الصومال المتحفز للتصعيد يتهم إثيوبيا بإرسال أسلحة إلى أحد أقاليمه المضطربة

نيروبي - اتهم الصومال جارته إثيوبيا بإرسال أسلحة إلى إقليم بونتلاند في شمال شرق البلاد والذي أعلن هذا العام من جانب واحد أنه سيتصرف كدولة مستقلة رغم تنديد الحكومة المركزية. وجاء هذا الاتهام بعد أسبوع من تلويح الصومال نفسه بأنه قد يلجأ إلى دعم مجموعات انفصالية في إثيوبيا ردا على اتفاق أديس أبابا مع أرض الصومال.
ويبدو الصومال متحفزا للتصعيد أكثر من اللازم في تصريحات مسؤوليه في ما تقل التصريحات الإثيوبية. ويعزو مراقبون التصعيد الصومالي إلى اعتقاد مقديشو أنها مدعومة بقوى مثل تركيا ومصر، محذرين من أن تدويل خلاف ثنائي لن يكون في صالح البلدين، وأنه مثلما يعتقد الصوماليون أنهم مسنودون بحلفائهم، فإن إثيوبيا، وهي القوة الإقليمية الأكبر في القرن الأفريقي تمتلك حلفاء.
ويبالغ الصوماليون في تقدير تحالفاتهم، خاصة أن تركيا، التي تحظى بدور كبير في البلاد وحازت على اتفاقيات في مجال الدفاع وأخرى في التنقيب عن النفط والغاز، من الصعب أن تنجر لتصعيد مع إثيوبيا، وهو ما يفسره سعيها للوساطة بالرغم من معرفتها بصعوبة ذلك. كما أن الرهان على مصر في غير محله لاعتبارات من بينها أن القاهرة تدخل للملف الصومالي بغاية مناكفة إثيوبيا وليس لمواجهتها عسكريا، ولو أرادت ذلك لأعلنته دفاعا عن مصالحها في مياه النيل بعد أن أحكم الإثيوبيون السيطرة عليها من خلال سد النهضة.
والعلاقات عاصفة تقليديا بين إثيوبيا والصومال الفيدرالية الهشّة، حيث يؤدي عدم الاستقرار إلى إضعاف قدرة الحكومة المركزية على مواجهة التمرد المستمر لحركة الشباب الإسلامية المسلحة. وتصاعد التوتر بين الدولتين الواقعتين في القرن الأفريقي في الأول من يناير، عندما وقعت أديس أبابا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي اتفاقا يمنح إثيوبيا غير الساحلية منفذا بحريا تسعى إليه منذ عقود.
وقالت وزارة الخارجية في مقديشو في ساعة متأخرة مساء الجمعة “يدين الصومال بشدة شحنات الأسلحة غير المصرح بها من إثيوبيا إلى منطقة بونتلاند الصومالية، والتي تنتهك سيادتنا وتهدد الأمن الإقليمي”. وأضافت “نطالب بوقف فوري لهذه الأعمال ونناشد الشركاء الدوليين دعم جهود السلام في منطقة القرن الأفريقي”.
ويقع إقليم أرض الصومال بين الحدود الإثيوبية وبونتلاند. ويحظى إقليم بونتلاند بمقدار كبير من الإدارة الذاتية منذ عام 1998، وأعلنت سلطاته في يناير أنها ستتصرف كدولة مستقلة بسبب خلاف مع الحكومة المركزية بشأن تغييرات دستورية. وقالت وزارة الخارجية الصومالية في منشور على منصة إكس "الأدلة الموثقة تؤكد وصول شاحنتين محملتين بالأسلحة من إثيوبيا إلى منطقة بونتلاند في الصومال، دون أيّ تواصل دبلوماسي أو تصريح". وأضافت “يشكل هذا النشاط انتهاكا خطيرا لسيادة الصومال ويحمل تداعيات خطيرة على الأمن الوطني والإقليمي”.
◙ الصومال يبالغ في تقدير تحالفاته، فتركيا لن تنجر للتصعيد كما أن مصر تسعى لمناكفة أديس أبابا وليس مواجهتها
ولم تذكر الوزارة متى تمت عملية الشحن أو الجهة التي تلقت الأسلحة. وسبق أن هدد وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي بدعم بلاده للجبهات الانفصالية في إثيوبيا إذا لم تنسحب أديس أبابا فورا من الاتفاقية التي أبرمتها مع أرض الصومال الانفصالية.
وذكر الوزير أنه إذا واصلت إثيوبيا تدخلاتها في الشؤون الصومالية واتفاقاتها مع الكيانات الانفصالية، فإن الصومال سيعاملها بالمثل، بحسب موقع الصومال الجديد الإخباري الصومالي قبل أسبوع. وقال ”إن الصومال لا يريد تدمير إثيوبيا، وليس في ذلك مصلحة للصومال والقرن الأفريقي، لكن إذا استمر التدخل فإن لديه الفرصة لإقامة علاقات مع المتمردين الإثيوبيين.”
وأشار فقي إلى أن إثيوبيا لا تريد استخدام ميناء بحري في الصومال لكنها تريد أخذ جزء من الأراضي الصومالية، مستشهدا بحصول إثيوبيا على وعد من جمهورية جيبوتي باستخدام ميناء يعتبر الأقرب للأراضي الإثيوبية لكنها لم ترد على ذلك الوعد، مما يدل على أن أديس أبابا تريد أخذ إرث الأجيال القادمة من الصوماليين.
كما أشار وزير الخارجية الصومالي إلى أن إثيوبيا أنشأت قوة بحرية، هدفها الاستيلاء على بعض الأراضي الصومالية الواقعة في المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى في العالم. وتوترت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا في يناير الماضي، بعدما وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، تتضمن الاعتراف باستقلاله مقابل السماح لأديس أبابا بالوصول إلى ميناء على خليج عدن .
وبموجب الاتفاق وافق إقليم أرض الصومال الذي أعلن انفصاله من جانب واحد عن الصومال عام 1991، على تأجير 20 كيلومترا من سواحله لمدة 50 عاما لإثيوبيا التي تريد إقامة قاعدة بحرية وميناء تجاري. في المقابل، قال إقليم أرض الصومال إن إثيوبيا ستصبح أول دولة في العالم تعترف به رسميا، رغم أن أديس أبابا لم تؤكد ذلك.
وفي 14 أغسطس، وقعت مقديشو اتفاقا عسكريا مع مصر التي عرضت الانضمام إلى قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال عام 2025. وتتوسط تركيا منذ يوليو بين الصومال وإثيوبيا في المناقشات الرامية إلى حل خلافاتهما. لكن فشلت جولتان من المحادثات في أنقرة في تحقيق تقدم ملموس، وتم إلغاء جولة ثالثة كان من المقرر عقدها الأسبوع الماضي، دون أي تعليق من الدولة المضيفة والطرفين المعنيين.
ومن الصعب على الصومال أن يفتح جبهة جديدة، وهو ما يزال غارقا في حرب مع حركة الشباب المتطرفة. وأعلنت الكتيبة التاسعة من الفرقة 60 بالجيش الوطني الصومالي تنفيذ عملية عسكرية ضد فلول "ميليشيات" الشباب في جنوب غرب البلاد.
وذكرت وكالة الأنباء الصومالية (صونا) أن العملية جرى تنفيذها في منطقة قيدر عدي على بعد 30 كلم شمال غرب مدينة حدر حاضرة إقليم بكول بجنوب غرب الصومال . وأكد الضباط، الذين قادوا العملية، أنه تم إلحاق أضرار جسمية بالمتمردين، مشيرين إلى أنه خلال العملية تمكنت الكتيبة من استعادة قاعدة منطقة قيدر عدي، ومصادرة أسلحة في صفوف الإرهابيين.