الصدر يمنع أنصاره من مهاجمة منتقديه بعد مواجهات بغداد المسلحة

بغداد - دعا زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) مقتدى الصدر، مساء الأحد، أنصاره إلى عدم الاعتداء واستخدام العنف في الرد على من يسيء إليه وإلى والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، متوعدا باستخدام القانون والأعراف العشائرية والتصعيد الإعلامي ضد من يمسه أو يمس تياره.
وقال صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، الذي يعرف نفسه بـ"وزير القائد" في بيان نشره عبر حسابه على منصة إكس إن "خطوات سماحة السيد العقائدية والدينية والحوزوية وتكللها بالنجاح والتعاطف الشعبي معه وازدياد شعبيته عراقياً ودولياً ازعج الكثير.. وها هم يلجؤون الى سب وشتم أبيه وشتمه ظنا منهم ان ذلك سيؤخر عجلة تقدمه وخوفاً منهم لاكتساح القواعد الشعبية فتضمحل قواعدهم إن وجدت".
وتابع العراقي "من هنا يمنع ُالعنـف والتهجم على منازل هؤلاء المندسين والحاقدين والمدفوعي الثمن من جهات خارجية او داخلية وعدم التظاهر إلا بأمر مركزي، ويمنع ذلك على جميع مفاصل التيار المدنية و(العسكرية) بل مطلقاً".
ولفت إلى أن "غاية ما يمكن فعله هو اللجوء الى القانون والعرف العشائري والتصعيد الإعلامي ضدهم بما يرضي الله ومن دون اتهامات لجهات أيا كانت فهذا ما يريدونه فلا تفرحوهم ظناً منكم أنكم تؤذوهم".
وشدد على أن "كل من يخرج عن هذه التوصيات فنحن براءُ منه.. فهو يسيء لقائده وللتيار الوطني الشيعي جهلاً أو عمداً فهو إما مندس أو جاهل".
وتأتي دعوة الصدر بعد مقتل اثنين من سرايا السلام وإصابة 7 أشخاص، بينهم شرطي، خلال اشتباكات مسلحة شهدتها منطقة العبيدي شرقي العاصمة بغداد في 19 من مايو الحالي استمرت إلى فجر اليوم الموالي، على خلفية تعليق نشره عضو بحركة "أنصار الله الأوفياء" على منصة فيسبوك اعتبره الصدريون مسيئا للصدر ووالده.
وكانت السلطات الأمنية قد أكدت حينها أنها "واجهت بحزم" تجمع عدد المسلحين والسيارات في المنطقة المذكورة، دون أن تذكر السبب.
لكن العديد من وسائل الإعلام عراقية تحدثت عن المواجهات المسلحة، مشيرة إلى أن شرارة المشكلة التي جرّت إلى استخدام الرصاص الحي، قد بدأت من تعليق أحد الأشخاص من سكان المنطقة على منشور عبر منصة فيسبوك، كتب فيه تعليقا ضد والد الصدر محمد صادق الصدر، ليتبين فيما بعد الشاب العشريني ينتمي إلى فصيل أنصار الله الأوفياء، أحد فصائل الحشد الشعبي.
ويملك الفصيل الذي ينتمي إليه "المعلق" تاريخا سابقا من الخلافات مع أنصار الزعيم الصدري، وتعرضت أحد مقراته العام الماضي إلى هجوم، لذات الأسباب المتعلقة بوالد الصدر.
وكان الصدر الذي غير اسم تياره مؤخرا، الى "الوطني الشيعي" قد طالب البرلمان العام الماضي، بوضع حد لقضية "شتم المراجع" بتشريع قوانين حول هذا الأمر.
وتعددت الروايات عن الحادث عبر وسائل الإعلام عراقية، فقد ذكر بعضها أن أحد سكان العبيدي أطلق الرصاص على تجمع أشخاص معترضين على شتم المرجع محمد صادق الصدر، بينما أفادت أخرى نقلا عن شهود عيان بأن بعض سكان المنطقة خرجوا أمام منزل أحد الأشخاص الذي قام بشتم المرجع، لكن الأخير صعد على السطح وبدأ برمي الرصاص على الأهالي.
ووفق شهود عيان فإن مطلق الرصاص "هاجم الشرطة وقتل أحد المنتسبين وهو سعد عبدالجبار فوج مغاوير الفرقة الاولى بالشرطة الاتحادية، بعد وصولهم الى مكان الحادث، وقتل 2 آخرين من سرايا السلام.
ونشرت منصات مقربة من جمهور الصدر صورا لدفن "شهداء السرايا" في حادث العبيدي، فيما أظهرت مقاطع فيديو تجمع عدد من الأشخاص يطالبون بالثأر للضحايا.
وقال شهود عيان آخرين أن "سرايا السلام هجموا على منزل أحد الاشخاص كتب تعليقا مسيئا ضد المرجع الصدر، قبل أن يقوم بإطلاق الرصاص عليهم وقتل طفلا بعمر 14 عاما كان يلعب في ساحة قريبة من الحادث".
ونشرت منصات قريبة من الصدريين العديد من الأخبار منها أن من تورط "باستشهاد هؤلاء الأبطال (بالإشارة إلى سرايا السلام الذين قتلوا بالحادث) قد هرب هو وعائلته وقياداته في الفصيل إلى جهة مجهولة".
وأشارت رواية رابعة نشرت على قنوات "تلغرام"، إلى أنه تم حرق سيارات تابعة لفصيل "أوفياء الله" الذين وصلوا لمساندة الشخص الذي علق على فيسبوك، وهي 7 سيارات نوع حوثيات (بيك اب تويوتا)، لاندكروزر عدد 1، "وتاهو عدد 1"، وتم حرق بيوت عدد من اتباع الفصيل بالمنطقة وتمت تسويتها بالأرض بصواريخ "ار بي جي".
ودعا صالح محمد العراقي، في بيان مقتضب إلى ترك الأمر للقوات الأمنية "لأن القانون يدينه"، في إشارة للشخص صاحب التعليق.
ونشرت مواقع أنصار الصدر، صورة لتعليق الشخص على فيسبوك، وظهرت في تعليقه اتهامات ضد المرجع الصدر بأنه "بعثي".
إلى ذلك، قالت خلية الإعلام الأمني، إنه "في الساعة 17:00 من الأحد (19 مايو)، حصل تجمع وحركة أشخاص بعضهم مسلحين وعجلات ضمن منطقة العبيدي شرقي العاصمة بغداد، الأمر الذي واجهته القوات الأمنية بحزم".
وأضاف البيان "وقد حصل إطلاق نار مما أدى الى إصابة عدد من المواطنين وكذلك القوات الأمنية، الأمر الذي استدعى تعزيز محل الحادث بقطعات إضافية لغرض إلقاء القبض على كل من يعبث بالأمن ويتجاوز على القوانين والقطعات الأمنية".
وأكدت الخلية ان "الأجهزة الأمنية والاستخبارية شخصت وستلاحق المسؤولين عن هذه الأعمال التي تهدد السلم المجتمعي وتعرض المواطنين للخطر وتشغل القطعات الأمنية عن قيامها بواجباتها المهمة لمجابهة التحديات".
وكان الصدر قد زار مكتب فصيل "أنصار الله الأوفياء" في النجف العام الماضي، بعد تعرضه إلى هجوم من جهة مجهولة، تزامن مع موجة من الاستهدافات للصدريين ضد مكاتب أحزاب شيعية في المحافظة ومدن اخرى.
وكان زعيم التيار قد اعتبر حينها، قيام أتباعه بغلق مقرات حزب الدعوة بذريعة إساءة الاخير إلى والده (المرجع محمد صادق الصدر) بأنها "حركة ثورية".
وظهر الصدر في مقطع فيديو آنذاك، وهو يتفقد الموقع الذي تعرض للقصف في المدينة.
وقال الصدر بحسب ما نقله مكتبه الإعلامي، إنه "يرفض العنـف واستخدام السلاح من أية جهة كانت".
وبحسب مكتبه فإن "الصدر قام بالاطمئنان على سلامة الاهالي".
وظهر الصدر وهو يسأل على ما يبدو أحد عناصر حماية مقر فصيل أنصار الله الاوفياء في حي المكرمة بالنجف، فيما لو تعرض أي أحد إلى إصابة من جراء الهجوم. والفصيل هو منشق عن الصدر، وبدأ مشواره السياسي متحالفا مع رئيس الوزراء الاسبق ابراهيم الجعفري في 2013، تحت اسم حركة الصدق والعطاء.
وفي عمليات التحرير ضد "داعش" شارك الفصيل كأحد تشكيلات الحشد الشعبي في المعارك وبقي لسنوات على الحدود مع سوريا. ويعتبر "أنصار الله" أحد الجهات التي تطلق على نفسها "المقاومة العراقية"، وكان الجناح السياسي للفصيل قد شارك في الانتخابات المحلية في 2014.
وقبل ليلة الهجوم على "أنصار الله"، كان أنصار التيار قد اغلقوا نحو 20 مقرا لأحزاب شيعية أبرزها الدعوة، وبدر، في 10 محافظات.
ونقل صالح العراقي عن الصدر في تغريدة وقتذاك طلب فيها الأخير من جمهوره "أن يعطوا الفرصة لمن بقي من المخلصين في حزب الدعوة ومن معهم في تحالفهم(...) لسنّ هذا القانون تحت قبة البرلمان..".
وكان زعيم التيار قد شكر حزب الدعوة مستثنيا المالكي، بعد أن دعا الحزب إلى تشريع قانون لمنع الاساءة إلى المراجع.
وفي اليوم التالي، ذكرت مصادر شيعية أن اجتماعا اعتياديا للاطار التنسيقي ناقش فيه تشريع القانون.
وحينها طالب رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وهو أيضا زعيم "ائتلاف دولة القانون" من التيار الصدري بتقديم دليل بشأن التهجم على المرجع محمد صادق الصدر.
وأكد المالكي بحسب بيان للحزب "إننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا والحفاظ على مكاتبنا من أي تجاوز، ولكن ندعو القوات الامنية الحكومية، للنهوض بمسؤولياتها".
وأشار البيان الى ان حزب الدعوة "لن ينجر إلى معارك جانبية مع أي طرف قد يختلف معه سياسيا".