الصناعات الحرفية في الأردن تكافح لتخفيف أزماتها

وجدت الصناعات الحرفية في الأردن نفسها في موقف هجومي في ظل سيل من المشكلات، التي حاصرتها طيلة أشهر، وهو ما دفع أوساط القطاع إلى ممارسة ضغوط على السلطات للتحرك من أجل إنقاذه ووضع أسس قانونية وتحفيزية تزيد دوره في الاقتصاد.
عمّان - برزت في الآونة الأخيرة مطالبات الكثير من العاملين بقطاع الصناعة الحرفية في الأردن لحماية منشآتهم وتوفير برامج دعم مالي وفني لأصحاب الأفكار الابتكارية، وتوفير مظلة قانونية تشريعية تحمي الصناعة الحرفية بما يخدم تنمية الاقتصاد المحلي.
وتؤكد أوساط القطاع عدم وجود بيانات دقيقة لحجم العمالة في هذه الصناعات، ولاسيما أن معظمهم يعمل في القطاع غير الرسمي أو المنظّم، داعين إلى إيجاد وسائل لضمها تحت مظلة واحدة.
وتشكل المنشآت الحرفية نحو 90 في المئة من إجمالي المنشآت العاملة بالسوق المحلية، حيث يقدّر عددها بأكثر من 150 ألف منشأة صناعية وتجارية تشغّل نحو 265 ألف عامل.
وأكد ممثل قطاع الصناعات الحرفية في غرفة صناعة الأردن، فواز الشكعة، أن تعزيز فاعلية وعمل المنشآت الحرفية الصغيرة يكمن في إنشاء مظلة ومرجعية خاصة تدعم وتتبنى عملها.

فواز الشكعة: لا بد من توفير برامج دعم لزيادة دور القطاع في الاقتصاد
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الشكعة قوله إن “الضرورة اليوم تقتضي إعداد إستراتيجية واضحة وقانون مختص في تنظيم بيئة عمل المنشآت الحرفية وتأطيره”.
وأشار إلى أن الحكومة عليها تسهيل الإجراءات والمعايير المطلوبة لوصول المنشآت الحرفية إلى برامج الدعم والتمويل، بهدف زيادة حصتها في إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل المؤسسات المالية.
وأضاف “لا بد من توفير برامج دعم خاصة للأفكار الريادية والإبداعية للمنشآت والمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر ومنحها مزايا وحوافز مالية وفنية لتعظيم حصتها في الاقتصاد المحلي”.
ومن العراقيل التي تقف عائقا أمام تطور القطاع غياب تشريعات تنظمه، وضعف بيئة العمل وبرامج الدعم الميسرة للأداء، وصعوبة الحصول على التمويل اللازم لإدامة العمليات الإنتاجية بسبب عدم القدرة على تحقيق الضمانات للحصول على التمويل من البنوك.
ويدفع هذا الوضع المنشآت إلى التوجه نحو مؤسسات الإقراض الصغير التي لا توفر كل التمويل اللازم.
وتبرز كذلك صعوبة الوصول إلى الأسواق، بسبب ضعف القدرات الترويجية والتسويقية ومحدودية الطاقة الإنتاجية وعدم القدرة على تحمل المخاطر وتكاليف التصدير وغيرها.
وتشمل غالبية المنشآت التي تنضوي تحت مظلة القطاع الحرفي أنشطة تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات بما نسبته 60 في المئة من إجمالي المنشآت الحرفية.
وبحسب البيانات الرسمية تشكل الصناعات التحويلية ما نسبته 11.8 في المئة، والأنشطة الخدمية نسبة 8.9 في المئة.
ويبلغ عدد المنشآت الحرفية في القطاع الصناعي نحو 17.8 ألف منشأة، أي ما نسبته 82.3 في المئة من إجمالي منشآت القطاع.
وتشغل هذه المنشآت قرابة 35 ألف عامل يشكلون 15 في المئة من إجمالي عمالة القطاع الصناعي، يتركزون في الصناعات الإنشائية بما نسبته 26.3 في المئة، والصناعات الخشبية والأثاث بنسبة 22.3 في المئة والصناعات الغذائية بنسبة 20.5 في المئة.
وفي ظل غياب أرقام رسمية دقيقة يصعب تقدير مساهمة المنشآت الحرفية في الناتج المحلي الإجمالي كون معظمها تعمل في القطاع غير الرسمي.
لكن التقديرات تشير إلى أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة الذي يضم هذه المنشآت، يسهم بنحو 22.8 في المئة كما تظهره أرقام البنك المركزي لعام 2022.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حصتها من الصادرات لا تتجاوز 10 في المئة من إجمالي الصادرات.
وتستحوذ منشآت القطاع الحرفي على 31.5 في المئة من إجمالي القوى العاملة بالاقتصاد الأردني، وقد تزيد النسبة على ذلك باحتساب العمالة غير الرسمية في القطاع.
ولدى أوساط القطاع قناعة بأنه بالإمكان زيادة القوى العاملة التي تنشط في الصناعات الحرفية لدورها في النمو الاقتصادي والتخفيض من نسب البطالة وتحسين الأوضاع المعيشية للكثير من الأردنيين.
وقال رئيس جمعية صنّاع الحرف التقليدية رائد البدري، إنه “لا توجد قاعدة بيانات للقطاع على الرغم من أهميته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، إذ يشغل شبابا وفتيات وفنانين وذوي إعاقة”.
وأوضح البدري الذي يمثل الأردن في مجلس الحرف العالمي ومجلس آسيا والباسيفيك، أن القطاع يعاني من قصور وضعف في التشريعات والأنظمة والتعليمات.

رائد البدري: القطاع يعاني من العشوائية وغياب التشريعات الناظمة
وقال “لا توجد مظلة قانونية للإشراف والرقابة وتنظيم القطاع، فضلا عن المنافسة غير العادلة مع المنتج الأجنبي، وضعف مخرجات التدريب في المؤسسات الرسمية والعاملة بالقطاع وعدم تطوير التصاميم وضعف التسويق وعشوائيته”.
وأكد البدري على ضرورة حماية الصناعات الحرفية، من خلال إيجاد تشريعات تفضي إلى مجموعة من الوسائل ذات الفعالية العالية لتنفذ بنحو منظم وفي إطار متكامل.
وتعمل الجمعية مع العاملين في القطاع من أجل المحافظة على “أصالة المنتج الحرفي التقليدي، وإبرازه في المحافل الدولية كموروث ثقافي وحضاري”.
وقال مؤسس بيت المهباش الأردني سامر فريحات، إن “عمل البيت يتركز في صناعة المهباش والأدوات التراثية التقليدية”.
وأكد أن أبرز التحديات التي يواجهها الحرفيون، هو عدم وجود قرية حرفية متخصصة، تضم الحرفيين تحت مظلة واحدة وتعرض لهم منتجاتهم بنحو مباشر، وتتيح لهم شرح آلية عملهم وأهمية صناعاتهم.
وأشار إلى أن وجود منافسة صينية وهندية ومصرية، يشكل تحدياً كبيراً لصناع الحرف، رغم أن المنتج لا يحمل قصة أو هوية أصيلة، كونه منتجا صناعيا بالكامل.
واعتبرت أسماء اليوسف مؤسسة العلامة التجارية “زمرد” للأقمشة المرسوم عليها يدويا، أن توفر المواد والخامات المطلوبة للعمل، يمنع مواجهة أي صعوبة، مشيرة إلى أن الصعوبات تكمن في كيفية طرح وتسويق المنتجات في الأسواق المحلية والعالمية.
وقالت إنها “تواجه صعوبات تتعلق بكمية الإنتاج كونها تنتج قطعاً بتصميم خاص إضافة إلى صعوبة التسويق وتكلفة التعاقد مع شركات متخصصة في ذلك، كونها تطلب نسبة من الأرباح”.