الصدر يشعل جدلا سياسيا في العراق بعد مطالبته بانتخابات مبكرة

تحالف الفتح يشترط حوارا لوضع آليات حل البرلمان والانتخابات المبكرة، فيما يعتبر رئيس دولة القانون أن تصحيح الأمور يبدأ بالعودة إلى الدستور واحترام المؤسسات الدستورية.
الخميس 2022/08/04
استخدام ورقة الشارع للضغط سياسيا

بغداد – أشعلت مطالبة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، جدلا واسعا بين القوى السياسية في العراق، حيث تباينت المواقف بين مؤيد ومعارض، وذلك في ظل دعوات إلى حوار وطني بهدف الخروج من الأزمة بالبلاد.

وفي الوقت الذي يواصل فيه رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي منذ أيام جهوده للتهدئة والتهيئة لحوار سياسي، جاءت شروط الصدر لتقطع الطريق على أي حوار مع خصومه في الإطار التنسيقي، بمطالبته الأربعاء حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

ويرفض الصدر الذي يرفع شعار محاربة الفساد أي حوار مع الإطار التنسيقي، ويسعى من خلال حث أنصاره المعتصمين أمام مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء ببغداد على البقاء هناك حتى تحقيق مطالبهم/مطالبه، إلى إرباك خصومه ودفعهم إلى القبول بشروطه لحل الانسداد السياسي.     

ويعني حل البرلمان عودة إلى المربع الأول بالاتجاه لانتخابات مبكرة مرة ثانية، وهو أمر مكلف لوجستيا وماديا وأمنيا، وهو أيضا مسار طويل يعيد الجميع إلى متاهة السجالات والتجاذبات.

ومن بين المرحبين بخطاب زعيم التيار الصدري دون شروط مسبقة، رئيس ائتلاف النصر المنضوي ضمن "الإطار التنسيقي" للقوى الشيعية حيدر العبادي، الذي قال عبر تويتر "أرحب بما جاء بخطاب مقتدى الصدر، وهو يلتقي من جوانب عدة مع مبادرتنا لحل الأزمة".

وأضاف العبادي "أُحيي خطواته وجميع الإخوة لحفظ الدم وتحقيق الإصلاح"، داعيا الجميع إلى "التكاتف لخدمة الشعب وإصلاح النظام وتدعيم الدولة الدستورية، ومن خلال عملية ديمقراطية سليمة وسلمية".

إلى جانب العبادي، رحّب رئيس تحالف السيادة (سنّة) خميس الخنجر بخطاب الصدر، مدعما إجراء انتخابات مبكرة وفق معايير جديدة وقوانين عادلة.

وقال الخنجر على تويتر "ندعم جميع الجهود لإنقاذ العراق، ومعالجة حالة الجمود السياسي التي عطّلت الدولة ومصالح الشعب".

وأضاف الخنجر "نعلن دعمنا لمضامين خطاب مقتدى الصدر نحو انتخابات مبكرة، ووفق معايير جديدة وماكنة وقوانين عادلة تسمح بمنافسة حقيقية".

كما أعلن رئيس تحالف الفتح المنضوي تحت "الإطار التنسيقي" هادي العامري، تأييده لإجراء الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الصدر.

وقال العامري في بيان "نؤيد إجراء الانتخابات المبكرة التي دعا إليها مقتدى الصدر، لاسيما وأن الانتخابات السابقة شابتها الكثير من الشبهات والاعتراضات".

لكن العامري أضاف أنّ "هذا يتطلب حوارا وطنيا شاملا من أجل تحديد موعد وآليات ومتطلبات إجرائها، وتوفير المناخات المناسبة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة تعيد ثقة المواطن بالعملية السياسية"، فيما يبدو وكأنه رد على قول الصدر بأنه "لا فائدة ترتجى من الحوار" مع خصومه.

واعتبر نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق وزعيم كتلة "دولة القانون" المنضوية في "الإطار التنسيقي"، وخصم الصدر الرئيسي على الساحة السياسية عبر تويتر، أن "الحوارات الجادة التي نأمل منها حسم الخلافات وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح تبدأ بالعودة إلى الدستور واحترام المؤسسات الدستورية".

وقال عضو ائتلاف دولة القانون فاضل موات إن الكتل السياسية من الأكراد والسنة والإطار التنسيقي، لن توافق على دعوة زعيم التيار الصدري لحل البرلمان وإعادة الانتخابات.

وأضاف موات أنّ هناك "تخبطا في مطالب التيار الصدري وعدم استقرار في أهدافه".

وأوضح أنّ "مسألة إعادة الانتخابات ليست سهلة في الظروف الحالية، فضلا عن أنّ الكتل السياسية لن تقبل، كالكرد والسنة والإطار التنسيقي الذي يمثل الكتلة الأكبر في البرلمان".

ورفض رئيس هيئة "الحشد الشعبي" بالعراق فالح الفياض دعوة زعيم الصدر، وقال في تصريحات لقناة الجزيرة القطرية إن "مقترحات زعيم التيار الصدري لحل الأزمة يمكن مناقشتها للتوصل إلى مواقف مشتركة بشأنها".

وتابع "مطالب حل البرلمان قضية كبيرة، لا يمكن القبول بها عندما تطرح من قبل جهة واحدة".

وأضاف "نظام الحكم في العراق بحسب الدستور توافقي، ولا يمكن القبول بموقف واحد لجهة معينة".

ولفت إلى أنهم طلبوا من الصدر الانفتاح على الآخرين، مشيرا إلى أنه "ما زال موجودا في المشهد السياسي رغم استقالة نوابه".

وفي يونيو الماضي، قدم نواب التيار الصدري الـ73 (من أصل 329) استقالاتهم، إثر عدم تمكنه من تشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، حيث تمسك الإطار التنسيقي بحكومة "توافق وطني" كالمعتاد، وبات يمتلك أغلبية برلمانية تمكنه من تشكيل الحكومة.

وذكر الفياض أن "الحكومة الحالية (برئاسة مصطفى الكاظمي) هي حكومة تصريف أعمال، وإعادة الانتخابات ليست من صلاحياتها".

واستطرد "حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة سيكونان حلا في حال اتفاق جميع الكتل والأطراف السياسية الأخرى".

وقال النائب عن كتلة "الحزب الديمقراطي الكردستاني" جياي تيمور الأربعاء إن أغلب الآراء السياسية تتفق على حل البرلمان، معتبرا أن ذلك قد يسهم في الخروج من "المعضلة السياسية".

وذكر تيمور في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام محلية أنّ "المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق تتفق فيها أغلبية الآراء السياسية على حل البرلمان، لتجاوز الأزمة وخلق بداية جديدة من شأنها أن تؤدي إلى وأد الصراعات السياسية".

ورأى أن "الذهاب إلى حل البرلمان قد يسهم في الخروج من المعضلة السياسية، وترحيل الخلافات إلى مرحلة أخرى يكون فيها الوضع العام السياسي أكثر استقرارا وهدوءا، وربما سيؤدي إلى نتائج إيجابية".

كما اعتبر القيادي في الحزب وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، أنّ الدعاوى "القضائية" الكيدية لوقف مشروع حكومة الأغلبية الوطنية البرلمانية في أكتوبر 2021، هي السبب في الأزمة السياسية والأمنية والاجتماعية الراهنة.

وأضاف زيباري عبر تويتر "صدق مقتدى الصدر.. الحل هو العودة إلى الأساسيات والعدالة المجردة والقانون ورأي الشعب".

وذهبت حركة "امتداد" بقيادة النائب علاء الركابي إلى مقترح آخر، مقدمة مبادرة تتضمن "الذهاب باتجاه حكومة انتقالية تصحيحية مصغّرة من وزراء مستقلين لمدة عام واحد، ثم حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة وفق المادة 64 من الدستور، على أن يذهب البرلمان لحل نفسه قبل 60 يوما من موعد الانتخابات".

ويرى مراقبون أن تباين مواقف القوى السياسية في العراق إزاء مطالب الصدر يعكس أن الأزمة السياسية القائمة بقوّة في البلاد، لن تشهد أي انفراجات في المرحلة القادمة، إذ إن كل طرف يجذب الحبل من الآخر، وحتى الحوار المزمع إقامته لن يفضي إلى أي توافق في ظل سعي الجميع إلى الاستئثار بالسلطة باستخدام الشارع والتحشيد له، ما يهدد بخروج الوضع عن السيطرة.   

والسبت الماضي، اقتحم أنصار الصدر للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع مقر البرلمان بالعاصمة بغداد، رفضا لترشيح "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء.
والسوداني مقرب من إيران، وسبق أن تولى مناصب حكومية، بينما يدعو التيار الصدري وقوى عراقية أخرى إلى اختيار شخصية لم تتقلد أي مناصب.