الصناعة التونسية تحافظ على تفوقها في جذب الاستثمارات

الفرنسيون يحتلون الصدارة بنحو 38 في المئة من إجمالي المشاريع الجديدة.
الثلاثاء 2023/07/25
تنظيم الصناديق وترتيبها ليسا صعبيْن كما ترون

تزايدت مؤشرات بروز نمو تدريجي في تدفق رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة إلى تونس مع محافظة قطاع الصناعة على تفوقه في جذب الاستثمارات، رغم أن بيئة الأعمال لا تزال تحتاج إلى عناية أكبر من قبل الدولة للارتقاء بها خلال السنوات المقبلة.

تونس - تلقى مناخ الأعمال التونسي المحاصر بالمشاكل دفعة جديدة مع تسجيل قفزة في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة هذا العام، في ظل جهود حكومية للحد من العقبات أمام المستثمرين من بينها تقليص التراخيص والحد من الإجراءات البيروقراطية.

وتخطت الاستثمارات محنة الركود الذي شابها العام الماضي بسبب التقلبات العالمية عقب الأزمة الصحية، لتبدأ في تسجيل تحسن ملحوظ في النصف الأول من 2023 بقيادة الصناعة، بينما تبدو البلاد متعطشة إلى تنمية الأعمال وتوفير الوظائف.

وتعكس أحدث الدلائل حول نمو الاستثمارات الجديدة خلال الفترة بين يناير ويونيو الماضيين أن ثمة ما يغري أصحاب رؤوس الأموال بالمضي في توسيع محافظ أعمالهم رغم التقييمات السلبية الدولية التي تعطي نظرة غير مطمئنة للمستثمرين وخاصة الدوليين.

وأظهرت بيانات الهيئة التونسية للاستثمار في تقرير حديث تلقت “العرب” نسخة منه أن الاستثمارات التي تفوق كلفتها 15 مليون دينار (4.8 مليون دولار) نمت خلال ستة أشهر بواقع 21 في المئة على أساس سنوي ليبلغ حجمها نحو 815 مليون دينار (265 مليون دولار). ومن خلال هذه الاستثمارات الجديدة المصرح بها لدى الهيئة يمكن توفير حوالي 4354 فرصة عمل لشباب تونس.

هيئة الاستثمار: 21 في المئة نمو رؤوس الأموال في النصف الأول من 2023
هيئة الاستثمار: 21 في المئة نمو رؤوس الأموال في النصف الأول من 2023

وتصدر القطاع الصناعي قائمة المشاريع المصرح بها من خلال استحواذه على 13 مشروعا بكلفة بلغت نحو 200.3 مليون دولار، في حين بلغ تدفق التمويلات إلى الزراعة نحو 20.6 مليون دولار.

وسجلت هيئة الاستثمار استثمارا واحدا في الطاقات المتجددة بقيمة 39 مليون دولار، ومشروعا جديدا واحدا في قطاع الخدمات بقيمة 5.2 مليون دولار.

وتشمل المشاريع الصناعية أساسا الصناعات الإلكترونية والميكانيكية التي تمثل 42 في المئة من حيث كلفة الاستثمارات الصناعية و56 في المئة من حيث مواطن الشغل المزمع إحداثها في هذا القطاع.

ويعتمد الاقتصاد التونسي كثيرا على الصناعة كأحد القطاعات الإستراتيجية إلى جانب كل من المغتربين والسياحة والزراعة والخدمات، والتي توفر العملة الصعبة للبلد المرهق ماليا.

كما أن القطاع الصناعي يساعد على امتصاص جزء من البطالة، التي لا تزال تحوم عند أكثر بقليل من 16 في المئة، وهي نسبة تبدو معقولة قياسا بحوالي 18 في المئة خلال بعض الفترات لاسيما أثناء الأزمة الصحية.

وتشير التقديرات الحكومية إلى أن الصناعة تساهم سنويا بنحو 28.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس، وهي توفر قرابة 34 في المئة من فرص العمل للقوة العاملة النشطة في البلاد.

واللافت أن تقرير الهيئة لم يرصد أي أرقام حول تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع السياحة، الذي يعتبر إحدى قاطرات نمو الاقتصاد بمساهمة سنوية تقدر بنحو عشرة في المئة.

وبلغ عدد المشاريع التي يتضمن هيكل تمويلها مساهمة أجنبية في تركيبة رأس المال ثمانية مشاريع، أي بنسبة 47 في المئة من إجمالي المشاريع المصرح بها وبكلفة استثمار تقدر بنحو 140.3 مليون دولار وتوفر أكثر من 3 آلاف فرصة عمل.

وخلال النصف الأول من العام الجاري احتلت فرنسا، التي تعتبر من الشركاء الاقتصاديين الإستراتيجيين لتونس، موقع الريادة من حيث عدد المشاريع المصرح بها والمزمع إنجازها بنسبة 38 في المئة من إجمالي المشاريع ذات المساهمة الأجنبية.

ووفق بيانات الهيئة فقد جاءت هولندا وليبيا والأردن وإسبانيا وبلغاريا في المركز الثاني بنسبة استثمارات بلغت نحو 13 في المئة لكل منها. وتشمل الاستثمارات المصرح بها إلى حدود شهر يونيو إقامة مشاريع جديدة بلغ عددها تسعة، وهو ما يمثل 58 في المئة من حجم الاستثمارات الإجمالية المصرح بها.

في حين بلغ عدد مشاريع التوسعة ثمانية لتمثل بذلك 47 في المئة من عدد المشاريع المصرح بها، بقيمة استثمارات إجمالية تقدر بنحو 110 ملايين دولار ستمكن من توفير 1867 موطن شغل.

وقالت الهيئة إن هذا “يعتبر مؤشرا إيجابيا يعكس مدى تحسن نسق الاستثمار وتسجيل فرص جديدة للاستثمار وستمكن من خلق 2487 فرصة عمل جديدة”.

أبرز القطاعات استقطابا للاستثمار

  • الصناعة جذبت 13 مشروعا بقيمة تبلغ 265 مليون دولار
  •  الزراعة جذبت مشروعين بقيمة 20.6 مليون دولار
  •  الطاقة المتجددة جذبت مشروعا واحدا بقيمة 39 مليون دولار
  •  الخدمات جذبت مشروعا واحدا بقيمة 5.2 مليون دولار

وتعطي هذه المؤشرات انطباعا بأن قطاع الاستثمار المحلي يحاول النهوض تدريجيا، ولكن مسار التعافي يبدو بطيئا. ومع ذلك، يعتقد البعض من الخبراء أنه أفضل من لا شيء، وذلك بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد التونسي بشكل عام.

وتقول أوساط اقتصادية إن الأرقام تعتبر مؤشرا إيجابيا يعكس مدى تحسن وتيرة مناخ الأعمال وستمكن من توفير المزيد من الوظائف في سوق العمل المتضرر من تتالي الأزمات.

وأظهرت بيانات لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي أواخر يناير الماضي أن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق المحلية نما بنسبة 18.4 في المئة بنهاية 2022 على أساس سنوي ليبلغ 2.2 مليار دينار (نحو 694 مليون دولار).

وتبدو الأرقام الرسمية، التي توضح حجم الاستثمار الأجنبي في قطاعات مختلفة تشمل الصناعات التحويلية والخدمات والزراعة والطاقة، ضئيلة قياسا بالسنوات الثلاث التي سبقت تفشي وباء كورونا، كما أنها قليلة إذا ما تم النظر إلى أسواق المنطقة مثل المغرب ومصر.

ويعاني البلد، البالغ حجم ناتجه المحلي الإجمالي السنوي نحو 40 مليار دولار، من أزمة اقتصادية بسبب تداعيات الأزمة الصحية ثم عمّقتها آثار الحرب في أوكرانيا، وسط محاولات من السلطات لتعديل الأوضاع مع اقتراب حصول تونس على قرض من صندوق النقد الدولي.

وتسعى تونس، التي تكافح من أجل معالجة أوضاع المالية العامة المتضررة بشدة، للحصول على قرض من الصندوق بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات غير شعبية تشمل خفض الإنفاق وخفض دعم الطاقة والغذاء.

ولا تزال تحديات جذب رؤوس الأموال المباشرة على النحو الأمثل رهانا صعبا للسلطات رغم إقرارها في عام 2016 قانونا جديدا للاستثمار، والذي يجمع اقتصاديون على أنه لم يضف نتائج واضحة حتى الآن وأن بيئة الأعمال ظلّت طاردة لرؤوس الأموال.

وتشكل القوانين الخاصة بالاستثمارات وتجذر البيروقراطية أحد أهم العراقيل التي تجعل المستثمرين ينفرون من السوق، وهو ما يقلص فرص نجاح عملية التسويق لبيئة الأعمال بالبلاد كونها ستكون أكثر من مجرد دعاية نظرا لوجود تجارب سابقة لم تنجح.

11