الصدر يراوغ بتجميد عمل فصيله المسلح في محافظتين عراقيتين

بغداد - وصفت مصادر عراقية قرار مقتدى الصدر تجميد عمل فصيله المسلح "سرايا السلام" في محافظتي بابل (وسط) وديالى (شرق) بالمراوغة التي لا تنطلي على العراقيين، كونه يحاول بعث رسائل سياسية مطمئنة بعد تهديد فصائل شيعية مسلحة بالاحتكام إلى الشارع رفضا لنتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد.
وقالت سرايا السلام في بيان إنه تقرر تجميد عملها في محافظتي بابل وديالى تنفيذا لأوامر الصدر. وأضافت أن القرار يأتي "انطلاقا من الصالح العام"، دون المزيد من التوضيح.
وأكدت المصادر أن تجميد نشاط سرايا السلام في محافظتين فقط من محافظات العراق -مع أن عناصرها موزعون من سامراء حتى بغداد إلى ميسان والبصرة- يؤشر على أن القرار مرحلي بالأساس حيث سبق أن أعلن الصدر تجميد نشاط فصيله المسلح عدة مرات في وقت سابق.
وسرايا السلام هي الجناح العسكري للتيار الصدري، وتنضوي في فصائل الحشد الشعبي التابع رسميا للقوات المسلحة العراقية.
ويأتي هذا القرار بعد احتلال الكتلة الصدرية التابعة للصدر المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وعززت الانتخابات موقع الصدر في العراق، لكن الميليشيات الشيعية الموالية لإيران التي خسرت مواقع نفوذها في انتخابات الأحد باتت تهدد إما بالمشاركة في السلطة أو الاحتكام إلى الشارع وبث الفوضى.
وصار الصدر يملك ورقة ضغط في اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل بعد مكاسبه الانتخابية، لكن يتوجّب عليه التوافق مع قوى الحشد الشعبي رغم تراجع أدائها الانتخابي.
وحلّ الصدر في الطليعة بحصوله على أكثر من سبعين مقعداً من أصل 329، لكن استحواذه على اختيار رئيس وزراء وحيداً لا يزال أمراً مستبعداً.
وفضلا عن الخطابات ذات النبرة العالية والتوترات المنتظرة بين مختلف الأطراف السياسية، يرى خبراء أن انتخابات الأحد لن تفضي إلى زعزعة توازن القوى الهش القائم في بغداد، والذي يتحكم به الشيعة منذ نحو عقدين.

ومن 48 مقعداً في البرلمان السابق تراجع عدد مقاعد تحالف الفتح -الذي يمثل الحشد الشعبي ويضم فصائل شيعية موالية لإيران باتت منضوية في القوى الرسمية- إلى أقل من النصف، لكن عدد مقاتليه يبلغ نحو 160 ألفا حسب تقديرات مراقبين. ومع دعم حليفته إيران يبقى الحشد قوة لا يمكن تجاوزها في السياسة العراقية.
وكذلك حقق رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، حليف الحشد وطهران، خرقاً في الانتخابات.
وفي المقابل يؤكد الصدر أنه القوة الأولى في البرلمان، إلا أن تشكيل الحكومة وتسمية رئيس للوزراء لا يعتمدان فقط على من يملك العدد الأكبر من المقاعد البرلمانية.
وفي أعقاب صدور النتائج الأولية ألقى زعيم التيار الصدري خطاباً أشار فيه بشكل غير مباشر إلى فصائل الحشد الشعبي.
وقال “يجب حصر السلاح بيد الدولة ويمنع استعمال السلاح خارج هذا النطاق وإن كان ممن يدعون المقاومة”، مؤكدا أنه “آن للشعب أن يعيش بسلام بلا احتلال ولا إرهاب ولا ميليشيات تنقص من هيبة الدولة”، في إشارة إلى الفصائل الموالية لإيران.
وأعرب تحالف الفتح عن رفضه لنتائج الانتخابات ونيته الطعن فيها قانونياً، فيما كرر قياديون فيه تصريحاتهم المنددة بها منذ الأحد.
واعتبر رئيس حركة حقوق التابعة لكتائب حزب الله -أحد فصائل الحشد الشعبي الأكثر نفوذاً- حسين مؤنس أن “هذه الانتخابات هي أسوأ انتخابات مرت على العراق منذ عام 2003″، فيما فاز تكتله بمقعد واحد فقط من أصل 32 مرشحاً.
واتهم المتحدث العسكري أبوعلي العسكري باسم هذا الفصيل المسلح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأنه “عراب تزوير الانتخابات”، لصالح حزب صغير يقول إنه منبثق من الاحتجاجات.
وتأسس الحشد الشعبي في 2014 لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية ودخل البرلمان للمرة الأولى في 2018.
وبعد الانتفاضة الشعبية التي هزت العراق في خريف 2019 وجهت التهم إلى الفصائل الموالية لإيران بالوقوف خلف العشرات من الاغتيالات ومحاولات الاغتيال وعمليات خطف ناشطين ومحتجين.
وأواخر مايو، بعد توقيف مسؤول كبير في الحشد الشعبي للاشتباه بأنه أمر باغتيال ناشط بارز، لم يتردد الحشد في استعراض قوته من أجل الإفراج عنه، ناشراً عناصره ومدرعاته عند مدخل المنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة والسفارات الأجنبية في وسط العاصمة بغداد.