الصناعات في الأردن تبحث عن محفزات أقوى لدعم تنافسيتها

فتحت الأوساط الصناعية في الأردن جبهة ضغط جديدة على السلطات من أجل دفعها إلى اعتماد مبادرات أكثر عملية لتنشيط هذا القطاع المهم من خلال تطوير الأنظمة والقوانين، بما يدعم فرص نمو المنتجات المحلية ويعزز مزاياها التنافسية بشكل أقوى.
عمان - استبق صناعيون أردنيون الانتخابات البرلمانية المقررة بعد شهر من الآن بممارسة ضغوط على الأعضاء المفترضين في مجلس النواب المقبل لحثهم على التفكير بعمق في وضع خطط من خلال دورهم التشريعي والرقابي تدعم مسار الحكومة لجعل القطاع أكثر نشاطا.
وأكد هؤلاء الأحد أن القطاع يعول على مجلس النواب المقبل عبر مختلف لجانه الاقتصادية بإعادة النظر بعدد من التشريعات والأنظمة والقوانين، لجهة تطوير ودعم المنتج المحلي، وتلبية احتياجات المصانع المحلية. وتعتبر الصناعة من أبرز القطاعات المهمة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والأعلى مساهمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
وتظهر التقديرات الرسمية أنّ مساهمة القطاع تصل إلى أكثر من 24 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص عمل لقرابة 20 في المئة من القوى العاملة بالبلاد.
وأكد رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمّان فتحي الجغبير، تطلع القطاع إلى تحسين مستوى شراكة القطاع الخاص مع مختلف الجهات المرتبطة بعمله، ومن أبرزها البرلمان لدوره المهم في تشريع وسن القوانين ذات العلاقة بالصناعة الوطنية.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الجغبير قوله إن "الصناعة هي المفتاح الرئيس للتشغيل والتوظيف ومعالجة مشكلتي البطالة والفقر، والداعم الأول للبلاد من العملة الصعبة والمحرك الرئيس للعديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى".
ويستحوذ القطاع على نحو 95 في المئة من الصادرات الأردنية، وأكثر من 70 في المئة من الاستثمارات الأجنبية، وفق ما تشير إليه بيانات الغرفتين.
ولفت الجغبير إلى أن مساهمة القطاع بالناتج المحلي الإجمالي تبلغ 44 في المئة بشكل غير مباشر، مما يعني أن “الصناعة هي الأداة الأساسية القادرة على حل الكثير من المشكلات والتحديات التي تواجه الاقتصاد". واعتبر أن أمام مجلس النواب فرصة مهمة لدعم إنجاح رؤية التحديث، خصوصا في ظل ما تتضمنه من إصلاحات تشريعية، تعكس رؤى وتطلعات القطاع الخاص.
وقال "نحن اليوم بأمس الحاجة إلى العمل الموجه نحو المجالات ذات الأولوية، ولعل المفتاح الرئيس لدفع معدلات النمو الاقتصادي وحل مشكلتي البطالة والفقر، يكمن في استقطاب الاستثمار النوعي والحفاظ على الاستثمارات المحلية وتنميتها". وأضاف أن "هذا لا يتحقق إلا من خلال الدور الحقيقي للسلطة التشريعية، القادرة على إيجاد بيئة استثمارية ممكنة لممارسة الأعمال".
ويمتلك القطاع قدرات إنتاجية كبيرة وقيمة مضافة عالية، حيث يبلغ إجمالي الإنتاج السنوي بالقطاع 25 مليار دولار، بينما يصل عدد السلع التي يتم إنتاجها إلى 1500، ضمن القطاعات الصناعية الفرعية المختلفة.
وتزخر الصناعة بالكثير من الفرص تقدر بنحو 4.4 مليار دولار، تتركز بمنتجات الأسمدة بقيمة مليار دولار، والصناعات الكيماوية بـ726 مليون دولار، والألبسة بـ560 مليون دولار، والصناعات الدوائية بـ461 مليون دولار والموارد المعدنية بـ328 مليون دولار.
ويعد القطاع محط أنظار المستثمرين المحليين والعرب، كونه مدخلا على أسواق تضم أكثر من 1.6 مليار مستهلك بالعالم، بفعل العديد من الاتفاقيات الاقتصادية التي وفرتها عمّان بهدف تمكين القطاع الخاص ودعمه.
واعتبر ممثل قطاع الصناعات العلاجية واللوازم الطبية في غرفة صناعة الأردن فادي الأطرش أهمية تعزيز التشاركية الحقيقية بين القطاع الخاص ومجلس النواب المقبل عند سن التشريعات الاقتصادية المحفزة لبيئة الأعمال والاستثمار بالسوق المحلية.
وقال إن على البرلمان الجديد أن "يتمتع بدور فاعل في الرقابة على تنفيذ التشريعات ومستهدفات رؤية التحديث، بما ينعكس على نمو القطاعات، لاسيما الصناعية منها على زيادة الإنتاج والتوسع بالاستثمار وتوفير المزيد من فرص العمل وتذليل العقبات التي تواجهها".
وانخفض الرقم القياسي العام لأسعار المنتجين الصناعيين حتى نهاية مايو الماضي بنسبة 1.04 في المئة، ليبلغ 107.39 نقطة مقابل 108.52 للفترة نفسها قبل عام.
وارتفع الرقم القياسي العام لكميات الإنتاج الصناعي خلال الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 1.26 في المئة ليبلغ 85.06 نقطة، مقابل 84 نقطة للفترة نفسها من العام السابق. وبلغت صادرات القطاع الصناعي خلال النصف الأول من هذا العام، 4.2 مليار دينار (5.9 مليار دولار)، قياسا مع 5.95 مليار دولار على أساس سنوي.
وأسهم القطاع الصناعي بنصف النمو الاقتصادي للأردن، الذي تحقق خلال الربع الأول من العام الحالي والبالغ اثنين في المئة، مما جعله في مقدمة القطاعات الاقتصادية المساهمة بالنمو.
ويعتقد رئيس جمعية مستثمري شرق عمّان الصناعية إياد أبوحلتم أن السلطة التشريعية منوطة بها إعادة النظر في العديد من القوانين والأنظمة الاقتصادية، ومتابعة تنفيذ التشريعات ذات العلاقة بعمل القطاع الخاص، لاسيما الصناعي.
كما شدد على ضرورة أن يكون أعضاء المجلس المقبل على علاقة مباشرة مع القطاع الخاص عبر عقد اجتماعات دورية معه، بهدف تحقيق الشراكة الحقيقية في وضع تشريعات حديثة تحفز الاقتصاد وتراعي استقرار البيئة التشريعية الاقتصادية.
وذهب ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن إيهاب قادري في الاتجاه ذاته بالتأكيد على أن نمو الاقتصاد وحفز التشغيل يتطلبان تشريعات عصرية ميسرة لبيئة الأعمال وممكنة لاستقطاب الاستثمارات، مع ضمان الاستدامة.
وتتوزع في البلاد أكثر من 18 ألف منشأة صناعية، منها 16.2 ألف منشأة حرفية ونحو 1.8 ألف منشأة صناعية، وهي تشغل 268 ألف عامل وعاملة.
وكان الأردن قد أقام مطلع 2023 شراكة صناعة تكميلية رباعية مع كل من الإمارات ومصر والبحرين، والتي تمثل خطوة إستراتيجية لإقامة قاعدة صناعية صلبة، قائمة على أساس الميزة التنافسية والموارد والمزايا التي تشمل توفر المواد الأولية والخام في كل بلد.