الصومال يشترط إلغاء ديونه للبدء في إعادة الإعمار

وضعت الحكومة الصومالية مطالب إلغاء ديون البلاد للجهات الدولية الدائنة قبل تنفيذ خطط التنمية ومعالجة الفقر، لكنّ محللين يقولون إنّ ذلك لن يكون كافيا لإخراج البلاد من أزماتها بسبب النفوذ القطري التركي، الذي يُبقي البلاد في مربع الصراعات والتطرف.
واشنطن - قال وزير المالية الصومالي عبدالرحمن دعالي بيلي إن بلاده سوف تمضي قُدما في جهود الحد من الفقر، وفي تنفيذ مبادرة رئيسية لإنشاء موانئ وطرق للنقل إذا وافقت جهات الإقراض الدولية على شطب ديون الصومال التي تقارب 5 مليارات دولار في فبراير المقبل.
وأضاف أنه شعر بتفاؤل بعد التقدّم الذي تحقق خلال محادثات مع مسؤولين من الولايات المتحدة، أكبر دائني الصومال، وبريطانيا وغيرها من الدائنين أثناء الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن الأسبوع الماضي.
ونسبت وكالة رويترز إلى الوزير قوله إن “الوضع يتحسن… الجميع كان إيجابيا”. وأضاف أنّ المسؤولين الأميركيين وغيرهم أبدوا رضاهم عن النتائج الطيبة التي حقّقها الصومال في برنامج يهدف إلى إلغاء الديون.وتعهدت كريستينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي السبت الماضي بدعم الصندوق الكامل لمساعي الصومال إلى إعفائه من الديون في “المستقبل القريب”.
وتبلغ ديون الصومال الخارجية نحو 4.7 مليار دولار، وهو ما وصفه صندوق النقد الدولي بأنه عبء لا يستطيع الصومال تحمله.
ويرى محررون أن النفوذ العميق الخفيّ والمعلن لكل من قطر وتركيا في الصومال يعرقل أي محاولة لإخراج البلاد من الفوضى، خاصة أنه يؤجج جبهات الصراع بين القبائل وجماعات إرهابية مثل حركة الشباب.
كما أن خضوع معظم الأطراف السياسية في الصومال لنفوذ أنقرة والدوحة أدى إلى ابتعاد الكثير من الداعمين الدوليين مثل السعودية والإمارات، إضافة إلى تعكير علاقة مقديشو بجيرانها مثل إثيوبيا.
وقال بيلي إن الصندوق يدرس المنح المطلوبة على وجه الدقة لمعالجة متأخرات ديون الصومال قبل اجتماع لمجلس إدارته في منتصف نوفمبر المقبل. وأكد أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي وقطر عرضت تحمل نحو 150 مليون دولار من ديون الصومال لدى صندوق النقد الدولي والتي تبلغ في المجمل نحو 330 مليون دولار.
ولعبت وزارة الخزانة الأميركية دورا في تشجيع الدعم من باقي أعضاء صندوق النقد الدولي، وتجري محادثات مع الكونغرس بشأن الخطوات اللازمة لشطب الدين الضخم المستحق على الصومال. وتبلغ الديون المستحقة لوزارة الخزانة الأميركية على الصومال نحو مليار دولار.
وقال بيلي إنه فور إلغاء الديون، سوف يسعى الصومال إلى التفاوض بشأن الحصول على منح بقيمة 300 مليون دولار سنويا على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وأوضح أن هذه المنح سوف تسمح للصومال بالبدء في الإنفاق على مشروعات للحدّ من الفقر، من خلال تحسين قطاعيْ التعليم والرعاية الصحية، وكذلك دعم إمدادات المياه والكهرباء والاستثمار في مشروعات البنية التحتية المهمة الأخرى.
وأكد وزير المالية أن الصومال لديه احتياجات في كل المجالات بعد 30 عاما بلا دعم دولي يذكر.
وأضاف أن الصومال يعمل أيضا مع كينيا وإريتريا وإثيوبيا وجيبوتي بشأن خطة خمسية تبلغ تكلفتها 15 مليار دولار لإنشاء موانئ وطرق نقل. وقال إن هذا المشروع الذي يدعمه الاتحاد الأوروبي وبنك التنمية الأفريقي والبنك الدولي سيعزّز التجارة في المنطقة.
ويتسابق التحالف القطري التركي لانتزاع الكثير من مشاريع النقل والموانئ والبنية التحتية، لكن تلك المشاريع تحمل في ثناياها أجندات لدعم جماعات الإسلام السياسية وجماعات إرهابية مثل جماعة الشباب، إضافة إلى توظيف نفوذ القبائل في تلك الأجندات.
لكنّ تقريرا نشره موقع أحوال تركية هذا الأسبوع، كشف عن ظهور بوادر تصدّع في التحالف التركي القطري في الصومال. ونقل التقرير مصادر سياسية صومالية تأكيدها أن قطر بدأت باتخاذ موقف مغاير لحليفتها تركيا على الساحة الصومالية.
وأضافت المصادر أن التحوّل جاء بعد تقاطع المصالح التركية والقطرية في قضية تنقيب أنقرة عن الغاز في المياه الإقليمية القبرصية، وخاصة في منطقة حصلت فيها قطر على حق التنقيب من الحكومة القبرصية.
وقالت المصادر أنّ وفدا قطريّا زار الصومال مؤخرا، استخدم عبارات مناوئة لسياسة تركيا، وهو ما استرعى انتباه المسؤولين الصوماليين، وأثار الشكوك حول مدى قوة الشراكة القائمة بين تركيا وقطر.