الصفحات المزيفة صداع يؤرق نجوم مصر ومشاهيرها

أصبحت الحسابات المزيفة لبعض النجوم على صفحات التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة سلاحا شديد الفاعلية يتم توظيفه لإثارة البلبلة وافتعال الأزمات في كثير من المجتمعات في غياب وجود آلية للعقاب.
القاهرة- أثارت تغريدة على تويتر نُشرت قبل أيام من حساب يحمل اسم الفنان المصري أسامة عباس حالة من الغضب تجاه السياسات الحاكمة لإدارة الأعمال الفنية في الدراما والسينما بمصر، ونشبت على إثرها أزمة بين جهات عديدة، بدأت تتراشق بالكلمات مع أن الحساب كان مزيفا.
وحملت التغريدة التي ثبت زيفها ادعاء بأن صاحبها الفنان أسامة عباس صاحب التاريخ الطويل في التمثيل يعاني من بطالة وتجاهل بسبب عدم إسناد أدوار له منذ سنوات.
ونفى أحمد ابن الفنان المخضرم البالغ من العمر 81 عاما أن تكون لوالده حسابات على صفحات التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن الفنان عباس اختار التقاعد بإرادته، محذرا من أي إساءة متعمدة لواحد من رواد العمل الفني الدرامي في مصر.
ودخلت نقابة الممثلين المصريين على خط الأزمة مؤكدة اعتزازها بقيمة الفنان الكبير، وأصدر نقيب الممثلين الفنان أشرف زكي بيانا حذر فيه من اتساع ظاهرة تزييف الحسابات الوهمية باسم كبار الممثلين لاستخدامها في الإساءة للوسط الفني وإثارة البلبلة داخله.
وشهدت الشهور الأخيرة تكرار انتحال أسماء شخصيات معروفة في الأوساط الفنية والإعلامية لتمرير معلومات بعينها أو لفت الأنظار لأمر ما أو شغل الأذهان بقضية من القضايا المثيرة.
وأصدر الفنان المصري حسن الرداد بيانا حذر فيه من وجود صفحة مزيفة تنتحل اسم زوجته الفنانة إيمي سمير غانم، مشيرا إلى إبلاغ إدارة فيسبوك رسميا بالأمر.
وحذرت الفنانة المعتزلة حنان ترك من وجود صفحة باسمها على فيسبوك ولا تعرف مَن يديرها، ما دفعها إلى بدء إجراءات لتوثيق صفحتها الرسمية وهو ما يستغرق بعض الوقت.
وتداولت بعض وسائل الإعلام المصرية من قبل خبرا بشأن انتحال شخص مجهول لشخصية الفنان رامز جلال، على فيسبوك، وقيام الحساب نفسه بمهاجمة نادي الزمالك الرياضي وجمهوره باسم الفنان ذي الشعبية الواسعة.
ويرى البعض أن انتشار الحسابات المزيفة للنجوم يعكس حالة من التربص المقصود من تيارات معادية للفن والإبداع، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، أو من جماعات مصالح تسعى لافتعال أزمات داخل المجتمع كنوع من المقاومة لسياسات توجيه الدراما والسينما لخدمة أهداف بعينها.
ويعكس الأمر أيضا صراعا محتدما داخل الوسط الفني بين أجيال مختلفة نتيجة ما يعتبره البعض حالة من عدم التوازن في توزيع فرص العمل.
لكن هناك من يرون أن الظاهرة أوسع من مجرد خلل يعاني منه الوسط الفني إذ تتسع الظاهرة لتشمل شخصيات عديدة معروفة خارج مجتمع الفنان، ويعبر ذلك عن إحدى وسائل الاحتيال على الآخرين للفوز بعلاقات ما بشخصيات معروفة أو ابتزاز شخصيات عامة عن طريق حروب التشويه المتعمدة.

دعاء سليط: الصعوبة الشديدة في التوصل إلى صناع الحسابات المزيفة تشجع الكثير على انتحال أسماء نجوم والتعامل بهذه الصفة
وقالت دعاء سليط الخبيرة المتخصصة في السوشيال ميديا لـ”العرب” إن الصعوبة الشديدة في التوصل إلى صناع الحسابات المزيفة تشجع الكثير من مرتادي فيسبوك وإنستغرام على انتحال أسماء نجوم والتعامل بهذه الصفة.
وهناك إجراءات معروفة لكنها تبدو للبعض معقدة بخصوص توثيق الصفحات والحسابات للشخصيات المعروفة، وتحتاج لإجراءت كثيرة.
ويلجأ بعض المحتالين لتقمص شخصيات لها شعبيتها للحصول على أموال تحت بند جمع التبرعات لمشروعات خيرية بدعوى من النجم المستخدم اسمه.
ويستخدم بعض الشباب الحسابات المزيفة للمشاهير لإقامة علاقات تعارف مع فتيات، ثُم يمتد الأمر لتبادل الصور الفوتوغرافية معهن وابتزازهن بها لاحقا.
وذكرت دعاء سهيل، وهي خبيرة تغذية علاجية معروفة إعلاميا في مصر، أنها فوجئت بحساب يحمل اسمها يضم عشرات الآلاف من المتابعين، ثم علمت أن هذا الحساب يطلب من السيدات المتابعات إرسال صورهن دون ملابس بزعم التعرف على أنسب الطرق لعلاجهن من السمنة، وهو ما دفعها إلى إطلاق حملة إعلامية للتحذير من هذا الحساب.
وأضافت خبيرة التغذية أنها تقوم كل يوم بإبلاغ منصات التواصل الاجتماعي بالعديد من الحسابات المزيفة التي تحمل اسمها.
وذكر أحمد يوسف خبير التسويق على السوشيال ميديا أن الصفحات المزيفة يمكن استخدامها في الدعاية لمنتجات أو توجهات بعينها لحين إغلاقها من إدارة فيسبوك أو إنستغرام نتيجة التأكد من زيفها.
وأكد لـ”العرب” أنه يمكن من خلال الحسابات الوهمية للمشاهير صناعة “تريندات” زائفة بشأن قضية ما لخدمة غرض غير واضح للجمهور العادي.
وشددت بعض الحكومات في العالم العربي العقوبات في تشريعات حديثة للحد من سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح أحمد نصرالدين المحامي بالقاهرة أن المادة رقم 26 من قانون مكافحة جرائم الإنترنت في مصر، المعدلة حديثا رفعت عقوبة استخدام حسابات مزيفة للإساءة لشخص أو ربطه بمحتوى مناف للآداب إلى السجن لمدة خمس سنوات، والغرامة لثلاثمئة ألف جنيه (نحو عشرين ألف دولار).
وأشار إلى أن المشكلة تكمن في أن عدد القضايا المثبتة ضئيل جدا بالمقارنة بحجم الحسابات المزيفة المنتشرة لدرجة وجود أكثر من عشرة حسابات باسم كل نجم من نجوم الفن أو كرة القدم.
ويقول بعض خبراء السوشيال ميديا إن البعض من الجمهور بدأوا في اكتساب بعض الخبرات في استكشاف الحسابات المزيفة من الحقيقية، إذ يهتم كثيرون الآن بالبحث عن علامة توثيق الحساب من فيسبوك، والذي لا يمكن توثيقه سوى بوثيقة إثبات هوية.
وهناك إجراءات واضحة يلجأ إليها العامة للتأكد من صحة أو زيف الحساب تركز على النظر إلى تاريخ الحساب، وعدد صور صاحبها المنشورة من خلاله، فضلا عن النظر إلى قوائم الأصدقاء، حيث تظهر حسابات النجوم الحقيقيين ضمن أصدقائهم نجوما آخرين في المجال ذاته.
ويرى خبراء أن المجتمع نفسه بات متفهما إلى حد كبير ضعف مصداقية السوشيال ميديا لدرجة التشكك في أي خبر مطروح عبر وسائلها المختلفة وعدم الأخذ به إلا بعد نشره من وسيلة إعلامية معروفة.