الصناعة الأردنية تكافح لتحفيز قدراتها التنافسية

القطاع لا يزال تائها في دروب الخطط القديمة رغم محاولات السلطات تذليل العقبات أمام ترقية نشاطه.
الثلاثاء 2023/01/03
أين تجهيزات الحماية؟

تتفق أوساط صناعية أردنية على أن القطاع يواجه تحديات بسبب تكاليف الإنتاج المرتفعة، مما أبعده عن منافسة البضائع الموردة الأمر الذي يدفع أصحاب الشركات إلى إعادة ترتيب أولويات أعمالهم لتجنب أي تداعيات سلبية قد تؤثر على نشاطهم.

عمّان – أشاعت المؤشرات الإيجابية حول تعافي الصناعة الأردنية العام الماضي حالة من التفاؤل بين أوساط القطاع بعودته إلى سالف نشاطه قبل الأزمة الصحية وبإمكانية دعم الاحتياطات النقدية لدى البنك المركزي.

ولكن يبدو أن العاملين في هذا المجال الإستراتيجي بفضل مساهمته في مجمل الناتج المحلي الإجمالي يقفون اليوم على مفترق طرق قد يجعلهم يعيدون حساباتهم مرة أخرى خاصة في ظل المنافسة الشرسة مع المنتجات التي يتم توريدها من الخارج.

علاء أبوخزنة: المصدرون يخوضون حربا باردة مع المنتجات المنافسة
علاء أبوخزنة: المصدرون يخوضون حربا باردة مع المنتجات المنافسة

ويصور علاء أبوخزنة صاحب مصنع للبلاستيك وممثل قطاع الصناعات البلاستيكية في غرفة صناعة الأردن واقع الصناعة المحلية بأن المصدرين يشعرون أنهم يخوضون “حربا باردة” مع المنتجات المنافسة.

ويقول أبوخزنة لرويترز إن نحو 650 مصنعا للبلاستيك تعمل في السوق المحلية وتشكل فاتورة الكهرباء ما يقارب 40 في المئة من تكاليف إنتاجها، وتجاهد يوميا للاستمرار “وسط مطالبات بمزيد من الدعم الحكومي الذي لا يمكن وصفه حاليا إلا بالمتواضع”.

وأضاف أن “مصانع البلاستيك تعمل 24 ساعة في اليوم وتعتمد على الكهرباء بشكل أساسي إلى جانب مدخلات إنتاج يتم استيرادها برا من الخليج وبحرا من الولايات المتحدة وكوريا وتايوان والصين”.

وبيّن أبوخزنة أن ارتفاع كلفة الطاقة ومدخلات الإنتاج تقف عائقا أمام المصانع المحلية لكي تنافس أسعار منتجات الدول الأخرى مثل تركيا وإيران وبعض دول الخليج التي تشهد دعما حكوميا في بلادها إلى جانب انخفاض تكاليف الطاقة.

ولكنه أكد أن المنتجات الأردنية رغم تلك التحديات تنافس بالجودة وتنوع الأصناف إلى جانب التطوير المستمر للمنتجات، مبينا أن صادرات المنتجات البلاستيكية تبلغ نحو 250 مليون دينار (353 مليون دولار) سنويا.

وحاولت المصانع التقليل من تكاليف استهلاك الكهرباء من خلال تقديم طلبات لبرامج ترشيد الطاقة وتركيب الألواح الشمسية، إلا أن معظمها قوبل بالرفض بحجة أنها لا تقع ضمن المناطق الجغرافية المناسبة لاستخدام الطاقة البديلة.

ويعمل في مصانع البلاستيك في السوق المحلية ما يتجاوز 12 ألف موظف، بحسب بيانات غرفة صناعة الأردن.

وتقول وزارة الطاقة والثروة المعدنية على موقعها الإلكتروني إنها أطلقت مؤخرا المرحلة الثالثة من برنامج الدعم للقطاع الصناعي، بهدف تخفيض كلفة الإنتاج وزيادة قدرة القطاع التنافسية بكلفة إجمالية للبرنامج تبلغ أربعة ملايين دينار.

وبحسب الوزارة فقد وقع صالح الخرابشة وزير الطاقة اتفاقيات مع 10 مصانع تأهلت لهذه المرحلة لتوفير تمويل صناعي متخصص طويل الأمد ومتجدد.

عبدالله الشوابكة: قطاع الحديد يحاول المنافسة رغم التحديات والتوقف أصعب
عبدالله الشوابكة: قطاع الحديد يحاول المنافسة رغم التحديات والتوقف أصعب

وبدأت هيئة الطاقة الأردنية في أبريل الماضي تطبيق تعرفة كهربائية جديدة، قامت من خلالها بتخفيض التعرفة للقطاعات الاقتصادية الرئيسية، كالقطاعات التجارية والصناعية، والفندقية، والزراعية والصحية.

وبحسب موقع وزارة الطاقة هناك توجه حكومي لتبني خطة عمل حكومية لتزويد التجمعات الصناعية بالغاز الطبيعي.

ويتفق عبدالله الشوابكة صاحب مصنع لإنتاج الحديد مع أبوخزنة حول واقع التحديات التي تواجه الصناعات المحلية، ويقول “نحن نعمل ونحاول المنافسة رغم التحديات (…) فالتوقف عن العمل أصعب بكثير”.

وأضاف الشوابكة مدير عام شركة طيبة للصناعات المعدنية لرويترز “نعمل في إنتاج الحديد منذ 15 عاما ولدينا نحو 500 موظف وسواء كان لدينا هامش ربح قليل أو خسائر في كل عام، هو أفضل من الإغلاق والخروج من السوق في ظل الالتزامات والقروض”.

وبين أن كلفة الطاقة من أهم التحديات التي تقف عائقا أمام الصناعة المحلية إذ تشكل نحو 30 في المئة من تكاليف الإنتاج وغالبيتها من الكهرباء.

ولكن بحسب الشوابكة فقد ساهمت التعرفة الجديدة للكهرباء في التقليل من كلفة الطاقة على الصناعة ولكنها ما تزال تعتبر مرتفعة، وسط المنافسة الشديدة للسلع الحديدية المستوردة في السوق المحلية.

وأشار إلى أن من التحديات الأخرى التي تواجه الصناعة المحلية عدم قدرة الحكومة على حماية المنتج المحلي “وخاصة قيامها بإعفاء مدخلات الإنتاج للمواد نصف المُصنعة، في الوقت الذي نصنع فيه نحن الحديد من الخردة التي يُعاد صهرها من جديد”.

وأكد الشوابكة الذي يصدر مصنعه الحديد للأراضي الفلسطينية وبعض الدول الأوروبية، على ضرورة تقديم الدعم للصناعات المحلية لكي تستطيع المنافسة بطرق أكثر عدالة ودخول أسواق جديدة.

وتعتبر الصناعة من أبرز القطاعات المهمة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والأعلى مساهمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

فتحي الجغبير: الصناعة لم تصل بعد إلى أقصى إمكانات الإنتاج والتصدير
فتحي الجغبير: الصناعة لم تصل بعد إلى أقصى إمكانات الإنتاج والتصدير

وقال فتحي الجغبير رئيس غرفة صناعة الأردن لرويترز إنه “رغم ما يحققه القطاع خلال الفترة الحالية وما حققه خلال الفترة الماضية، فلم يصل بعد إلى أقصى إمكاناته وقدراته سواء على صعيد الإنتاج للسوق المحلية أو حتى التصدير”.

وأوضح أن ذلك يعزى إلى عدة أسباب أبرزها ارتفاع كلف الإنتاج وأن “الفروق في كلف الانتاج مع منافسينا في الأسواق الداخلية وأسواقنا التصديرية تصل إلى 25 في المئة مما يعيق بشكل واضح القدرة التنافسية”.

وأكد أن تكاليف الطاقة تعتبر أحد أبرز العراقيل أمام العملية الإنتاجية بالإضافة إلى تكاليف النقل، وأسعار المواد الخام، والضرائب والرسوم المختلفة.

وتطرق الجغبير إلى تحد آخر هو منافسة البضائع المستوردة ذات المثيل المحلي، والتي تشكل أكثر من 35 في المئة من الواردات الكلية، مضيفا أن “معظم الدول التي نستورد منها لا تطبق مبدأ المعاملة بالمثل وتعيق دخول الصادرات الأردنية إليها”.

ويرى أن الحلول التي يمكن تقديمها لدعم الصناعة تتمثل في تعزيز التنافسية وخفض كلفة الإنتاج وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى حماية المنتج المحلي.

ولن يتم ذلك، حسب رأيه، إلا من خلال التأكيد على مبدأ المعاملة بالمثل وإلزام المؤسسات الحكومية بشراء المنتج المحلي، للحد من إغراق المنتجات الأجنبية للسوق المحلية والمنافسة السعرية الشديدة.

ودعا الجغبير إلى أهمية الترويج للصناعات المحلية وزيادة المشاركات المحلية والدولية في المعارض التجارية، بهدف توسيع النطاق الجغرافي للمنتجات الأردنية وزيادة حصتها في الأسواق العالمية.

11