الصدر يتحول إلى المعارضة ويتخلى عن تشكيل الحكومة لمدة شهر

نواب عراقيون يدعون في مبادرة إلى تشكيل النواب المستقلين والكتل الناشئة تحالفا داخل البرلمان، إلى جانب كتل أخرى لتكوين الكتلة الأكبر وتشكيل الحكومة الجديدة.
الاثنين 2022/05/16
الصدر ينتقد تكالب الجميع على تشكيل الحكومة

بغداد - أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مساء الأحد التخلي عن مساعي تشكيل الحكومة العراقية لـ30 يوما، والانتقال إلى المعارضة خلال هذه الفترة، في مؤشر جديد على تأزم المشهد السياسي العراقي والفشل في التوصل إلى تسوية تتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة.

وتصدر التيار الصدري الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر الماضي بـ73 مقعدا من أصل 329، وشكل تحالفا مع أكبر كتلتين للسنة (تحالف السيادة) والأكراد (الحزب الديمقراطي الكردستاني) باسم "إنقاذ وطن".

وقال الصدر في بيان نشره عبر حسابه على تويتر "بقي لنا خيار لابد أن نجربه، وهو التحول إلى المعارضة الوطنية لمدة لا تقل عن ثلاثين يوما".

وأوضح أن سبب اتخاذه القرار يعود إلى ازدياد "التكالب" عليه من الداخل والخارج وعلى فكرة تشكيل حكومة أغلبية وطنية، دون تسمية أي جهة.

وتابع "فإن نجحت الأطراف والكتل البرلمانية، بما فيها من تشرفنا بالتحالف معهم بتشكيل حكومة لرفع معاناة الشعب، فبها ونعمت، وإلا فلنا قرار آخر نعلنه في حينها"، دون تفاصيل.

ووفق مراقبين، تنعدم فرص نجاح القوى المنافسة للتيار الصدري في تشكيل الحكومة، فيما قد تكون خطوة الصدر المقبلة هي دعوة البرلمان إلى حل نفسه وإعادة الانتخابات.

ويعيش العراق انقساما سياسيا، جراء خلافات بين القوى الفائزة بمقاعد برلمانية بشأن رئيس الوزراء المقبل وكيفية تشكيل الحكومة، كما تسود الخلافات بين الأكراد بشأن مرشح رئاسة الجمهورية.

ويسعى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية من خلال استبعاد بعض القوى منها، وعلى رأسها ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وهو ما تعارضه القوى الشيعية ضمن "الإطار التنسيقي" المقربة من إيران، التي تطالب بتشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة القائمة على نهج المحاصصة داخل مؤسسات الدولة وفقا للأوزان الطائفية وليست الانتخابية.

ويأتي موقف الصدر الجديد، بعد ساعات قليلة على قرار للمحكمة الاتحادية برفض قانون "الأمن الغذائي"، الذي قدمته حكومة مصطفى الكاظمي للبرلمان لغرض إقراره، والذي يهدف إلى تمرير الملفات المالية المهمة كبديل عن الموازنة التي تعطلت بفعل عدم تشكيل الحكومة الجديدة، وقضت المحكمة أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال ولا يحق لها تقديم أي قوانين من هذا النوع، وهو ما اعتبر ضربة أخرى للتحالف الثلاثي الداعم لهذا القانون، خاصة أن الجهة الطاعنة بشرعية القانون هي قوى "الإطار التنسيقي".

كما يأتي قرار الصدر بالتزامن مع طرح نواب عراقيين مستقلين مبادرة جديدة هي الأولى من نوعها التي تُطرح من خارج طرفي الأزمة السياسية، المتواصلة في البلاد منذ أكثر من ستة أشهر، عقب إجراء الانتخابات التشريعية في العاشر من أكتوبر الماضي.

وتضمنت المبادرة سبع نقاط، فحواها التأكيد على ضرورة "تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، ومنها موضوع تشكيل الحكومة الذي هو شأن وطني داخلي لا يحق لأي طرف خارجي التدخل فيه بأي شكل من الأشكال"، وكذلك تشكيل النواب المستقلين والكتل الناشئة تحالفا داخل البرلمان، إلى جانب كتل أخرى لتكوين "الكتلة الأكبر عددا" من دون اشتراطات مسبقة، لتتولى هي تسمية رئيس الحكومة، من خلال تقديم شخصيات مستقلة للمنصب دون شروط مسبقة من قبل الكتل السياسية الرئيسة.

وتنصّ المبادرة على حق رئيس الحكومة في أن يكون مستقلا بقراراته مع برنامج كامل لمحاربة الفساد وإصلاح الخدمات، فضلا عن برنامج حكومي يتضمن إنهاء المظاهر المسلحة كافة وتطبيق القانون على الجميع.

ورحبت قوى الإطار التنسيقي الشيعية فجر الاثنين بالخطوات "العملية التي أعلن عنها النواب المستقلّون في تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي وحفظ حق الأغلبية".

وقالت قوى الإطار التنسيقي "نرحّب بالخطوات العمليّة التي أعلن عنها النواب المستقلّون، والتي تقترب كثيرا من مبادرتنا التي أعلنا عنها في الثالث من الشهر الجاري في تشكيل الكتلة الأكبر وحفظ حق الأغلبية".

وأعلنت القوى الشيعية الالتزام "بتكليف مرشّح محايد كفء يضطلع بتشكيل الحكومة لإنهاء حالة الانسداد السياسي، واستمرار الإطار التنسيقي بنهجه في الحوار مع من يريد الخير لشعبنا ووطننا، وندعو إلى الحوار المباشر لننطلق سويّة لبناء الدولة وتقديم الخدمات".

ودعت قوى الإطار التنسيقي الشيعية "الكتل السياسيّة إلى التفاعل الإيجابي مع ما أعلنه المستقلّون والحركات  الناشئة".

وكان الصدر صاحب الأغلبية في البرلمان العراقي قد دعا النواب المستقلين إلى توحيد صفوفهم، والدخول في كتلة واحدة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة تحظى بدعم من كبار الفائزين في نتائج الانتخابات العراقية، من دون أن تكون للتيار الصدري أي مشاركة في التشكيلة الوزارية المقبلة.

وشكل صعود الشخصيات المستقلة ضمن القوائم المنفردة أحد أبرز المتغيرات التي حملتها انتخابات أكتوبر المبكرة، بعد أن تجاوز ثقلها في مجلس النواب الحالي أكثر من 40 مقعدا، في علامة فارقة لم تسجل طيلة الدورات السابقة.

ومنذ تصاعد الخلاف بين الصدر الذي يتقدم بمعية القوى السنية (تحالف سيادة) والحزب الديمقراطي الكردستاني مع الإطار التنسيقي، كانت القوى المستقلة مطلبا يقصده الفريقان المتخاصمان لكسب ودها وضمها إلى أحد الجانبين.

ودفعت موجة الاحتجاجات الغاضبة التي عمت أرجاء البلاد في خريف 2019، تصاعد حظوظ الشخصيات المستقلة في انتخابات أكتوبر المبكرة عقب اتساع مقبوليتهم لدى الشارع العراقي، الناقم على القوى التقليدية التي حكمت البلاد ما بعد 2003.

وعقب قرار المحكمة الاتحادية بإلزام جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بثلثي أعضاء مجلس النواب، برزت القوى المستقلة كـ"بيضة قبان" لتجاوز أزمة الثلث المعطل.

وكان مجلس النواب قد فشل أكثر من مرة في تحقيق جلسة نصاب قانوني لتمرير مرشح رئاسة الجمهورية الذي يتطلب حضور 220 نائبا، مما دفع المشهد العراقي نحو الانسداد السياسي وتوقيف عقارب الزمن، والتي بموجبها دخلت البلاد في خرق للتوقيتات الدستورية الملزمة لاستكمال تشكيل الأضلاع الثلاثة للدولة.