الصدر يخوض معركة تطهير تياره من الانحرافات ويلزم أتباعه بوثيقة موقعة بالدم

بغداد – بدأ الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إعادة ترتيب صفوف تياره الذي يعاني من إخلالات وانحرافات خطيرة، لعل آخرها ظهور جماعة من أتباعه تُطلق على نفسها اسم “أصحاب القضية”، تعتبر أنّ الصدر هو “الإمام المنتظر آخر الزمان” وتطالب بمبايعته.
ونشر الصدر مساء السبت وثيقة بخط يده دعا فيها أتباعه إلى توقيعها ببصمة الدم، وتضمنت الوثيقة التعهد بالعديد من النقاط، أهمها التبرؤ من جماعة “أصحاب القضية” والابتعاد عن الطائفية وعدم الانتماء إلى غير العراق.
وجاءت الخطوة بعد نحو أسبوعين من قرار الزعيم الشيعي تجميد التيار الصدري الذي يتزعمه وإيقاف كافة أنشطته، كما قرر إغلاق حسابه الشخصي على تويتر، وباقي الحسابات المرتبطة بالتيار بمنصات التواصل الاجتماعي، ردا على ظهور جماعة “أصحاب القضية” في مدينة النجف.
ولم تخل تلك الوثيقة من رسائل سياسية، من بينها تحذيراته من الانضمام إلى مجموعات مشبوهة تريد النيل من العراق، وتسعى لضرب وحدة الصف، الأمر الذي أثار تساؤلات حول إمكانية أن يكون ذلك تمهيدا لعودته إلى الساحة السياسية.
الوثيقة التي خطها الصدر ودعا أنصاره إلى توقيعها ببصمة الدم، تندرج في سياق مساعيه لتنقية التيار من الانحرافات التي شابته
وتعهّد الصدر في الوثيقة التي وجهها إلى أنصاره للتوقيع عليها بـ”ألّا أرضى بالفساد وألتزم بالإصلاح، إصلاح النفس قبل إصلاح الآخرين وأن أصلح عقيدتي بلا إقلال أو غلوّ في مذهب أهل البيت (ع) والأولياء والصالحين وألا أثير الطائفية ونعراتها ولا القومية وآتونها وأن أتمسك بحب الوطن ولا أنتمي لغيره وأن ألتزم بالشرع فأبتعد عن الموبقات والمحرمات وأن أرفض وأستنكر كل خطيئة ولا أقربها أو فعل محرم ضد الشرائع السماوية كالمثلية والموبقات الجنسية وأن أبقى بكل ما أوتيت من قوة ضد التطبيع مع العدو وألا تعصف بي رياح الفساد فلا أكون كسعفة في مهب الأهواء والشهوات والملذات وأصون نفسي قدر استطاعتي عن المعاصي والذنوب والآثام كما علمني مرجعي وأدبني قائدي”.
ودعا الصدر أتباعه إلى حب كل عراقي، وقال “وأن ألتزم بحب كل عراقي مسالم صالح محب لوطنه ولاسيما عائلتي (التيار الصدري) وألا أكون ضمن تجمعات مشبوهة تريد النيل من العراق والمذهب والتيار وأن أنتبه لكل مخططات الأعداء الخبيثة كتفريقهم لوحدة الصف أو تشكيكهم بمرجعيتي أو قائدي وتفعيلهم للأفكار المنحرفة أو ادعاء مهدوية والكل منهم براء وأن ألتزم بصلاتي وواجباتي وأترك ما استطعت من المحرمات كالكذب النميمة والغيبة وأن ابتعد عن المال الحرام والنظر الحرام والأكل الحرام وكل ما فيه شبهة وتسافل”.
وحض الصدر أنصاره على الابتعاد عن الفتنة، قائلا في ذلك “وأن أصون الدم العراقي وألّا أنجر إلى الفتنة التي يلهث خلفها عشاق الدنيا والسلطة وأن أكون من الممهدين لظهور مولانا الإمام المهدي (عج) بأفعالي الصالحة وطاعتي لله تعالى.. والله ولي التوفيق. وعلى ذلك أوقع وأبصم بدمي وألّا أحيد ما حييت”.
ويرى متابعون أن الوثيقة التي خطها الصدر ودعا أنصاره إلى توقيعها ببصمة الدم، تندرج في سياق مساعيه لتنقية التيار من الانحرافات التي شابته، مستبعدين في ذلك أن يكون الغرض منها التمهيد للعودة إلى العمل السياسي.
وكان الصدر انسحب من المشهد السياسي، بعد فشله في تنفيذ مشروعه بتشكيل حكومة أغلبية، على إثر فوزه في الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر من العام 2021.
وآلت العملية السياسية بانسحاب التيار إلى خصومه في الإطار التنسيقي الشيعي الذين تمكنوا من إعادة فرض سياسة المحاصصة الحزبية والطائفية، التي سبق وأن أعلن الصدر التمرد عليها بعد سنوات من الانخراط فيها.