الصحافيون اللاجئون يكافحون لإيجاد فرص عمل

برلين - يضطر العشرات من الصحافيين كل عام إلى الفرار من بلدانهم الأصلية حفاظا على سلامتهم، لكنهم يعانون في سبيل الحصول على عمل في اختصاصهم في البلدان التي فروا إليها.
وتقول اللاجئة نور العجيلي “لم أحصل على عمل، رغم أنني حصلت على فرص تدريب مختلفة”.
ودرست الشابة السورية الإعلام في سوريا وتابعت دراستها في مجال الإعلام في ألمانيا. ورغم محاولاتها المتكررة في إيجاد عمل لها كصحافية، لكنها لم تحصل على أي “وعود مشجعة”.
نور ليست وحدها الصحافية اللاجئة التي لم تتمكن من العمل في مؤسسات إعلامية ألمانية. ووفق دويتشه فيلله فالصحافي الفلسطيني السوري رامي العاشق يعيش في ألمانيا منذ 2015. وأثناء مشاركته في مؤتمر “الصحافة في المنفى” والذي عقد في مدينة هامبورغ، أكد اللاجئ السوري أنه لم يحصل حتى الآن على فرصة للعمل في المؤسسات الإعلامية الألمانية.
وكتب رامي لصحف ألمانية مثل “تاتس”، لكن مشاركته اقتصرت على مواضيع تروي قصته فقط. ولع رامي بمهنة الصحافة دفعه إلى تأسيس مجلة “أبواب”، لتكون أول مجلة عربية مطبوعة في ألمانيا وموجهة للاجئين. ويكتب رامي الآن لمجلة “فن” وهي مجلة ثقافية ألمانية عربية.
لا شك أن دمج الصحافيين اللاجئين في المؤسسات الإعلامية الألمانية أمر ليس سهلا. وهو ما يؤكده الكثير من الخبراء ومن بينهم كريستوف دريير من منظمة “مراسلون بلا حدود”.
ويرجع الخبير الإعلامي صعوبة ذلك إلى عدة عوامل وعلى رأسها عائق اللغة.
ويوافق دانيل غيرلاخ، رئيس تحرير مجلة زينيت الألمانية، الخبير دريير في رأيه مشيرا إلى أن عمل الصحافيين اللاجئين في المؤسسات الألمانية يستلزم شروطا ومتطلبات كثيرة.
ويؤكد “تتطلب هذه المهنة أولا وقبل كل شيء إتقانا كبيرا للغة، بشكل يسمح للاجئين فهم مقاصد الكلمات المستخدمة وصياغة التقارير بأسلوب ألماني، وهو أمر مرهق جدا وغير ممكن لمن لا يتقن اللغة بشكل ممتاز، ما قد يجعل توظيف الصحافي اللاجئ غير جذاب أمام إعلاميين محليين”.
وليست اللغة فحسب، بل إن اختلاف طبيعة العمل الصحافي في ألمانيا عما هو عليه في الدول التي يأتي منها اللاجئون يزيد أيضا من التحديات التي تواجه الصحافيين اللاجئين في ألمانيا، وهو ما يؤكده غيرلاخ قائلا “يتطلب العمل الصحافي في ألمانيا الدقة في عملية البحث عن المعلومات. وهذا يحتاج بالطبع إلى مخاطبة دوائر الدولة وجهات مسؤولة وغيرها“.
سهى صحافية عراقية أجرت تدريبا مهنيا في إحدى مؤسسات الإعلام الألمانية. أكدت في حوارها لموقع “مهاجر نيوز” أن هناك اختلافا شاسعا في طبيعة العمل الصحافي بين بلدها وألمانيا.
وقالت سهى “عملت في الصحافة لسنوات طويلة في العراق، لكن أكثر ما لفت نظري في عمل الصحافيين الألمان هو الجهد والوقت المبذول من أجل البحث عن المعلومات والتأكد منها. فضلا عن أنني تعرفت على الطريقة الألمانية في التعامل مع حقوق الملكية الفكرية مثلا”.
رغم ذلك، يرى غيرلاخ أن دمج إعلاميين لاجئين ومهاجرين في المؤسسات الإعلامية الألمانية، إثراء كبير لألمانيا. وخاصة عندما يتعلق الأمر بالإعلام الخارجي. إذ يصعب على الصحافي الألماني الحصول على معلومات من بلدان هؤلاء الصحافيين أو إمكانية الوصول إلى قصص مؤثرة.
ويضيف غيرلاخ بالقول “نعتمد في مجلتنا على اللغة الإنكليزية من أجل التواصل مع صحافيين أو مساعدين أجانب، بيد أن هذا الأمر قد لا يكون ممكنا في وسائل إعلام أخرى في ألمانيا”.
الخبير الإعلامي دريير يرى أيضا أن “الصحافيين في المنفى” هم مصدر قوة لألمانيا. فهؤلاء الصحافيون لهم دور كبير في توضيح انتهاكات حقوق الإنسان التي تجري في بلدانهم.
رغم التحديات التي تمنع اللاجئين الصحافيين من دخول سوق العمل، لكن ذلك لم يمنع من تأسيس مشاريع خاصة لعشاق مهنة الصحافة. وتتيح هذه المشاريع للصحافيين العمل في مهنة الصحافة ولكن بلغتهم الأم.