الصراع الإسرائيلي الإيراني يهدد امدادات العالم من الطاقة

لندن - أثارت الغارات العسكرية بين إيران وإسرائيل القلق إزاء الأضرار المحتملة وتعطيل حقول النفط والغاز المهمة في المنطقة وبنيتها التحتية.
وتأثرت مواقع الطاقة الإسرائيلية والإيرانية بشكل مباشر وغير مباشر بالصراع الدائر بينهما، وإن كان التأثير على البنية التحتية للطاقة لكل منهما يختلف في طبيعته وحجمه، بالإضافة إلى تأثير الصراع على أسواق الطاقة العالمية.
تأثير الصراع على مواقع الطاقة الإسرائيلية
مصفاة حيفا: أعلنت مجموعة "بازان" الإسرائيلية إغلاق مصفاة حيفا لتكرير النفط، وهي الأكبر في البلاد، في 16 يونيو 2025، بعد تضرر محطة الطاقة التابعة لها في هجوم إيراني. وتبلغ طاقة هذه المصفاة 197 ألف برميل يومياً، ويعد توقفها خطوة ذات دلالة على تأثر البنية التحتية للطاقة الإسرائيلية.
محطات توليد الكهرباء: تمتلك إسرائيل عدة محطات لتوليد الكهرباء، منها ما يعمل بالفحم مثل محطتي "أوروت رابين" في الخضيرة و"روتنبرج" في عسقلان، ومنها ما يعمل بالغاز الطبيعي مثل محطات "جنوب عسقلان" و"جازر" و"هاجيت". أي استهداف لهذه المحطات يمكن أن يؤثر بشكل كبير على إمدادات الكهرباء.
واردات الغاز الطبيعي: أعلنت وزارة البترول المصرية عن تنفيذ خطة طوارئ خاصة بأولويات إمدادات الغاز الطبيعي، على خلفية توقف إمدادات الغاز من إسرائيل بعد اندلاع الحرب. ويشير هذا التطور إلى اعتماد إسرائيل على الغاز المستورد، وأن أي تعطيل لهذه الإمدادات يؤثر على قطاعات الكهرباء والصناعة في كلا البلدين.
مخاوف من نقص الوقود وارتفاع الأسعار: تعرضت منشآت نفطية في حيفا لأضرار، مما أثار مخاوف من ارتفاع أسعار الوقود وتفعيل مخزونات الطوارئ. هذا يدل على حساسية سوق الطاقة الإسرائيلية للتصعيد.
تأثير الصراع على مواقع الطاقة الإيرانية
حقل بارس الجنوبي للغاز ومصفاة الغاز: ذكرت تقارير أن إسرائيل قصفت حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي ومصفاة للغاز في إيران. وحقل بارس الجنوبي يعد من أكبر حقول الغاز في العالم، وأي ضرر به يؤثر على الإنتاج الإيراني وهو أيضا جزء من أكبر مكمن غاز طبيعي في العالم وتتقاسمه إيران مع قطر.
وأصاب الهجوم أربع وحدات من المرحلة 14 من حقل بارس الجنوبي على بعد 200 كيلومتر تقريبا من منشآت قطر التي يعتبر العديد منها مشروعات مشتركة مع شركات دولية، من بينها العملاقان الأميركيان إكسون موبيل وكونوكو فيليبس.
يشكل حقل بارس الجنوبي نحو ثلث أكبر مكمن للغاز الطبيعي في العالم. وتشترك إيران فيه مع قطر المصدر الرئيسي للغاز، والتي تطلق على حقلها اسم القبة الشمالية.
وأدت العقوبات والقيود التقنية إلى استخدام معظم الغاز الذي تنتجه طهران محليا، لكنها تصدر بعضا منه أيضا.
وأظهرت بيانات منتدى الدول المصدرة للغاز أن إيران صدرت نحو 15.8 مليار متر مكعب من الغاز في 2023.
ويحتوي المخزون بأكمله على نحو 1800 تريليون قدم مكعبة من الغاز القابل للاستخدام، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات العالم لمدة 13 عاما، أو لتوليد ما يكفي من الكهرباء لتزويد الولايات المتحدة لأكثر من 35 عاما.
النفط الإيراني
إيران هي ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وتستخرج نحو 3.3 ملايين برميل يوميا من النفط الخام و1.3 مليون برميل يوميا من المكثفات والسوائل الأخرى، أي ما يعادل 4.5 في المئة تقريبا من الإمدادات العالمية.
ووصلت صادراتها في الأشهر القليلة الماضية وفقا لبيانات كبلر إلى 1.8 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى لها منذ 2018، مدفوعة بالطلب الصيني القوي. وتقع منشآت الإنتاج الإيرانية بالأساس في منطقي خوزستان وبوشهر في الجنوب الغربي.
وتصدر طهران 90 في المئة من نفطها الخام عبر جزيرة خرج. وشددت الولايات المتحدة العقوبات على طهران في 2018 بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي.
وانخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى ما يقرب من الصفر، لكنها انتعشت في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. ويقول محللون إن تطبيق العقوبات لم يكن بالصرامة الكافية وإن إيران نجحت في الالتفاف عليها.
وإيران معفاة من القيود المفروضة على إنتاج تحالف أوبك+ الذي يضم أعضاء منظمة أوبك الـ13 و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا، بينما لا تعترف الصين بالعقوبات على طهران، مما أدى إلى إدراج بعض شركات التكرير الصينية الخاصة على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية.
ويقول محللون إن السعودية وأعضاء أوبك الآخرين يمكنهم تعويض أي انخفاض في الإمدادات الإيرانية باستخدام طاقتهم الفائضة.
مستودعات الوقود ومصافي النفط في طهران: تعرضت مستودعات وقود ومصافي نفط في طهران لاستهداف أيضاً.
إنتاج النفط والغاز: تتركز مرافق إنتاج النفط والغاز الإيرانية بشكل أساسي في الجنوب الغربي (إقليم خوزستان للنفط، وإقليم بوشهر للغاز والمكثفات من حقل بارس الجنوبي). إيران تصدر حوالي 90 في المئة من نفطها الخام عبر جزيرة خرج.
تأثير العقوبات: تعتمد إيران بشكل كبير على صادرات النفط لتمويل اقتصادها، وتواجه عقوبات أميركية تستهدف هذه الصادرات. والصراع الدائر قد يزيد من الضغط على هذه الصادرات، خاصة مع محاولات الولايات المتحدة استهداف مستوردي النفط الإيراني في الصين.
تأثير الصراع على أسواق الطاقة العالمية ومضيق هرمز وباب المندب
مضيق هرمز: يمر عبره أكثر من ربع تجارة النفط العالمية. وأي تهديد بإغلاق المضيق أو تعطيل حركة الملاحة فيه، على الرغم من صعوبة ذلك نظراً لوجود قوات بحرية دولية واعتماد إيران نفسها عليه، يرفع المخاوف من نقص حاد في الإمدادات وارتفاع جنوني في أسعار النفط والغاز.
مضيق باب المندب: يؤثر الصراع أيضا على مضيق باب المندب الذي يمثل طريقا حيويا لتجارة النفط والغاز بين الشرق الأوسط وأوروبا. واضطرابات الملاحة في هذا المضيق تدفع الناقلات لتحويل مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أبعد ومكلف، مما يزيد من تكاليف الشحن والوقت.
تقلبات أسعار النفط: تسببت التوترات الجيوسياسية في المنطقة في تقلبات حادة في أسعار النفط والغاز العالمية. والتهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران تزيد من المخاطر في الأسواق، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الشحن والتأمين على ناقلات النفط والغاز، وينعكس ذلك على أسعار الطاقة.
مخاوف من أزمة طاقة عالمية: يرى بعض الخبراء أن تصاعد الصراع إلى حرب شاملة قد يؤدي إلى إغلاق مضيق هرمز واستهداف منشآت النفط والغاز المحلية والإقليمية، مما ينتج عنه نقص حاد في الإمدادات وارتفاع جنوني في الأسعار، وقد يدفع الاقتصاد العالمي إلى ركود عميق.
وبشكل عام، يعكس الصراع الدائر هشاشة البنية التحتية للطاقة في المنطقة وحساسيتها إزاء أي تصعيد، كما يبرز تأثير التوترات الجيوسياسية على استقرار أسواق الطاقة العالمية وأسعارها.