الصدر يحذر من فتنة عقب استهداف مقرين للفصائل في بابل والنجف

بغداد – حذر رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر اليوم الأربعاء أنصار التيار الصدري مما وصفه بـ"الفتنة" والتفاعل مع "أعمال الفاسدين والميليشيات الوقحة"، عقب تعرض مقر للحشد الشعبي في بابل لهجوم مسلح بصاروخ محمول على الكتف، وأخر لـ"عصائب أهل الحق" بمحافظة النجف إلى تفجير لم تعرف طبيعته بعد، وذلك بعد يومين من مقتل الناشط البارز في التيار أيسر الخفاجي.
وقال صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، في منشور على فيسبوك إنه "مرة أخرى تمتد يد الفساد لتؤجج الفتنة وفيكم سمّاعون لهم مع شديد الأسف، ومن هنا أنقل لكم ما قاله الصدر".
ونقل العراقي عن الصدر قوله إن "كل من يتفاعل إيجابياً أو سلبياً مع أفعال الفاسدين والمليشيات الوقحة من أعمال عنف وقتل واغتيال فهم منهم، ونبرأ الى الله ورسوله وأهل بيته منهم أجمع".
وتابع الصدر "على المؤمنين المخلصين أن يتجنبوا الخوض بالدماء والفتن وعليهم إلتزام (الكهف) وإلا فليعتبر نفسه مطروداً وعلى الجميع مقاطعته كما يقاطع أهل الفساد الذين يريدون تأجيج الفتن بعد أن تصالحوا وتولوا المحتل وأذنابه.. ومن يتولهم منهم أو منكم فأولئك هم الفاسدون".
وأضاف أنه "كما يجب أن لا تتشبهوا بأفعالهم وخططهم الخبيثة التي لا تنبئ إلا عن حقد ضغين وخصوصاً بعد أن أنجانا الله من الفساد وظلوا فيه يعمهون".
وتداولت وكالات الأنباء المحلية العراقية، نبأ استهداف مكتب تابع لعصائب أهل الحق بواسطة قنبلة محلية الصنع وسط مدينة النجف.
وقالت المصادر، بأن عبوة ناسفة محلية الصنع انفجرت بمنطقة حي السلام وسط مدينة النجف مركز المحافظة.
وأضافت أن الحادث وقع فجر اليوم الأربعاء واستهدف مكتباً لعصائب أهل الحق في المحافظة وأدى إلى وقوع أضرار مادية جسيمة في المكان من دون خسائر بشرية أو إصابات.
وفي السياق، أفادت وسائل الإعلام المحلية، نقلا عن مصادر بالشرطة العراقية بأن مجهولون استهدفوا ليل الثلاثاء/الأربعاء أحد المكاتب التابعة لهيئة حشد بابل بصاروخ نوع "آر بي جي7" دون إصابات بشرية تذكر.
وتابعت أن قوة أمنية من الحشد والقوات الأخرى فرضت طوقا أمنيا بمنطقة الحادث في بابل.
ويُقصد بالمكاتب ممثليات الأحزاب والميليشيات المنتشرة في الكثير من مدن العراق وهي عبارة عن إدارات محلّية مصغّرة تسهر على تنظيم عمل القوات التابعة لها وتدير أنشطتها الاقتصادية والسياسية في تلك المدن.
ويأتي هذان الهجومان بعد يومين من العثور على الناشط الصدري أيسر الخفاجي مقتولا بطريقة حملت علامات الانتقام وذلك بعد اختطافه الأحد من أمام منزله بمدينة الحلّة مركز محافظة بابل.
وأصدرت وزارة الداخلية العراقية بيانا الاثنين بشأن الحادثة قالت فيه إنّ "عناصر خارجة عن القانون تحاول بين الحين والآخر تعكير صفو الاستقرار"، متوعّدة قتلة الخفاجي بأن لا يفلتوا من العقاب.
وخرج أبناء عشيرة القتيل وأنصار التيار الصدري، الثلاثاء، في تظاهرات حاشدة أمام مقار تابعة لجماعة العصائب، واستعرضوا قوتهم بالأسلحة وأطلقوا النار في الهواء، وهددوا باستهداف مقار العصائب إذا لم يتم الكشف عن قتلة الخفاجي ومحاسبتهم قانونياً.
وتعيش محافظة بابل على وقع توتر أمني قد يفجر صراعاً مسلحاً بين سرايا السلام الجناح العسكري للتيار الصدري وجماعة "عصائب أهل الحق" التي عُين أحد قادتها مؤخراً محافظاً، وكان قد صرح بلغة لا تخلو من التحدي "المحافظة لنا"، فيما تتجه الأوضاع للتوتر أكثر بعد مقتل الخفاجي.
ونقلت تقارير صحافية عن مصادر مقربة من الحنانة حيث مقر زعيم التيار مقتدى الصدر، أن الأخير" يشعر بالغضب البالغ" بعد تكرار استهدافات كوادر ونشطاء التيار الصدري، الأمر بدأ في ميسان ويتكرر في بابل، ويبدو أنه لن يتوقف في بغداد أو غيرها من المحافظات، لافتة أن محاولات تجنب الدفع بالمواجهة ربما لن تدوم طويلاً مع غليان الصدريين، لا سيما أنه تدل منشورات "وزير الصدر" على الوعيد والتهديد "لن نكون مثل أهل الكهف، وربما سيعود التيار بعد ذلك".
وهذه المواجهة إن وقعت لن تكون الأولى فقد استمرت المواجهات بين الطرفين منذ اغتيال قيادي في السرايا بميسان عام 2022، وأخذت في بعض الأحيان طابعاً عشائرياً، وصلت إلى حملة اغتيالات متبادلة ومفتوحة.
وفي الأثناء، فيما أشارت مصادر مطلعة أن "مقر سرايا السلام في بابل، يشهد حالة من الاستنفار، مع وجود المسؤول العام لسرايا السلام تحسين الحميداوي، وعدد من قادة الجماعة المسلحة، وانتشار قوات أمنية مختلفة في عدد من شوارع المحافظة تأهباً لأي طارئ قد يحصل خلال الساعات المقبلة.
وزاد الوضع المترتب على الانتخابات المحلّية التي أجريت مؤخّرا في خمس عشرة محافظة عراقية من منسوب العداوة بين التيار الصدري وخصومه السياسيين بمن فيهم عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي.
وبينما لم يشارك التيار الصدري في تلك الانتخابات تمكّن هؤلاء الخصوم من تحقيق نتائج جيدة فيها سمحت لهم بالحصول على المناصب القيادية في الكثير من الحكومات المحلية للمحافظات، الأمر الذي بات يهدّد نفوذ ومصالح التيار في مناطق تعتبر معاقل رئيسية له.
وفي ظل هذا الوضع أصبح الاحتكام للسلاح حفاظا على النفوذ أمرا واردا بدأت مؤشراته تظهر في التوترات التي أخذت تندلع بين حين وآخر في هذه المحافظة أو تلك من محافظات وسط وجنوب العراق.
وتمثّل سيطرة العصائب على الحكومة المحلية لبابل عاملا لإشعال الصراعات في المحافظة التي تعرف أصلا وضعا حساسا بسبب التركيز الاستثنائي للميليشيات عليها، حيث باتت تلك الفصائل المرتبط أغلبها بالحرس الثوري الإيراني تحتل عمليا منطقة جرف الصخر وتتخذ من بساتينها الكثيفة مقرات حصينة لها ومخازن للأسلحة وورشا لإصلاحها وإعادة تركيب ما يأتي منها مفككا من إيران.
وعصائب أهل الحق جماعة منشقة عن "جيش الإمام المهدي" الذي أسسه الصدر، وذلك بعد صولة الفرسان في العام 2007، وفي العام 2011 أعلن زعيم الحركة الشيخ قيس الخزعلي بشكل رسمي فصيل العصائب.
وانخرطت الحركة المناوئة للتيار الصدري في العملية السياسية من خلال خوض الانتخابات التشريعية في العام 2014 عبر "كتلة صادقون"، وشارك فصيلها المسلح ضمن قوات الحشد الشعبي في المعارك ضد داعش بعد اجتياح التنظيم المتشدد مناطق ومدن تُقدر بثلثي العراق في أواسط العام 2014.
والعصائب اليوم إحدى أهم القوى السياسية في الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية المشاركة في تشكيل الحكومة الاتحادية الحالية التي يترأسها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني.
وتمتلك كل من سريا السلام وعصائب أهل الحق على غرار باقي الميليشيات تمثيلا أمنيا وسياسيا واقتصاديا في بابل، الأمر الذي يفسّر حالة التوّتر القائمة في المحافظة والمرشّحة للانفجار بسبب تعدّد الاحتكاكات بين العصائب والسرايا، وتواتر حالات الخطف والاغتيال.