الصناعات الثقافية والإبداعية قوة المغرب الناعمة لتحقيق التنمية

الدار البيضاء- أكدت رئيسة فيدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية المغربية نائلة التازي، أخيرا بالدار البيضاء، أن هذه الصناعات تمثل قطاعا صاعدا ذا قيمة مضافة عالية.
وفي مداخلة لها خلال ندوة صحافية خصصت لتقديم خلاصات دراسة تحت عنوان “أي تحولات تشهدها الصناعات الثقافية والإبداعية بالمغرب؟”، وهي الدراسة التي ركزت على أربعة فروع محورية هي النشر والعروض الحية والسمعي البصري والموسيقى، شددت التازي على أهمية الدور الذي يضطلع به هذا القطاع في تحقيق التنمية البشرية والدفع بالنمو الاقتصادي. واعتبرت أن الصناعات الثقافية والإبداعية مفيدة لقطاعات أخرى، منها بالخصوص السياحة والشباب والتربية وحتى الميدان الدبلوماسي، مبرزة ضرورة إعطائها دفعة قوية، لاسيما في ظل الأزمة الحالية.
وذكرت أن هذه الدراسة، التي أنجزت بشراكة مع فيدرالية والوني بروكسيل، أظهرت أيضا الأهمية التي يوليها “شركاؤنا بالخارج لهذا القطاع”، معبرة عن قناعتها الأكيدة بأن المغرب يزخر بالمواهب وبإرث غني قادر على أن يكون عاملا محوريا في النهوض بالصناعات الثقافية والإبداعية.

نائلة التازي: على الصناعات الثقافية الاستعانة بالتقنيات الرقمية
ولا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، والاستدامة البيئية، ما لم يكن هنالك وعي جماعي بالقيمة التي تحملها الصناعات الثقافية بوصفها مصادر للإبداع والابتكار، من أجل تحقيق التنمية المستدامة وما توفره من فرص للأجيال المقبلة. وهو ما أكدت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ قرارها المؤرخ في العشرين من ديسمبر 2013، وهو يسلّم بما أسماه “الإمكانيات الكامنة في الثقافة بوصفها قوة دافعة للتنمية المستدامة”.
يتفق المنظرون للصناعات الثقافية والإبداعية على أن الثقافة سابقة على التنمية ومؤسسة لها، وهي تمتلك قدرة على تغيير المجتمعات، بل هي أساس فعل التغيير نفسه. فالثقافة هي التي تنمي الحس النقدي وتصوغ مقولات التغيير وتفكك الأوضاع القائمة، وترسم آفاقا نحو الحلم بالجديد دائما. كما أن الثقافة، في نظر المهتمين بالصناعات الثقافية والإبداعية، بقدر ما تدعو إلى الاعتزاز بالتراث الثقافي، المادي وغير المادي عبر حماية التراث والاحتفاء به، تدعو إلى الانفتاح على الثقافات الأخرى.
وسجلت التازي أن الأزمة الصحية كان لها تأثير قاس على القطاع الصناعات الثقافية، خاصة الموسيقى والعروض الحية ومختلف التظاهرات الثقافية والفنية، مبرزة في الإطار ذاته أهمية تسريع وتيرة الإصلاحات، وفي مقدمتها الإصلاحات التشريعية، وبالأخص ما يرتبط منها بتسريع مسار المصادقة على القانون المتعلق بحقوق المؤلف الذي يبقى حلقة محورية داخل سوق الصناعات الثقافية والإبداعية.
ولفتت الانتباه أيضا إلى أنه بات من الضروري اغتنام الفرص التي تتيحها التقنيات الرقمية، من أجل تسريع التدابير العرضانية المتضمنة في الإصلاحات الموجهة للقطاع، والذهاب إلى حد مواكبة هذه الصناعات التي تعد قطاعا رئيسيا في ما يخص انطلاق الشباب وبناء التنمية بالمغرب.
ومن ثم فإنه من الضروري مواكبة التطورات الرقمية ومن بينها ما يتعلق بالفنون والعروض الحية وجوانب أخرى مرتبطة بإغناء وتطوير المحتوى المتعلق بالثقافة المغربية المنشور على الموسوعات الرقمية التشاركية من خلال التعاون المشترك والمستمر بهدف الرقي بالمضامين الثقافية لهذه الموسوعات التي تشكل فضاء مفتوحا لتبادل المعرفة.
◙ لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، والاستدامة البيئية، ما لم يكن هنالك وعي جماعي بالقيمة التي تحملها الصناعات الثقافية
ومن جهته، اعتبر رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج أن الثقافة أصبحت رهانا استراتيجيا على المستويين الوطني والقاري، وبرهنت على الصعيد العالمي أنها قادرة على خلق الثروة والشغل، وأنها تشكل عنصرا مركزيا ضمن القوة الناعمة للدول.
وتابع، أنه في المغرب، النموذج الجديد للتنمية جعل من الثقافة محورا رئيسيا لتنمية الرأسمال البشري، وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي عبر كل التراب الوطني.
وذكر لعلج بأن المغرب ما فتئ يدعو إلى تنمية الثقافة، مبرزا أنه بادر إلى إطلاق أوراش كبرى لإدراج الثقافة في سياق مشروع طموح للمغرب والمغاربة، ومن ذلك على الخصوص بناء المسارح الكبرى وسياسة تقوية شبكة المتاحف والمهرجانات الكبرى.
ومن جهته، أوضح المندوب العام لفيدرالية والوني بروكسيل وتونوبو كاساجيما أن العلاقات التي تجمع بين المغرب وبلجيكا مترسخة وتغطي العديد من المجالات، وخاصة مجالي التكوين والتعليم العالي.
وأضاف أن “ميلاد فيدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية شكل فرصة بالنسبة إلينا لتقوية هذا التعاون الناجع مع فاعلين في الميدان”، مشيرا إلى أن “الشراكة مع هذه الفيدرالية تمثل أداة لدعم الاحتراف بقوة في هذا القطاع”.
وقال إن الدارسة هي ثمرة تفكير مبدئي بهدف مواكبة الفيدرالية، وإجراء تشخيص أولي للمكونات الأربعة للقطاع.
وقد تم إجراء هذه الدراسة الميدانية بشكل مستقل تماما من قبل فريق من الباحثين المغاربة، في تفاعل منتظم وبناء مع صانعي القرار والفاعلين والمراقبين. وتقدم هذه الدراسة الميدانية مفاتيح لتفكيك أداء أربعة قطاعات إبداعية في المغرب، وهي النشر والفنون المسرحية والموسيقى المعاصرة والسمعي البصري.