الصفدي يبحث في واشنطن المعونات الأميركية للأردن

تخفف المساعدات المالية الأميركية للأردن، وهي أكبر برامج للمساعدات الأميركية في العالم، حدة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، إلا أنها لا تحل مشاكلها متعددة الأوجه، في ظل عجز الموازنة وارتفاع معدلات الفقر.
عمّان - بدأ نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الجمعة زيارة عمل إلى الولايات المتحدة يبحث خلالها المعونات الأميركية للمملكة خلال الأعوام القادمة، متسلحا بالشراكة الإستراتيجية مع واشنطن وفي ظل أزمة اقتصادية تمر بها المملكة التي تعتمد كثيرا على المساعدات المالية الخارجية المتراجعة بشدة.
ويعيش الأردن أزمة اقتصادية خانقة في ظل عجز الميزان التجاري وارتفاع نسب المديونية التي بلغت أرقاما قياسية.
ويعاني البلد، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، مما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بوصفها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.
وتراجع تفاؤل الأردنيين باقتصاد بلادهم، إذ عبّر نحو نصف الأردنيين (51 في المئة) عن عدم تفاؤلهم بالوضع الاقتصادي خلال العامين المقبلين، بينما ترى الغالبية العظمى منهم (81 في المئة) أن الأوضاع الاقتصادية تسير في الاتجاه السلبي.
1.45
مليار دولار مساعدات أميركية للمملكة الهاشمية بين الأعوام 2023 و2029
وذكر تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لسنة 2021 أن مليون شخص يعانون من نقص التغذية في الأردن.
وأظهر التقرير أن الأردن يعاني من تحديات جدية في تحقيق أهداف القضاء التام على الجوع، وتحقيق الصحة الجيدة والرفاه والتعليم الجيد وتطوير الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.
ويتخوف مراقبون من تداعيات الأوضاع الاقتصادية التي قد تؤجج التوتر الاجتماعي جراء حالة التدهور الحاصلة التي لا آفاق قريبة لتجاوزها.
ويعتمد اقتصاد الأردن إلى حد ما على المساعدات وخصوصا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض دول الخليج.
ويعتبر برنامج المساعدات الأميركية للأردن -وهو أحد حلفاء واشنطن الأساسيين في الشرق الأوسط- من أكبر برامج المساعدات الأميركية في العالم.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن خلال لقائه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في يوليو الماضي عزم بلاده على توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع الأردن، توفر عبرها مساعدات سنوية للأردن لا تقل عن 1.45 مليار دولار، خلال الفترة الممتدة بين 2023 و2029.
وأعاد الرئيس بايدن خلال لقائه العاهل الأردني، على هامش قمة جدة، التأكيد على دعم الولايات المتحدة المطلق للأردن كحليف رئيسي للولايات المتحدة وقوة داعمة للسلام في المنطقة.
وتعكس المذكرة الجديدة التزام الولايات المتحدة بدعم الأردن واستقراره، ومتانة الشراكة طويلة الأمد بين البلدين الصديقين، وستسهم المساعدات التي ستقدم وفق المذكرة في دعم الاقتصاد والعملية التنموية، ودعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته المملكة.
برنامج المساعدات الأميركية للأردن يعتبر من أكبر برامج المساعدات الأميركية في العالم
وتعد هذه المذكرة الأكبر من حيث حجم المساعدات المقدمة إلى المملكة، والأطول من حيث المدة الزمنية، وتبنى على أكثر من سبعة عقود من الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، وستحل محل مذكرة التفاهم الحالية التي ينتهي العمل بها في سبتمبر الجاري.
وجرى في عام 2008 توقيع مذكرة التفاهم الأولى حول الشراكة الإستراتيجية، وتوقيع مذكرة التفاهم الثانية في عام 2015، وتم توقيع مذكرة التفاهم الثالثة في عام 2018.
وعلى مدار السنوات الماضية قدمت الولايات المتحدة إلى الأردن مساعدات مجزية؛ إذ يعتبر من مصلحة واشنطن تعزيز الاستقرار في المملكة الهاشمية التي تستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري يمثلون حوالي 15 في المئة من سكان الأردن.
واعتبر بين فيشمان، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في ورقة بحثية له أنه “على الرغم من أن هذه الاتفاقيات غير ملزمة قانونا، إلا أنها أرست ركيزة قوية للدعم الأساسي وسمحت للأردن -الذي يعتمد على المساعدات الخارجية- بالتخطيط لجزء من موازنته”.
ومنذ توقيع مذكرة التفاهم في عام 2019 قدمت الولايات المتحدة مبالغ متساوية من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، لكن هذا التوازن لم يعد قائما اليوم إذ يفوق المبلغ المخصص للاقتصاد أربعة أضعاف قيمة المساعدات العسكرية، حيث نمت الاحتياجات الاقتصادية للمملكة بينما بقيت متطلبات المشتريات للقوات المسلحة الأردنية مستقرة، على الرغم من أن التطويرات المطلوبة لأسطولها من طائرات أف – 16 ستتطلب تمويلا إضافيا.
وبالإضافة إلى ذلك أصبحت غالبية المساعدات الاقتصادية مخصصة مباشرة لدعم الموازنة الأردنية. وقدمت الولايات المتحدة منحا للموازنة بلغ مجموعها 745 مليون دولار في عاميْ 2019 و2020، و845 دولارا في عام 2021، وخصصت المبلغ نفسه في مشروع قانون الاعتمادات المالية الذي أُقر في مارس من العام الجاري.
51
في المئة من الأردنيين غير متفائلين بالوضع الاقتصادي خلال العامين المقبلين
وقال فيشمان إن “ذكر مبلغ الدعم المباشر للموازنة في الاعتمادات يعتبر دليلا على الدعم القوي للأردن من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأميركي؛ فنادرا ما تقدّم الولايات المتحدة مثل هذا التمويل لأي دولة، ولا تقترب قيمته من مبلغ 845 مليون دولار على الإطلاق. وناهيك عن المساعدات المباشرة المخصصة للموازنة والجيش، يتلقى الأردن تمويلا أميركيا آخر لمشاريع التنمية الاقتصادية والحوكمة، وأمن الحدود، والاحتياجات المحدودة النطاق”.
ورغم الدعم القوي نسبيا الذي تلقّاه الأردن من الولايات المتحدة إلا أن البلد لا تزال أمامه تحديات اقتصادية هائلة بسبب تداعيات فايروس كورونا وغيرها.
واستضاف الأردن أكثر من مليون لاجئ سوري خارج المخيمات الخاضعة لإشراف الأمم المتحدة، وسبّب ذلك صعوبات في تمويل قطاع الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية. وتنافس اللاجئون مع الأردنيين على الوظائف أيضا.
وتسببت كل هذه العوامل في ضغوط إضافية على موازنة الأردن الذي لجأ إلى صندوق النقد الدولي للحصول على المساعدة وتلقّى ثلاثة قروض بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 4 مليارات دولار بموجب ثلاث اتفاقيات على مدى العقد الماضي، بالإضافة إلى 400 مليون دولار أخرى كإغاثة في حالة الطوارئ خلال تفشي وباء فايروس كورونا في عام 2020.
وفي مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب دعا صندوق النقد الدولي الأردن إلى القيام بمجموعة من الإصلاحات، من بينها خفض ديون “شركة الكهرباء الوطنية” من خلال تقليص الدعم الحكومي المكْلف للوقود وزيادة تحصيل الضرائب وخفض الرواتب وغيرها.
ورغم الدعم المالي الأميركي الكبير والقروض التي تحصل عليها لا يزال البلد في وضع اقتصادي مليء بالتحديات، حيث بلغت نسبة البطالة في 23.2 في المئة، فيما تم تسجيل نسبة نمو سلبية عام 2021 بسبب تداعيات جائحة كوفيد – 19.