا مع مصر على وقع أزمة مستمرة مع إثيوبيا

شهد اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود توقيع بروتوكول دفاعي لم يتم الكشف عن تفاصيله، لكن محللين لا يستبعدون أن يتضمن إمدادات بالأسلحة، وبرامج لتأهيل القوات الصومالية، أو حتى إرسال قوات مصرية إلى الصومال، مع أن القاهرة سبق وأن رفضت مرارا إرسال عناصر لها إلى الخارج.
القاهرة - جذبت زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى مصر، والتي تم خلالها التوقيع على بروتوكول للتعاون العسكري، اهتمام المتابعين خصوصا وأن الزيارة تأتي بعد ساعات قليلة من إعلان فشل جولة جديدة من محادثات غير مباشرة جرت بين مقديشو وأديس أبابا بوساطة من أنقرة. واستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأربعاء نظيره الصومالي حيث بحثا “تعزيز أطر التعاون الثنائي وتطورات الأوضاع الإقليمية”.
وتصدرت الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر أجندة المباحثات بين الرئيسين، في علاقة بالأزمة الدائرة منذ يناير الماضي بين أديس أبابا ومقديشو حول مذكرة تفاهم وقّعتها إثيوبيا مع أرض الصومال، تضمن لها الوصول إلى البحر. وأثارت المذكرة غضب مقديشو، في ما سارعت القاهرة إلى إبداء موقف داعم للأخيرة في ظل مخاوف لديها من توسع نفوذ أديس أبابا، التي تشهد العلاقة معها توترا بسبب سد النهضة.
وقال بيان رئاسي مصري إن “مباحثات مهمة” جرت في قصر الاتحادية شرقي القاهرة بين الرئيس المصري ونظيره الصومالي، وإن الرئيسين شهدا “مراسم التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين”، وإن السيسي “أكد موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال ورفض التدخل في شؤونه”.
ولم يقدم البيان أيّ تفاصيل على برتوكول التعاون العسكري الذي جرى توقيعه، وسط تساؤلات حول ما إذا كان الاتفاق يتضمن إرسال قوات مصرية إلى الصومال، مع أن مصر سبق وأن رفضت إرسال جنود لها خارج حدودها.
وقال الخبير العسكري اللواء حمدي بخيت إن التهديدات والمتغيرات والتحديات التي تظهر في منطقة القرن الأفريقي، والتي تؤثر سلبَا على الدولتين، تفرض وجود نوع من التنسيق العسكري بينهما.
وأوضح أن توقيع اتفاق عسكري بين البلدين بهذا الحجم يشير إلى أن أوجه التنسيق المصري مع الصومال ستكون متعددة وقد تشمل إمداده بالأسلحة والذخائر أو تدريب العناصر العسكرية أو تأهيلها أو برامج للتواجد هناك في مواجهة أي تهديدات متوقعة.
واعتبر بخيت في تصريحات لـ“العرب” أن الحكومة الصومالية في حاجة إلى دعم مصر التي يمكن أن تساعدها في المجالات السياسية والعسكرية كي لا تصبح عرضة للتفتت، وتسعى لأن تكون جغرافيتها متماسكة قدر الإمكان.
ولفت إلى أن أيّ تفتت للصومال سيترك تأثيراته على الدولة المصرية لأنه يفتح الباب أمام إثيوبيا لتضع قدمها في باب المندب وهو ما يتيح إمكانية وضع قواعد عسكرية لدول أخرى، خاصة وأن الحكومة غير المعترف بها دوليا في أرض الصومال ليست لديها توجهات نحو البقاء ضمن دولة وطنية موحدة.
وحسب البيان المصري، فقد عقد الرئيسان جلسة مباحثات جرى خلالها “تأكيد قوة ومتانة العلاقات التاريخية بين مصر والصومال، والحرص المشترك على تدعيمها على مختلف الأصعدة، والبناء على نتائج زيارة الرئيس الصومالي الأخيرة إلى مصر في يناير الماضي”.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية أن الرئيس السيسي “أكد خلال اللقاء موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأيّ تدخل في شؤونه الداخلية”. كما رحب الرئيسان بـ”الخطوات المتبادلة بين الدولتين لتعميق التعاون الثنائي، ومن بينها إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشو، وافتتاح السفارة المصرية في العاصمة الصومالية مقديشو، فضلاً عن التوقيع – خلال زيارة الرئيس الصومالي إلى مصر- على بروتوكول التعاون العسكري بين الدولتين”.
وأعرب الرئيس الصومالي عن “التقدير لدعم مصر المتواصل لبلاده على مدار العقود الماضية”، مشدداً على “حرص الصومال على المزيد من تعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية والسياسية مع مصر خلال الفترة المقبلة”، ومثمناً “دور الهيئات المصرية المختلفة في بناء قدرات الكوادر الصومالية في مختلف المجالات” بحسب البيان.
وفي يناير الماضي، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إن بلاده لن تسمح بأي تهديد لدولة الصومال أو أمنها، معتبراً اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال “ليس مقبولاً لأيّ أحد”، وذلك بعد إعلان أديس أبابا استئجار 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال.
◙ أوجه التعاون قد تشمل الإمداد بالأسلحة والذخائر أو تدريب العناصر العسكرية أو تأهيلها أو برامج للتواجد هناك
وتتوسط تركيا راهنا بين إثيوبيا والصومال، لمناقشة الخلاف بين الجانبين حول تلك المذكرة، لكنّ متابعين يستبعدون إمكانية أن تحقق تلك الوساطة أيّ اختراق، حيث أن إثيوبيا لن تقبل التخلي عن المذكرة التي تخدم أهدافها ومصالحها العليا.
وكان الصومال اعتبر مذكرة التفاهم غير قانونية، وطرد السفير الإثيوبي، كما هدد بطرد الآلاف من الجنود الإثيوبيين المتمركزين في البلاد، للمساعدة في قتال حركة الشباب الجهادية. وأعلنت أرض الصومال استقلالها عن الصومال في العام 1991 بعد عقود من الوحدة الفاشلة، لكن الخطوة لم تحظ باعتراف دولي، وتراهن قيادة أرض الصومال على علاقات متميزة مع إثيوبيا كمنطلق لتفكيك الموقف الدولي المتحفظ حيال استقلالها.
وخلال مؤتمرهما في يناير، قال السيسي إن مصر ترى أن التعاون والتنمية بين الدول أفضل بكثير من أيّ شيء آخر، مضيفاً “رسالتي لإثيوبيا، حتى تحصل على تسهيلات من الأشقاء في الصومال وجيبوتي وإريتريا يكون بالمسائل التقليدية المتعارف عليها، والاستفادة من الموانئ وهذا أمر لا يرفضه أحد، ولكن محاولة القفز على أرض من الأراضي لمحاولة السيطرة عليها مثل (الاتفاق مع أرض الصومال)، لن يوافق أحد على ذلك”.
ووجّه الرئيس السيسي، حديثه للرئيس الصومالي، قائلاً “اطمئن، وبفضل الله نحن معكم، ونقول للدنيا كلها نتعاون ونتحاور بعيداً عن أيّ تهديد أو المساس بالأمن والاستقرار”.
وقال الخبير العسكري اللواء حمدي بخيت في تصريحه لـ”العرب” أن رسائل التنسيق الجارية ليست موجهة مباشرة إلى إثيوبيا لكن حينما تكون هناك نزعات انفصالية فإن ذلك يجذب الدول لتبقى مؤيدة وأخرى رافضة لأنها تشكل تهديداً لمصالحها، مشيراً إلى أن التنسيق العسكري بين مصر والصومال ربما تتضرر منه أديس أبابا التي لديها رغبة في أن تكون لها طموحات على البحر الأحمر وخليج العرب، بعد أن فشلت في إيجاد بديل لها عقب إنهاء سيطرتها على مدينة مصوع الإريترية.
والثلاثاء، وصل الرئيس الصومالي إلى القاهرة في زيارة رسيمة لعدة أيام، قالت وكالة الأنباء الصومالية إنها “تهدف إلى بحث سبل تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين والتعاون الدفاعي والأمني بين الصومال ومصر”.