الصومال يدخل مرحلة جديدة بعد إطاحة "رجل المفاجآت" بفرماجو

مقديشو – يدخل الصومال مرحلة جديدة بعد نجاح حسن شيخ محمود في الإطاحة بمنافسه الرئيس المنتهية ولايته عبدالله فرماجو، في تصويت أجراه نواب البرلمان الأحد في مطار فرضت عليه حراسة مشددة لتفادي هجمات قد يشنها إسلاميون متشددون.
وأصبح شيخ محمود البالغ من العمر سبعة وستين عاما والملقب محليا بـ”رجل المفاجآت”، رئيسا للصومال للمرة الثانية، حيث سبق أن تولى الرئاسة بين سبتمبر 2012 وفبراير 2017.
ويواجه الرئيس الجديد للصومال تحديات كبيرة لعل في مقدمتها إعادة التوازن للسياسات الخارجية للدولة التي سقطت خلال عهد فرماجو في لعبة المحاور، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الوضع الدخلي لاسيما في علاقة بالحكومة الفدرالية والمحافظات.
ويرى مراقبون أن شيخ محمود الذي شهدت فترة حكمه السابقة نوعا من الاستقرار السياسي بفضل سياسته القائمة على الانفتاح على الجميع وتصفير المشاكل، يملك من القدرة ما يكفي لإعادة تصويب المسار السياسي للبلاد بفضل براغماتيته.
ويلفت المراقبون إلى أنه من المرجح أن يركز الرئيس الجديد على استتباب الوضع الداخلي الذي يعاني من اهتزازات سياسية وأمنية، عمقتها سياسات فرماجو.
وصرح شيخ محمود في كلمة من مجمع المطار في العاصمة مقديشو الذي تحرسه قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي “علينا المضي قدما ولسنا بحاجة إلى ضغائن. ولا انتقام”.
وتحدى أنصاره حظر التجول ونزلوا إلى شوارع مقديشو وهم يهتفون ويطلقون النار في الهواء.
وقال الطالب محمد إسماعيل “نأمل أن يسود السلام الصومال رغم أن هذا قد يستغرق وقتا”، واعتبرت حليمة نور وهي أم لأربعة أطفال في مقديشو “حسن شيخ يمثل أخف الضررين. نأمل أن يكون الصومال أفضل”.
والرئيس المنتخب من مواليد مدينة جللقسي وسط الصومال، وينحدر من قبيلة “أبغال”، إحدى أكبر القبائل الصومالية، ويتمتع برصيد سياسي كبير بالبلاد، كونه أكاديميا وناشطا وسياسيا.
وأتم شيخ محمود مرحلة الإجازة (البكالوريوس) في “الجامعة الوطنية” (حكومية) عام 1981، وأكمل دراسة الماجستير بالهند في 1988.
وعمل الرئيس الجديد الذي يتحدث اللغتين الصومالية والإنجليزية، في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) كمسؤول تربوي في جنوب ووسط الصومال. وفي عام 1999 شارك في تأسيس “المعهد الصومالي للإدارة والتنمية الإدارية” بالعاصمة مقديشو، قبل أن يؤسس في 2011 حزب “السلام والتنمية”، الذي لا يزال يرأسه.
ودخل شيخ محمود غمار السياسة لأول مرة في العام 2012 كرجل أكاديمي وناشط بالمجتمع المدني، وعرف محليا بـ”رجل المفاجآت” بعد فوزه بسباق الانتخابات الرئاسية آنذاك.
وفاز برئاسيات 2012، رغم حظوظه القليلة أمام منافسيه، الذين كان من ضمنهم الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد.
ولدى وصوله للسلطة، اشتهر بسياسة توافقية، حيث استطاع تحقيق توافق بين أطياف المجتمع الصومالي، ومع رؤساء المحافظات الفدرالية الذين غالبا ما يخوضون صراعات سياسية مع القصر الرئاسي.
ويعتبر شيخ محمود رجل الفدرالية الصومالية، حيث تمكن خلال توليه الولاية الرئاسية الأولى من تأسيس النظام الفدرالي، عبر تقسيم البلد إلى محافظات فدرالية.
الرئيس الجديد يواجه تحديات من بينها إعادة التوازن للسياسة الخارجية للصومال وتجاوز إخفاقات فرماجو
ورغم أن الدستور الصومالي المؤقت لا يفصل بين صلاحيات الحكومة ورؤساء المحافظات الفدرالية، إلا أن محمود استطاع العمل مع رؤساء المحافظات، عكس السنوات الخمس الماضية التي كانت مليئة بالخلافات، وصلت أحيانا بتهديد بعض المحافظات بقطع علاقتها مع الحكومة.
وكان حريصا على الحوار والتوافق في حل الخلافات الداخلية، بينما دوليا، أبقى علاقات الصومال هادئة ومبنية على التعايش والاحترام المتبادل، خاصة مع دول الجوار.
ولعب شيخ محمود دورا مهما في تحرير عدة مناطق بالبلاد من قبضة حركة “الشباب” المسلحة (تتبع فكريا لتنظيم القاعدة)، حث جرى تحرير ست وثلاثين مدينة من الحركة خلال ولايته الرئاسية الأولى.
والأحد جرت انتخابات الصومال على ثلاث مراحل، حيث شارك في الجولة الأولى 34 مرشحا، قبل أن تنحسر المنافسة بالجولة الثانية بين أربعة مرشحين، وفي الثالثة بين شيخ محمود وفرماجو.
وحصل شيخ محمود على 214 من أصوات أعضاء البرلمان بمجلسيه الشعب والشيوخ في اقتراع سري، مقابل 110 للرئيس المنتهية ولايته.