الصدر يدعو إلى إبعاد الحشد الشعبي عن أي مهام أمنية هذا العام

زعيم التيار الصدري يحذر من التعدي على الزوار الإيرانيين تحسبا من وقوع مواجهات مسلحة قد تستخدمها إيران، عبر حلفائها، ذريعة للرد على التيار الصدري.
الأحد 2022/09/11
"زيارة الأربعين" معركة جديدة بين الصدر وإيران

بغداد – بعد اعتزاله العمل السياسي عاد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر مرة أخرى للحديث عن زيارة أربعينية الإمام الحسين ودعوته إلى إبعاد الحشد الشعبي وجناحه العسكري "سرايا السلام" عن أي مهام أمنية هذا العام، محذرا من التعدي على الزوار الإيرانيين، وذلك تحسبا من وقوع مواجهات مسلحة قد تستخدمها إيران، عبر حلفائها، ذريعة للرد على التيار الصدري.

ويأتي حديث الصدر في أكثر الأوقات توترا في العلاقة بينه وبين الإطار التنسيقي، الذي يضم ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي و"تحالف الفتح" بزعامة هادي العامري وفصائل وأحزابا أخرى موالية لإيران.

ويبدو أن المخاوف من إمكانية أن يمثل وجود الحشد الشعبي في تلك الزيارة مساحة للصدام مع أي مظاهر احتجاجية هو الذي دفع الصدر إلى التحذير مسبقا، وتحميل تلك الأطراف مسؤولية أي احتكاك.

وتمثل دعوة الصدر إلى عدم إشراك الحشد الشعبي وسرايا السلام استباقا لما يمكن أن يقع من احتكاكات بين محتجين وتلك القوات، لاسيما وأن الزيارة هذا العام قد تشهد مساحة احتجاجية على وقع الأحداث الأخيرة.

ففي تغريدة عبر صفحته على تويتر الأحد أخذت طابعا دينيا توجيهيا، دعا "الزعيم النافذ" في البلاد أنصاره إلى التوجه صوب مدينة كربلاء لإحياء زيارة أربعينية الإمام الحسين، فيما حثهم على الابتعاد عن أي شعارات فئوية أو عسكرية أو حزبية أو طائفية.

وقال الصدر "يجب عدم رفع الصور خلال الزيارة مطلقا لا لشهداء ولا لغيرهم، وعدم ارتداء الأكفان أو أي زي يميزهم عن باقي الزوار مطلقا، ولاسيما الزي العسكري".

وأكد ضرورة "الالتزام بأعلى مستويات الصبر والحكمة والأخلاق"، منوها بأن "كل من يعصي التعليمات من أي جهة كانت فعلى القوات الأمنية التعاون معه بحزم وبلا تهاون، فهو مندس ومبغض للشعائر الحسينية".

واعتبر الصدر "كيل التهم للآخرين ووصفهم بالبعثية أو الإرهابية أو الميليشياوية أو غيرها من الأوصاف في هذه الزيارة ممنوع، بل هو حرام وإرجاف".

ولفت زعيم التيار الصدري إلى أن "التعدي على الزوار الأجانب (غير العراقيين) وبالأخص (الأخوة الإيرانيين) باليد أو باللسان أو بالمنشورات أو بأي طريقة كانت، أمر ممقوت وقبيح وممنوع، بل حرام ومخالف لكل الأعراف".

ونبّه على منع حمل السلاح بأصنافه كافة وحرمته خلال الزيارة، قائلا "من يخالف ذلك فأمره موكول إلى الجهات الأمنية"، مطالبا بـ"إبعاد تشكيلات الحشد وسرايا السلام عن مسك الأرض أو السيطرات أو القيام بأي عمل أمني هذا العام"، مردفا بالقول إن "هذا أمر ضروري قد لا تُحمد عقباه إن تم ذلك".

وأوضح الصدر أن "كل من يخالف (هذه التعليمات) فنحن براء منه، ولا ينتمي إلينا لا من قريب ولا من بعيد ولا يلومنّ إلا نفسه".

ويرى مراقبون أن مطالبة الصدر بإبعاد الحشد الشعبي عن إدارة ملف الأمن في الزيارة المقبلة تأتي بسبب إدراكه أن الحشد يمثل مؤسسة تابعة لأطراف الإطار التنسيقي الموالية لإيران، وبالتالي فإن وجوده يمثل مخاطرة جسيمة ربما تثير إشكالات في هذا التوقيت، لما حملته الزيارة خلال السنوات الأخيرة من عناوين احتجاجية على النفوذ الإيراني.

ويتوجه الملايين من العراقيين من الشيعة سيرا على الأقدام صوب مدينة كربلاء (جنوب)، لإحياء مناسبة "أربعينية الحسين"، في العشرين من شهر صفر كل عام، وهي توافق الثامن والعشرين من سبتمبر الجاري.

وتعتبر "الأربعينية" من أهم المناسبات لدى الشيعة، حيث تخرج مواكب رمزية للعزاء، ويتوافد مئات الآلاف من الشيعة، من كافة أنحاء العالم، إلى كربلاء لزيارة مرقد الحسين، ويأتي الكثير منهم مشيا على الأقدام.

كما شهد العراق تدفقا غير مسبوق للزوار الإيرانيين للمشاركة في إحياء المناسبة، وأعداد كبيرة منهم وصلوا البلاد سيرا على الأقدام، فضلا عن الاستعدادات لاستقبال زوار آخرين من بلدان آسيوية وعربية أخرى.

وتأتي توجيهات الصدر بعد أسبوعين على مواجهات عنيفة اندلعت وسط العاصمة العراقية بغداد بين أنصاره ومجموعات من الحشد داعمة للإطار التنسيقي، على خلفية نزول الصدريين في مظاهرات عارمة بعد إعلان الصدر اعتزاله العمل السياسي أواخر الشهر الماضي.

كما تأتي بعد أن دعا الصدر حلفاءه في البرلمان (الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة برئاسة محمد الحلبوسي) إلى الانسحاب من أجل فقدان المجلس شرعيته، وبالتالي التوصل تلقائيا إلى حله، وهو المطلب الذي ما فتئ يطالب به منذ أشهر.

ويشهد العراق منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في العاشر من أكتوبر العام الماضي، شللا سياسيا تاما، تأزم أكثر منذ يوليو الفائت مع نزول طرفي الخلاف الأبرز إلى الشارع واعتصامهما وسط بغداد.

وبلغ الخلاف أوجه مع بدء مطالبة التيار الصدري منذ شهرين بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق الإصلاحات في ظل رفض خصومه في الإطار هذا التوجه، وإصرارهم على تشكيل حكومة قبل أي انتخابات جديدة.

وترجم هذا التوتر على الأرض الشهر الماضي، حيث شهدت المنطقة الخضراء وسط العاصمة مواجهات مسلحة عنيفة استمرت 24 ساعة بين أنصار الصدر من جهة، وعناصر من الحشد الشعبي من جهة ثانية، مخلفة أكثر من 30 قتيلا والمئات من الجرحى.