الصراع بين حزب الله وإسرائيل يتخذ نسقا تصاعديا ويثير المخاوف من مواجهة واسعة

نتنياهو: مستعدون للقيام بعمل قوي جدا في الشمال.
الخميس 2024/06/06
مسيرات حزب الله تتسبب في حرائق واسعة شمال إسرائيل

اتخذ الصراع بين حزب الله وإسرائيل نسقا تصاعديا، وهو ما يثير مخاوف من اتساع نطاقه وتحوله إلى مواجهة شاملة، خصوصا مع فشل الجهود الغربية حتى الآن في التوصل إلى تسوية.

بيروت - ينذر التصعيد الجاري بين حزب الله وإسرائيل، والذي اتخذ نسقا تصاعديا خلال الأيام الأخيرة، بإمكانية خروج الوضع عن السيطرة، رغم حرص الطرفين على التأكيد بأنهما لا يرغبان في مواجهة واسعة النطاق. وزاد حزب الله من هجماته بطائرات بدون طيار وصواريخ، وأصاب منشآت عسكرية إسرائيلية مهمة من بينها موقع سماقة وثكنة راموت نفتالي الأربعاء، كما تسببت هجمات الحزب في حرائق كبيرة في الجليل الأعلى في شمال إسرائيل.

في المقابل ردت إسرائيل بعنف حيث استهدفت مواقع لحزب الله في عمق وادي البقاع بجنوب لبنان، بالإضافة إلى استهداف كبار المسؤولين العسكريين في الحزب الموالي لإيران. واندلعت المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في الثامن من أكتوبر الماضي أي بعد يوم على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على المستوطنات في غلاف قطاع غزة.

ويربط الحزب اللبناني وقف هجماته بإنهاء الحرب في غزة، فيما تعمل قوى كبرى على غرار الولايات المتحدة وفرنسا من أجل التوصل إلى صفقة يتم بموجبها إنهاء الأعمال القتالية، والسماح لمتساكني جنوب لبنان وشمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم التي هجروها. ويرى متابعون أن رغم حديث الطرفين عن عدم الرغبة في الانخراط في حرب شاملة، لكن الاستفزازات الجارية قد تقود إلى انفجار الأوضاع، خصوصا مع فشل جميع جهود التهدئة حتى الآن.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده مستعدة لشن عملية عسكرية “قوية جدا” في الشمال، في إشارة إلى المواجهة مع حزب الله. جاء ذلك خلال زيارة أداها نتنياهو لمستوطنة كريات شمونة، إحدى مناطق الحرائق التي اندلعت الأحد الماضي، حيث تلقى إحاطة من قائد اللواء 769 العقيد أفراهام مرتسيانو وقائد منظومة الجبهة الداخلية التابعة لقيادة المنطقة الشمالية، العميد (احتياط) ألون فريدمان.

نعيم قاسم: الحزب لا يسعى لتوسيع دائرة الصراع لكنه مستعد أيضا لخوض أي حرب تفرض عليه
نعيم قاسم: الحزب لا يسعى لتوسيع دائرة الصراع لكنه مستعد أيضا لخوض أي حرب تفرض عليه

كما زار نتنياهو “نقطة مراقبة (في كريات شمونة)، حيث التقى فرق الإطفاء ووحدة الاستعداد والحراسة المحلية، واستمع إلى آخر المستجدات بشأن الحرائق التي اندلعت خلال الأيام الأخيرة، وجهود الإطفاء. 

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي "في بداية الحرب كنا نقول إننا سنعيد الأمن إلى المنطقتين الجنوبية (غزة) والشمالية (لبنان)، وهو ما سنفعله". وأردف "أتواجد هنا مع رجال الإطفاء. لقد احترقت الأرض هنا ويسرني أنكم تمكنتم من إخمادها، لكن الأرض احترقت في لبنان أيضا (..) جاهزون لشن عملية مكثفة للغاية في الشمال".

وعلى الرغم من ارتباط الصراع الدائر حاليا بين حزب الله وإسرائيل بغزة، فإن له قوى محركة خاصة به. وخاضت إسرائيل وحزب الله حروبا عديدة، كان آخرها في عام 2006. ولطالما اعتبرت إسرائيل حزب الله أكبر تهديد على حدودها، وتشعر بقلق شديد من ترسانته المتزايدة وبسبب وجود موطئ قدم له في سوريا.

وترتبط أيديولوجية حزب الله إلى حد بعيد بالصراع مع إسرائيل. فقد أسس الحرس الثوري الإيراني الحزب في عام 1982 لمحاربة القوات الإسرائيلية التي غزت لبنان في تلك السنة. وشن الحزب حرب عصابات على مدى سنوات أدت إلى انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000.

وأثر الصراع الجاري سلبا على كلا الجانبين. فقد اضطر عشرات الآلاف من السكان إلى الفرار من منازلهم على جانبي الحدود. واستهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مناطق ينشط فيها حزب الله في جنوب لبنان وقصفت سهل البقاع بالقرب من الحدود السورية.

كما شنت إسرائيل هجمات في بعض الأحيان على أماكن أخرى، أبرزها قتل قيادي كبير في حماس وهو صالح العاروري في العاصمة بيروت في الثاني من يناير. وأسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل نحو 300 من مقاتلي حزب الله في لبنان، وهو ما يزيد عما فقده في عام 2006.

كما يظهر إحصاء أن نحو 80 مدنيا لبنانيا قتلوا. وتقول الحكومة الإسرائيلية إن الهجمات من لبنان أسفرت عن مقتل 18 جنديا إسرائيليا و10 مدنيين. وفي إسرائيل يشكل نزوح عدد كبير من السكان قضية سياسية كبيرة.

◙ على الرغم من ارتباط الصراع الدائر حاليا بين حزب الله وإسرائيل بقطاع غزة، فإن له قوى محركة خاصة به

ويأمل المسؤولون في أن يتمكن هؤلاء من العودة إلى منازلهم قبل العام الدراسي الذي يبدأ في الأول من سبتمبر. وقد يتدهور الوضع كثيرا. لكن رغم ضراوة الأعمال القتالية، تبقى المواجهة قابلة نسبيا للاحتواء.

وذكر نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، الثلاثاء إن الحزب لا يسعى إلى توسيع دائرة الصراع لكنه مستعد أيضا لخوض أي حرب تفرض عليه. وأضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة أن حزب الله استخدم جزءا صغيرا من قدراته، وأن أي تحرك من إسرائيل لتوسيع دائرة الصراع سيقابل بخراب ودمار وتهجير في إسرائيل. ولحقت أضرار جسيمة بالجانبين في الحروب الماضية.

وسوت الضربات الإسرائيلية في عام 2006 مناطق واسعة من الضواحي التي يسيطر عليها حزب الله في جنوب بيروت بالأرض، ودمرت مطار بيروت، وقصفت طرقا وجسورا وغير ذلك من مرافق البنية التحتية. وفر ما يقرب من مليون شخص من منازلهم في لبنان.

كما فر 300 ألف شخص في إسرائيل من منازلهم هربا من صواريخ حزب الله ودُمر حوالي ألفي منزل. ويمتلك حزب الله ترسانة أسلحة أكبر بكثير مما كانت لديه في عام 2006، وتضم صواريخ يقول الحزب إنها قادرة على ضرب جميع أنحاء إسرائيل.

ويظهر منذ بداية الأعمال العدائية في أكتوبر أن حزب الله لديه أسلحة متقدمة أسقط بها طائرات مسيرة إسرائيلية، وأطلق طائرات مسيرة محملة بمتفجرات على إسرائيل وصواريخ موجهة أكثر تطورا. وتسعى واشنطن وباريس إلى احتواء التصعيد الجاري.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الثلاثاء "سمعنا زعماء إسرائيليين يقولون إنهم يفضلون الحل الدبلوماسي. وهو بالطبع الحل الذي نفضله نحن أيضا ونسعى إلى تحقيقه". وقال نتنياهو الأربعاء "من يظن أن بإمكانه إيذاءنا وأننا سنقف مكتوفي الأيدي يرتكب خطأ فادحا. سنعيد الأمن إلى الشمال بطريقة أو بأخرى".

2