الصحافيون الأتراك في الخارج أهداف ثابتة لوكالة الاستخبارات التركية

أنقرة - اعترف رئيس وكالة الاستخبارات التركية المعروفة باسم “ميلي استخبارات تيشكيلاتي” (MIT) باستهدافه الصحافيين في الخارج في تقرير نشرته الوكالة مؤخرًا.
وفي التقرير المكوّن من 16 صفحة، والذي حصل عليه موقع “نورديك مونيتور”، كتب رئيس وكالة الاستخبارات التركية هاكان فيدان، المقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنه في عام 2022 “عمل على فك رموز محاولات الدعاية السوداء التي تهدف إلى تقويض بلادنا استمر دون انقطاع”.
وما وصفه فيدان بـ”الدعاية السوداء” هو إشارة إلى التغطية التي تنتقد تركيا من قبل الصحافيين الذين أجبروا على الذهاب إلى المنفى وممارسة حياتهم المهنية في الخارج بعد أن بدأت حكومة أردوغان في اعتقال المئات منهم، مما أدى إلى القضاء على جميع النقاد المستقلين العاملين في الإعلام المعارض في تركيا على مدى العقد الماضي.
والتقرير غير المؤرخ، الذي كتب في وقت ما في مارس 2023، هو تقييم للعمل الذي قامت به وكالة المخابرات في عام 2022 وهو بمثابة اعتراف باستهداف الصحافيين الأتراك الذين يعيشون في أوروبا وأميركا الشمالية ومضايقتهم، حيث يقوم عملاء وكالة الاستخبارات التركية بعمليات مراقبة غير قانونية.
وتفاخر فيدان علنًا بهذه المراقبة وبجمع المعلومات الاستخبارية التي تستهدف الصحافيين الناقدين من خلال تقديم هذا باعتباره أحد نجاحات الوكالة.
يذكر أنه تم الكشف عن تجسس وكالة الاستخبارات على الصحافيين في أوروبا العام الماضي عندما سرّبت الوكالة صور المراقبة والعناوين السكنية للصحافيين الذين يعيشون في ألمانيا والسويد كجزء من حملة التخويف.
وفي العام الماضي، راقب عملاء الوكالة الصحافي عبدالله بوزكورت، الذي يعيش في السويد، ثم سرّبوا لاحقًا صوراً إلى صحيفة “صباح”، الناطقة بلسان الحكومة التي تملكها وتديرها عائلة الرئيس أردوغان، في أكتوبر 2022. ونشرت الصحيفة صوراً ملتقطة سراً له وكشفت عنوان منزله.
وانتقل بوزكورت، الذي تعرض للهجوم من قبل ثلاثة رجال مجهولين في سبتمبر 2020 أمام منزله السابق في إحدى ضواحي ستوكهولم، إلى مكان آمن.
وكان بوزكورت، مدير شبكة البحث والمراقبة الأسكندنافية، وهي منظمة غير ربحية مقرها ستوكهولم ، وزميل الكتابة في منتدى الشرق الأوسط، منذ فترة طويلة في مرمى الحكومة التركية ووكلائها بسبب المقالات النقدية والأوراق البحثية التي كشفت صلات حكومة أردوغان بالجماعات الجهادية بما في ذلك تنظيمي القاعدة وداعش. واضطر إلى الفرار من تركيا في عام 2016 هربًا من السجن غير المشروع بتهم ملفقة ولجأ إلى السويد.
وفي ديسمبر 2016 دعا الكاتب التركي جيم كوجوك، الذي لديه علاقات وثيقة مع وزيري الداخلية والعدل التركيين، وكالة الاستخبارات لاغتيال بوزكورت.
وتم التحقيق مع كوجوك في الماضي بشأن أنشطة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في تركيا، ويبدو أن كتابات بوزكورت حول العمليات السريّة لفيلق القدس أزعجته.
كما هدد مسعود حقي كاشين، مستشار الرئيس التركي للأمن والسياسة الخارجية، بوزكورت بالقتل على الهواء مباشرة خلال برنامج بثته شبكة تلفزيون وطنية، قائلاً إن المخابرات التركية ستعثر عليه وتطعمه لأسماك القرش.
كما تعقبت وكالة الاستخبارات التركية ليفينت كينيز ومراد تشيتنر، محرّري موقع نورديك مونيتور الذي يتخذ من السويد مقراً له، وسربت معلوماتهما الخاصة إلى وسائل الإعلام في تركيا، كما تعقبت الاستخبارات بولنت كنيش، رئيس التحرير السابق لصحيفة “زمان”، وتم استهداف الصحافي الاستقصائي جيفيري غوفان، المقيم في ألمانيا، مؤخرًا من قبل نفس الوكالة.
100
معارض تركي تم جلبهم من دول مختلفة إلى نتيجة لزيادة عمليات الوكالة في الخارج
وسبق أن دعت رئيسة نقابة الصحافيين السويديين أولريكا هيلرت الحكومة السويدية إلى حماية الصحافيين الأتراك في مقال نشرته صحيفة “إكسبريسن” السويدية اليومية في 31 أكتوبر 2022.
وباستخدام عضوية السويد في الناتو كرهينة، يريد الرئيس أردوغان الآن خنق الأصوات المنتقدة التي لا تزال تسمع من السويد.
وفي عام 2021 رفضت المحكمة السويدية العليا طلبًا من تركيا لتسليم كينيز، وحكمت بأن مزاعم تركيا ضده لا تحتوي على عنصر الجريمة بموجب القانون السويدي. كما ذكرت المحكمة العليا أنه إذا عاد كينيز إلى تركيا، فسيواجه خطر الاضطهاد.
وقضت المحكمة العليا بأن نشاط كينيز الصحافي كرئيس تحرير لصحيفة “نورديك مونيتور” لا يتوافق مع جريمة بموجب القانون السويدي، على عكس مزاعم تركيا، حتى لو كانت لصحيفته صلات بمنظمة معينة، في إشارة إلى حركة فتح الله غولن، وهي جماعة تنتقد أردوغان.
يذكر أنه في نفس التقرير اعترف فيدان رئيس وكالة الاستخبارات التركية بالقمع الواسع العابر للحدود من قبل الوكالة، وقال إنه “تم جلب أكثر من 100 معارض من دول مختلفة إلى تركيا نتيجة لزيادة عمليات الوكالة في الخارج”.
وفي السنوات الأخيرة استخدمت حكومة أردوغان أساليب غير قانونية لتأمين عودة منتقديها بعد رفض طلبات التسليم الرسمية من الدول.
وركز تقرير صادر عن مركز ستوكهولم للحرية في أكتوبر 2021 بعنوان “القمع التركي العابر للحدود: الاختطاف والتسليم والإعادة القسرية لمنتقدي أردوغان” على كيفية استخدام الحكومة التركية في عهد أردوغان لأساليب غير قانونية لنقل المعارضين والصحافيين قسرا إلى تركيا.