الصدر يوجه "سرايا السلام" بعدم الانزلاق في حرب إقليمية

بغداد – تعكس تعليمات زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر لجناحه العسكري "سرايا السلام"، تتعلق بسلوك عناصرها داخل العراق وخارجه، بينها منع حمل السلاح، رغبة منه في تخفيف التوترات على البلاد وعدم الانزلاق في حرب إقليمية، في وقت تتزايد احتمالية توجيه ضربات إسرائيلية للعراق.
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي توجيهات الصدر وسط ترقب وتساؤل عن طبيعة الفترة المقبلة، مؤكدين أن تصريحات الصدر هي استقراء لما يجري في المنطقة والبلاد ومؤشر واضح لتوتر الأوضاع.
وأفاد تحسين الحميداوي المعاون الجهادي لـ"سرايا السلام" اليوم الأربعاء، أنه تلقى تعليمات من زعيم التيار مقتدى الصدر موجهة الى السرايا من بينها عدم حمل السلاح داخل وخارج البلاد، والعودة الى مراجع الدين والحكماء في حال تعرض العراق لـ"عدوان" خارجي.
وقال الحميداوي في بيان، إن "من بين تلك التعليمات "ترك التصريحات الطائفية، فمآل ذلك لا يُحمد عقباه ومضر بالعراق وشعبه".
وكذلك وجّه الصدر من ضمن تعليماته بأنه "يُمنع منعا باتا استعمال السلاح وإشهاره داخل العراق وخارجه، فمصير الوطن والشعب لا يحدده فرد أو مجموعة".
وقال الصدر أيضا، انه "في حال تعرض العراق للعدوان، فعليكم بالرجوع الى حوزتكم ومراجعكم والحكماء منكم وعدم الرجوع الى الفاسدين والظالمين".
وتعكس هذه التعليمات رغبة التيار الصدري في تخفيف التوترات في العراق، والابتعاد عن المظاهر المسلحة، حيث طالب الصدر في أكثر من مناسبة بحصر السلاح بيد الجيش العراقي والقوات الأمنية، وشدد على ضرورة عدم السماح بالسلاح المنفلت والمجاميع المنفلتة.
بينما تشير دعوة الصدر لعناصر "سرايا السلام" بالعودة إلى المرجعيات الدينية في حالة العدوان الخارجي إلى محاولة لتشكيل جبهة وطنية موحدة في مواجهة التهديدات.
وتأتي تعليمات الصدر في ظل عودة توتر الأوضاع في المنطقة عقب شن الولايات المتحدة حملة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، وانهاء اسرائيل الهدنة مع حركة حماس واستئنافها القصف العنيف على قطاع غزة مما أسفر عن سقوط مئات من القتلى والجرحى.
وفي وقت سابق الثلاثاء، ندد الصدر بالقصف الإسرائيلي على غزة، منتقدا بشدة "سكوت" الكثيرين"، و"التفرج" على ما يجري للفلسطينيين في القطاع.
وقال الصدر في بيان له على حسابه بمنصة إكس إن "كل ذلك سيتسبب ببيع فلسطين مرة أخرى لتتمدد الصهيونية في الأراضي الإسلامية والعربية وبكل سهولة بل وبمعونة من هنا وهناك، وذلك لتصل إسرائيل إلى الحدود العراقية التي يرومها العدو أولا وبالذات، ولن ينفع الندم آنذاك".
وكانت تقارير إعلامية غربية قد حذرت مؤخرا من امتداد الصراع في المنطقة ليشمل العراق خاصة بعد التحذيرات التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى إيران المتعلقة بدعم الحوثيين.
وقالت التقارير إن وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغيسث، "حذر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بكلمات شديدة اللهجة" من أن أي عمل مسلح يستهدف القوات الأميركية في العراق أو يدعم قوات الحوثي في اليمن، سيؤدي إلى رد عسكري أميركي "حاسم ومباشر" على الفصائل العراقية المسلحة.
وتعمل بغداد منذ أكثر من شهر على "نزع سلاح الفصائل"، بحسب قولها، عبر مفاوضات سياسية تبدو متعثرة حتى الآن.
ويقول فؤاد حسين، وزير الخارجية العراقي، إنه خلال حرب غزة (التي شهدت استئناف القصف الإسرائيلي فجر الثلاثاء)، كانت هناك مخاطر على العراق، وما زالت قائمة حتى الآن.
وكشف الوزير، في لقاء تلفزيوني، أن الولايات المتحدة أوقفت هجمات إسرائيلية على العراق كادت أن تحدث "عدة مرات".
وأكد حسين أن "الولايات المتحدة ليست سعيدة بوجود الفصائل المسلحة في العراق"، مضيفًا أن "هناك تهديدات، وبحكم الجغرافيا، نتخوف من أي تأثيرات لأي حرب ضد إيران".
ورفض الوزير تحول العراق إلى نسخة مشابهة من إيران، قائلا "ليس من صالح المجتمع العراقي والدولة العراقية استنساخ تجربة الدولة والثورة التي كانت موجودة في إيران".
والعمليات العسكرية في المنطقة، التي كانت توقفت مؤقتا بعد تسلم ترامب للرئاسة الأميركية، بدأت تشير إلى احتمالية توجيه الضربات القادمة إلى إيران أو الفصائل الحليفة لها في العراق، بحسب رسائل وصلت مؤخرا إلى "الإطار التنسيقي".
والضربات التي تلوح بها القوات الإسرائيلية قد تستهدف مقرات رئيسية ومخازن أسلحة للفصائل المسلحة، وربما تشمل ضرب قادة بارزين في تلك الفصائل من الخط الأول، كما حصل مع حزب الله اللبناني وحركة حماس.
ويبدو أن الضربات تأجلت بضغط أميركي على إسرائيل دون إلغاءها، خصوصا وأن إدارة ترامب تختلف كليا عن إدارة جو بايدن السابقة، فهي ستكون داعمة وبقوة لأي ضربات إسرائيلية على العراق، باعتبار ذلك جزءا من عمليات حق الرد والدفاع عن النفس، وإسرائيل ربما تنتظر الوقت المناسب لها من الناحية العسكرية لشن تلك الضربات.