الصحافيون في تونس يتطلعون إلى تصويب المسار

يستعد المنخرطون في النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين لعقد المؤتمر السادس للنقابة الشهر المقبل، وسط تطلعات إلى تغيير يضع حدا للخطاب الكلاسيكي الذي درج عليه أعضاء المكتب التنفيذي الحالي، ويعيد التركيز على حقوق الصحافيين.
تونس - يراهن الصحافيون في تونس على المؤتمر المقبل لنقابتهم الوطنية، على أمل إعادة تصحيح مسار يعتبرونه حاد عن الأهداف المنشودة، حيث لم يلتزم المكتب التنفيذي الحالي بالوعود التي قطعها وبشعار “حقوق الصحافيين أساس حرية الصحافة” الذي رفع خلال المؤتمر السابق.
وأعلنت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين عن عقد المؤتمر السادس للنقابة والثامن والعشرين للمهنة يومي السادس والسابع من أكتوبر المقبل في العاصمة تونس.
ويرجح صحافيون أن يشهد المؤتمر منافسة شديدة، مع إبداء الكثيرين رغبتهم في حدوث تغيير، معتبرين أن المكتب التنفيذي الحالي لم يكن على قدر التطلعات من خلال الاستمرار في الخطاب الكلاسيكي ذاته، والتركيز على قضية “الحريات”، وفتح جبهة صراع مع السلطة السياسية، في مقابل التعاطي بفتور مع قضايا لا تقل أهمية وتمس الصحافيين بشكل مباشر.
ويعتقد عدد من الصحافيين أن المكتب التنفيذي الحالي حوّل النقابة من منبر يفترض أن يدافع عن منظوريه في المطالبة بحقوقهم المهنية والاجتماعية، إلى ساحة لتصفية حسابات سياسية مع السلطة.
ويعاني الصحافيون في تونس من أوضاع مهنية واجتماعية صعبة، فاقمتها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
المعارك التي تخوضها النقابة مع السلطة السياسية، تحول دون فتح حوار بين الطرفين لمعالجة أوضاع القطاع
ويجد العشرات من الصحافيين التونسيين، لاسيما العاملين في وسائل الإعلام الخاصة، أنفسهم بلا رواتب لأشهر، أو يتم اقتطاع جزء منها وتسدد على مراحل، كما يتعرض العديد منهم للهرسلة داخل مؤسساتهم.
وتحت ذريعة غياب التمويل عمدت وسائل إعلام إلى تسريح العديد من الصحافيين دون تمكينهم من حقوقهم التي كفلها القانون، وسط انتقادات للنقابة بأنها لم تضغط بما فيه الكفاية لحماية هؤلاء.
ويقول صحافيون استطلعت “العرب” آراءهم إن النقابة في العديد من الحالات تكتفي بإصدار بيان تنديد وشجب، وفي أقصى الحالات القيام بوقفة احتجاجية، وبمجرد أن تنفض تلك الوقفة تنتهي المهمة، ليجد الصحافي المتضرر نفسه ينازع وحيدا من أجل الدفاع عن حقوقه المسلوبة.
إلى جانب ذلك هناك أزمة وسائل الإعلام المصادرة، والتي تعاني وضعا ضبابيا إلى اليوم، ما أثر بشكل مباشر على الصحافيين العاملين بها.
وكانت الدولة التونسية صادرت جميع الممتلكات والمؤسسات العائدة إلى عائلة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وأصهاره والدوائر المقربة منهم، ومن بين المؤسسات في قطاع الإعلام راديو “شمس أف أم” وصحيفة “الصباح” اليومية ومؤسسة “كاكتوس برود” المتخصصة في إنتاج برامج الترفيه.
ووضعت الدولة متصرفين قضائيين على تلك المؤسسات إلى حين تسوية وضعياتها القانونية، وهو ما لم يتحقق على الرغم من مرور نحو 13 عاما من المصادرة.
ويقول صحافيون إن نقابة الصحافيين بدت عاجزة عن الضغط لجهة حل هذا الملف، حيث أن التحركات الاحتجاجية كانت تساهم نسبيا في تحريك المياه الراكدة تحت هذا الملف لكن دون أثر حقيقي.
ويشير الصحافيون إلى أن الإشكال اليوم هو أن المعارك التي تخوضها النقابة مع السلطة السياسية وما يثار حول أجندات تقف خلف تحركات البعض يجعلان من فرص فتح حوار جدي بين الطرفين، لمعالجة أوضاع الصحافيين والقطاع ككل، أمرا غير متاح.
ويلفت البعض إلى أن الحديث عن ردة في حرية الصحافة منذ انطلاق مسار الخامس والعشرين من يوليو لا يبدو مقنعا، لسبب بسيط وهو أن هذه الحرية ذاتها كانت مختطفة من قبل لوبيات “المال والأعمال” بتواطؤ مع المنظومة السياسية الحاكمة خلال السنوات الماضية، ولم يتم تسجيل تحرك من النقابة، في حين أن “المبدأ لا يتجزأ”.
ويقول صحافيون إن الخيار حاليا هو الرهان على إحداث المؤتمر القادم تغييرا يعيد تصويب البوصلة.
وأفادت نقابة الصحافيين، في بلاغ لها الثلاثاء، بأن فتح باب الترشح لعضوية المكتب التنفيذي ينطلق يوم 6 سبتمبر الجاري ويتواصل إلى غاية 21 من الشهر نفسه. وبخصوص شروط الترشح أوضحت أنه يترشح لعضوية المكتب التنفيذي للنقابة كل عضو حامل لخمسة انخراطات متتالية كعضو عامل، آخرها انخراط سنة المؤتمر (كما ينص على ذلك القانون الأساسي للنقابة).
وأضافت النقابة أن مطالب الترشح توجه باسم رئيس النقابة في رسالة مضمونة الوصول، مع الإعلام بالبلوغ بعنوان النقابة: 14 شارع الولايات المتحدة الأميركية، تونس – البلفيدير 1002.
وكان المؤتمر الخامس لنقابة الصحافيين والسابع والعشرون للمهنة قد انعقد يومي 19 و20 سبتمبر 2020 تحت شعار “حقوق الصحافيين أساس حرية الصحافة”.