الصورة الرمز قوة ضغط قادرة على إحداث الفارق

واشنطن - يبدو واضحا اليوم أكثر من أي وقت مضى سر معاداة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للإعلام في بلاده وتوجيه سهام تغريداته له كلما سنحت له الفرصة.
فعلى مدار الساعات الماضية لم يكن لوسائل الإعلام العالمية عامة والأميركية خاصة إضافة إلى الشبكات الاجتماعية حديث سوى الغلاف الذي صممته مجلة “التايم” الأميركية، والذي ظهر فيه الرئيس وهو يقف أمام طفلة لاجئة بطريقة غير شرعية، تجهش بالبكاء بعد عزلها عن أسرتها، وكتبت التايم عنوان “مرحبا بك في أميركا”.
والتقط جون مور مصور وكالة “غيتي إيمدجز”″ للتصوير الفوتوغرافي الصورة الأصلية في مركز احتجاز حدودي لتصبح واحدة من أشهر صور التغطية الإعلامية المحمومة لتفريق العائلات على يد إدارة ترامب.
من جانبها كشفت التايم أن صورة الطفلة الصغيرة أصبحت في الوقت الراهن رمزا لاستبداد إدارة ترامب.
وأدت سياسة “اللاتساهل” مع المهاجرين التي تنتهجها إدارة ترامب إلى فصل 2342 طفلا عن آبائهم على الحدود الأميركية المكسيكية بين الخامس من مايو والتاسع من يونيو.
ونقلت المجلة عن مور قوله “لقد سببت هذه الصورة معاناة شديدة لي”. وأشار مور إلى أنه بعد التقاط تلك الصور كان يحتاج إلى بضع دقائق كي يتخطى اللحظة المؤثرة، بما أنّه أبٌ أيضاً.
وقالت شبكة “سي.أن.أن” في تقرير الخميس إن هذا الغلاف كان قويا للغاية إلى درجة فضحت إدارة ترامب التي لا تتوانى عن تنفيذ سياسة عدم التسامح في ما يتعلق بالحدود وملف اللجوء.
ونشرت العشرات من الصحف والمجلات في مختلف أنحاء العالم الصورة لتذكي موجة الغضب مما دفع ترامب إلى التراجع، الأربعاء، عن قرار فصل الأسر.
ومع ذلك، لا يزال هذا الأمر محط جدل واسع بين الأوساط السياسية والإعلامية في الغرب والولايات المتحدة.
وكان رجل من هندوراس يقول إنه والد الطفلة التي تظهر على غلاف تايم الأميركية ذكر أنها لم تُنتزع من والدتها عند الحدود الأميركية. وقال دنيس فاليرا “أصبحت ابنتي رمزا لفصل الأطفال (عن آبائهم) عند الحدود الأميركية. لعلّها حرّكت مشاعر الرئيس ترامب”.
وأضاف فاليرا أن الصغيرة وأمها ساندرا سانشيز احتجزتا معا في مدينة مكالين الحدودية في تكساس حيث تقدمت الأم بطلب لجوء ولم يتم فصلهما بعد احتجازهما قرب الحدود. وأكدت نيللي جيريز نائبة وزير خارجية هندوراس رواية فاليرا.
وذكر فاليرا أنه شعر بالصدمة والألم عندما رأى الصورة للمرة الأولى على شاشة التلفزيون، وصرّح قائلا “رؤية ما كان يحدث لها في هذه اللحظة يحطم قلب أي شخص”.
واستخدمت الصورة في حملة تبرعات على فيسبوك جمعت أكثر من 17 مليون دولار من نحو نصف مليون شخص لصالح مركز اللاجئين والمهاجرين للتعليم والخدمات القانونية وهو منظمة غير ربحية مقرها تكساس.
وقال مؤسس فيسبوك مارك زوكيربرغ “يجب أن نوقف هذه السياسة فوراً”.
وقام شارلوت ودايف ويلنر، وهما ثنائي من كاليفورنيا، بإطلاق الحملة على فيسبوك بعد الانتشار الواسع الذي لقيته صورة الطفلة الباكية على الحدود والتي التقطها جون موور، إثر فصل طفلة هندوراسية عن والدتها، بينما كان يتم تفتيش الوالدة.
وكان الهدف الأساسي من الحملة جمع مبلغ ألف وخمس مئة دولار للمساهمة في تغطية تكاليف لم الشمل للطفلة نفسها، لكن الحملة سرعان ما توسّعت، ليُصبح المبلغ المطلوب جمعه 11 مليون دولار أميركي. ويتم التبرع بمبلغ 4 آلاف دولار كلّ دقيقة منذ الثلاثاء.
وقال الرئيس التنفيذي لغوغل، سوندار بيتشاي، على تويتر إن “القصص وصور العائلات التي تفصل على الحدود مزعجة جدا”. وأضاف “نطالب حكومتنا بالعمل على إيجاد طريقة أفضل وأكثر إنسانية لتعبر عن قيمنا الحقيقية كدولة”.
من جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة أبل، تيم كوك، لصحيفة “آيريش تايمز”، إنّ الوضع غير إنساني، وأضاف “إنّه لأمر يكسر القلب أن ترى الصور وتسمع أصوات الأطفال (الذين يُفصلون). الأطفال هم الأكثر هشاشة في المجتمع. أعتقد أنّ ما يحصل غير إنساني ويجب أن يتوقف”.
وطالبت رسالة مفتوحة وقعها أكثر من مئة موظف في مايكروسوفت الشركة التكنولوجية بوقف التعامل مع دوريات الحدود الأميركية.
وقالت الرسالة التي تم نشرها داخليا ونقلتها صحيفة “نيويورك تايمز” إنّ الموظفين يرفضون أن يكونوا شركاء في فصل الأطفال عن عائلاتهم على الحدود. من جهتها قالت مايكروسوفت إنّ التكنولوجيا الخاصة بها لا تستخدم في مشاريع تتعلق بفصل الأطفال عن عائلاتهم على الحدود.
وللشركة عقد بقيمة 19.4 مليون دولار أميركي مع وكالة الهجرة والجمارك والإنفاذ الأميركية المعروفة باسم ICE.
وبينما كان ترامب يلوم الإعلام بسبب تغطيته لما يحصل على الحدود مع المكسيك، كان الإعلام المؤيد لترامب عنصريا إلى أبعد حد بموافقته على فصل العائلات.
وقالت قناة “فوكس نيوز” إن لا شيء يحصل أصلاً، وأنّ القصة برمّتها هي اختلاق إعلامي من قبل الإعلام الخاص المناهض لترامب.
وفي برنامج “فوكس آند فريندز” تساءل ستيف دووشي إن كان الأطفال فعلاً محتجزين في أقفاص، ليعتبر أنّ “السلطات ببساطة بنت جدراناً من الأسوار”، معتبراً أنّها ليست أقفاصاً، فيما توضح الصور تماماً أنّها أقفاص. وتسببت هذه التغطية في غضب واسع.