الصدر يدعو أنصاره إلى إخلاء البرلمان وسط تحرك الكاظمي للدفع نحو الحوار

بغداد - طلب الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الثلاثاء من أنصاره المعتصمين لليوم الرابع على التوالي في مقر البرلمان داخل المنطقة الخضراء ببغداد، إخلاء المبنى ومواصلة الاعتصام أمامه وحوله، بالتزامن مع دخول رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على خط التهدئة بين الأطراف الشيعية لاحتواء الأزمة السياسية، بالدفع نحو حوار قد يجمع الصدر بزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وتشهد بغداد منذ الخميس الماضي تصعيدا خطيرا، بخروج الآلاف من أنصار التيار الصدري للاحتجاج على تسمية محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء المقرب من المالكي، وإعلانهم السبت عصيانا مفتوحا في البرلمان العراقي، ويهدد هذا التصعيد بالخروج عن السيطرة، بعد توافد أنصار الفريق المقابل الإطار التنسيقي إلى المنطقة الخضراء للتظاهر قرب الجسر المعلق المؤدي إليها.
وقال وزير الصدر صالح محمد العراقي في بيان، إن "بعد تحرير مجلس النواب وتحوّله إلى مجلس للشعب بفضل الله وجهود الثوار، تقرر إخلاء مبنى البرلمان، وتحوّل الاعتصام إلى أمام وحول المبنى ومقترباته، خلال مدة أقصاها 72 ساعة من تاريخ هذا المنشور".
وأضاف "إن كانت هناك أماكن أخرى ينبغي الاعتصام أمامها فستأتيكم التعليمات تباعا"، مشددا على أن "ديمومة الاعتصام مهمة جدا لتتحقق مطالبكم التي سنوافيكم بها لاحقا، لذا يجب تنظيم الاعتصام على شكل وجبات مع بقاء زخم الأعداد في أوقات محدّدة".
وأعلن عن "إقامة صلاة الجمعة الموحدة لصلوات جمع بغداد وبابل والكوت وكربلاء والنجف في ساحة الاحتفالات في نهاية هذا الأسبوع"، مشيرا "نحن في طور تشكيل لجنة من قبل المحتجين لإدارة الاحتجاجات وتنظيمها والاهتمام بكل ما يلزم".
ويأتي هذا القرار عقب ورود أنباء عن تحرك الكاظمي لنزع فتيل الفتنة بين الأطراف الشيعية، بدعوتها إلى طاولة الحوار.
ونقلت وكالة "شفق نيوز" عن مصدر في مجلس الوزراء العراقي قوله إن "الكاظمي سيدعو إلى اجتماع طاولة مستديرة خلال أيام لجمع الفرقاء في العملية السياسية، لبحث تطورات المنطقة الخضراء والتظاهرات الأخيرة، للخروج بخارطة طريق لاحتواء الأوضاع الراهنة".
وأضاف أن هناك اتصالات مكثفة حيال تحديد وقت ومكان الاجتماع والقوى السياسية التي ستشارك في الاجتماع.
وبعد أقل من ساعة على دعوة أطلقها الكاظمي الاثنين للأطراف السياسية إلى التوجه نحو حوار وطني، عبر تشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن كلّ الأطراف لوضع خارطة طريق للحل، أبدى بعض القادة في الإطار دعمهم المباشر للمبادرة.
وكان رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي أول من أيد الدعوة، وقال على تويتر "أعلن تأييد مضامين بيان رئيس الوزراء الخاص بالأزمة الحالية، وهي تلتقي مع مبادرتنا ودعواتنا إلى الحوار والاتفاق على خارطة حل للأزمة الراهنة"، داعيا الأطراف كافة إلى "الاستجابة لها، والبدء بحوارات جادة وصادقة خدمة للشعب والدولة".
وأعلن زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم تأييده للمبادرة، وقال في بيان له مساء الاثنين "نعلن تأييدنا لما جاء في بيان الكاظمي بخصوص الأحداث الأخيرة، التي تشهدها البلاد، والتي تبنينا الكثير مما ورد في بنودها مرات عدة للحيلولة دون انزلاق الوضع إلى ما لا تُحمد عقباه، ولاسيما ما يتعلق بركون وجلوس فرقاء وشركاء المشهد العراقي إلى طاولة حوار، تتبنى مبادرة وطنية شاملة تفضي إلى إنهاء الانسداد السياسي في البلاد".
كما رحب رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي بمبادرة الكاظمي لاحتواء الأزمة، لافتا إلى إمكانية تنظيم انتخابات نيابية ومحلية مبكرة.
وقال الحلبوسي عبر حسابه على تويتر "نؤيد مبادرة رئيس مجلس الوزراء لإيجاد صيغة حل بشأن الأحداث التي تشهدها البلاد".
وأكد "أهمية جلوس الجميع إلى طاولة الحوار، والمضي بخطوات عملية لحل الأزمة الراهنة، وصولا إلى انتخابات نيابية ومحلية وفق توقيتات زمنية محددة".
وخففت السلطات الأمنية العراقية الثلاثاء من الإجراءات الأمنية في بغداد مع انحسار حدة التظاهرات.
وأكدت وسائل إعلام عراقية الثلاثاء انسحاب المتظاهرين من مختلف المناطق في العاصمة ومحافظات أخرى باستثناء البرلمان، بعد أن طالب وزير الصدر صالح محمد العراقي المتظاهرين في المحافظات العراقية بالعودة إلى منازلهم وإنهاء تظاهرات المحافظات، كما دعا الإطار التنسيقي أيضا أنصاره إلى الانسحاب من محيط المنطقة الخضراء.
ورغم انسحاب المتظاهرين من كلا الجانبين من المنطقة الخضراء، إلا أن التشديد الأمني لا يزال مستمرا في بغداد، وسط تأكيدات بأن الوضع ما زال غير مستقر.
وشهدت العاصمة صباح الثلاثاء هدوءا نسبيا ولم تسجل أي أعمال عنف أو شغب، وسط استمرار الدعم الشعبي والعشائري لاعتصام أنصار الصدر، حيث تتوافد العشائر نحو المنطقة الخضراء.
ومن المرتقب أن يعقد الإطار التنسيقي اجتماعا خلال الـ72 ساعة المقبلة لبحث الأزمة السياسية ووضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة، وفق ما أفاد به القيادي في الإطار تركي العتبي.
وقال العتبي في تصريحات إعلامية إن "تظاهرة قوى الإطار قرب مقتربات المنطقة الخضراء من جهة الجسر المعلق كشفت للرأي العام حجم القواعد الشعبية الكبير، رغم أن التحشيد لها كان خلال فترة وجيزة للغاية، لكنها أعطت رسالة على العمق الكبير والتأييد الشعبي له".
وتابع أن "قادة الإطار سيعقدون اجتماعا مهما خلال الساعات الـ72 القادمة، لبحث تطورات المشهد العراقي بشكل عام ووضع خارطة طريق للمرحلة القادمة"، موضحا أن "محمد شياع السوداني لا يزال مرشح الإطار لرئاسة الحكومة المقبلة، ولا يوجد أي تغير في اتجاهات الإطار حيال تشكيل الحكومة".
وشدّد العتبي على أن "أي تغيير في العملية السياسية لابد أن يتم وفق الإطار الدستوري وبخلافه لا يكون قانونيا"، لافتا إلى أن "الإطار يسعى لحماية الدولة والعملية السياسية".
وفي المقابل أكد القيادي في التيار الصدري حازم الأعرجي، في منشور له على فيسبوك، أن تظاهرات "الإطار" أثبتت ضعف حجمه، وقلّة جمهوره.
وقال "منذ انتهاء الانتخابات، كنا نسمع قادة الإطار يتحدثون بأنهم الأكثر جمهورا، وأن لديهم أكثر من 3 ملايين ونصف ناخب، والتيار جمهوره قليل، لكن اليوم ثبت العكس، أي أن التيار الكتلة الأكبر جماهيريا في العراق، لأن من خلفه الشعب العراقي بكل عشائره وأطيافه وألوانه، ولقد كشفت تظاهرتهم (تظاهرات الإطار) حجمهم الحقيقي الذي صدعوا رؤوسنا به، حيث تبين للجميع أن حجم جمهورهم أقل من حماياتهم الشخصية".
ويعيش العراق وضعا متأزما وطريقا مسدودا لم يسبق له مثيل في تاريخه، حيث مرت أكثر من 300 يوم على الانتخابات المبكرة من دون التمكن من تشكيل حكومة جديدة في البلاد، وبقاء حكومة تصريف الأعمال برئاسة الكاظمي.
ورغم طرح العديد من المبادرات والدعوات إلى الحوار والتهدئة ومنع الصدام بين الأطراف الشيعية، فإن مقتدى الصدر لا يزال متمسكا بقناعته بعدم السماح لقوى الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة جديدة، ورفض ترشيح محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة.
وتتمسك قوى الإطار بحقها الدستوري في تشكيل الحكومة بوصفها الكتلة الأكثر عددا في البرلمان العراقي، بعد أن استحوذت على 73 مقعدا على خلفية تقديم نواب التيار الصدري استقالاتهم من البرلمان.