"الصفاء" يجمع خمسين فنانا من الجهات الأربع للعالم في طنجة

يراهن الفن المعاصر على الفكرة والاشتباك مع هموم المجتمعات، وبالتالي فهو يخرج من الصالونات ويقدم تجارب مختلفة، قد لا يكون رهانها الأول الجمالية بقدر رهانها على قوة الفكرة والتأثير. وإيمانا بقوة تأثير الفن المعاصر يأتي الصالون الدولي للفن المعاصر بطنجة جامعا لفنانين من مختلف أنحاء العالم حول أفكار خلاقة فاتحا أزقة المدينة للفن.
طنجة - انطلقت مساء الاثنين ببرج الحجوي التاريخي بقلب المدينة العتيقة لطنجة، الدورة السابعة للصالون الدولي للفن المعاصر، بحضور شخصيات من عالم الفن والثقافة والموسيقى. وينعقد هذا الحدث الثقافي هذا العام بمبادرة من جمعية ريشة إفريقيا، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل تحت شعار “الصفاء”، وتحل عليه مملكة البحرين بصفتها ضيف شرف.
ملتقى الفنانين
أشار رئيس جمعية ريشة أفريقيا ومؤسس الصالون، عبدالفتاح بلالي، في تصريح له إلى أن اختيار موضوع هذه الدورة جاء أخذا بعين الاعتبار “الصفاء” والرسالة القوية التي يحملها الفن، وهي رسالة تتجاوز الحدود لنشر الحب والسلام في جميع أنحاء العالم.
وأبرز أن هذه الدورة تشهد مشاركة 50 فنانا، جاؤوا من مختلف بقاع العالم لعرض أحدث أعمالهم التي تم إبداعها بتقنيات مختلفة، بما في ذلك التقنيات الحديثة مثل الفيديو. وسجل بلالي أيضا أن الصالون تلقى هذه السنة أكثر من 500 طلب للمشاركة، مما يدل على نجاح هذا الحدث الثقافي الدولي، معتبرا أن تنظيم هذا الحدث الكبير يهدف إلى المساهمة في تعزيز إشعاع المشهد الثقافي لمدينة طنجة.
من جانبها، أوضحت الفنانة التشكيلية الفرنسية مونيك لاطوش، مفوضة الصالون، أن قاعة العرض الأولى من المعرض تضم أعمالا تجمع بين موضوع الهندسة المعمارية والفن التجريدي، فيما تضم القاعة الثانية أعمالا فنية تجريدية وتصويرية. في هذا السياق، أكدت أن الصالون يشهد مشاركة فنانين قادمين من الجهات الأربع بالعالم، مشددة على أن التنوع في الإبداع من حيث التمثيل والجوانب التقنية لهؤلاء الفنانين هو ما يجعل هذا الحدث ثريا للغاية.
أما بالنسبة إلى طارق اسليكي، رئيس اتحاد الناشرين المغاربة، فقد ركز على رمزية تنظيم هذا الحدث في طنجة، المدينة العالمية المعروفة تاريخيا بكونها ملتقى للثقافات. كما تطرق إلى موضوع هذه الدورة التي تشكل ملتقى لفنانين من مختلف أنحاء العالم حول مفهوم “الصفاء الثقافي والفكري باعتباره قيمة مهمة تشكل جزءا من أخلاقيات الفن”.
ويتضمن برنامج هذه التظاهرة الفنية الدولية معرضا جماعيا في الفن المعاصر بمشاركة أكثر من 50 فنانا من مختلف بقاع العالم، إلى جانب مجموعة من المشاغل والمحترفات، والندوات والعروض والزيارات المؤطرة والأماسي الشعرية والسهرات الموسيقية.
وتعكس الأعمال المشاركة كل الأساليب والتقنيات المعتمدة في الرسم والتشكيل، من التصوير إلى الفن المعاصر، مرورا بالتجريد والفن البدائي والتعبيري والخيالي والغرائبي، كما أن كل اتجاهات الرسم وتقنياته ستكون حاضرة، إلى جانب فنون أخرى من قبيل النحت على الرخام والبرونز والحديد والخشب أو المواد المركبة أو المواد المعاد تدويرها والفسيفساء وغيرها.
في الصالون الدولي أعمال أبدعها فنانون قادمون من المغرب، البلد المضيف، ومن البحرين، ضيف الشرف، ومن فرنسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية ولبنان والهند والمملكة العربية السعودية والأردن والكاميرون ومدغشقر وغيرها. ويضم برنامج الفعالية الثقافية والفنية سهرات موسيقية سيحييها على الخصوص رائد الطرب الأندلسي، عمر المتيوي ومجموعة روافد موسيقية، والمعلم الكرد بلخير، الذي يعتبر من أيقونات موسيقى كناوة بالمغرب.
تفاعل فني
وحسب بلاغ للمنظمين، تسعى هذه الدورة من الصالون الدولي، المنظم بمبادرة من جمعية ريشة أفريقيا بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، إلى البناء على نجاحات الدورات السابقة. وتقام مختلف الأنشطة المبرمجة ضمن الدورة السابعة للصالون الدولي للفن المعاصر ببرج الحجوي في قلب المدينة العتيقة لطنجة القديمة، بالإضافة إلى رواق محمد الدريسي، إذ يعول على التظاهرة أن تشكل واجهة لمختلف اتجاهات الفن المعاصر بالمغرب والعالم. وأضاف البلاغ أن الصالون يعود في هذه الدورة بقوة، ويقترح اكتشاف أعمال فنانين من مختلف الأجيال والمدارس الفنية.
◙ الصالون ملتقى لفنانين من مختلف أنحاء العالم حول مفهوم الصفاء الثقافي والفكري باعتباره قيمة مهمة من أخلاقيات الفن
في هذا السياق، نقل البلاغ عن رئيس الجمعية المنظمة ومؤسس الصالون، عبدالفتاح بلالي، قوله “نحاول من خلال هذه الدورة أن نبرز أن الجمعية بإمكانها أن تكون فاعلة باعتبارها هيئة فنية قوية، إذ أن الغاية من عملنا أن نغير الفكرة حول الفن، بعيدا عن الصور النمطية، وأيضا جعل الفن في ملتقى مختلف العوالم الإبداعية من قبيل الموسيقى والشعر والصورة وغيرها”، مشددا أن هذا الأمر من شأنه منح الفن وضعا جديدا قائما على قيم القرب وإمكانية الوصول ومكونا للمشهد النقدي الجماعي.
وستمكن مختلف فقرات الصالون الدولي للفن المعاصر، المفعمة بالرموز، من استعراض التحديات الجمالية للإبداع الجمعي، لاسيما العلاقة بين الأسلوب والمحتوى لكل عمل من الأعمال المعروضة. وبعيدا عن التصنيفات الجمالية، تروم التظاهرة تسليط الضوء على اتجاهات التأثير والتأثر والتفاعل البيني بين مختلف الفنانين المشاركين، والتي من شأنها أن تسفر على إبداعات مشتركة في المستقبل.
وأكدت مفوضة المعرض، مونيك لاطوش، أن “الفنانين الذين وقع عليهم الاختيار للمشاركة في الدورة السابعة من الصالون هم من الفنانين البارزين كل في مجاله، مهما كان جيله، بفضل مساهماتهم القيمة على مستوى البحث والإبداع في الفن التشكيلي". بالموازاة مع الأنشطة الفنية، ستنظم زيارات لمجموعة من الفنانين المشاركين إلى عدد من المدارس بطنجة بهدف تحسيس التلاميذ والشباب بالفن ومختلف تجلياته الإبداعية.