الصحافيات السودانيات يواجهن التمييز الجندري ومخاطر الحرب

أغلب المعلومات والإفادات عن أوضاع المتضررين من الحرب تؤخذ من الرجال عدا قلة من المواقع الإخبارية.
الخميس 2024/10/17
منعطف خطر

كمبالا - كشفت دراسة حديثة أجراها مركز الألق للخدمات الصحافية في السودان، عن افتقار المؤسسات الصحافية إلى المساواة الجندرية، حيث لا تتعدى نسبة النساء العاملات في الإدارة والتحرير 2 في المئة، إضافة إلى تمييز يشمل الأجور وطبيعة الأعمال الموكلة إليهن، بينما تفرض الحرب عليهن مخاطر إضافية لا تختلف عن الذكور.

وقدمت مديرة المركز مديحة عبدالله، ورقة عمل عن اتجاهات الإعلام حول قضايا المرأة في ورشة “تأثير النساء على مسار السلام: القيادة والتمكين الاقتصادي”، عُقدت في العاصمة الأوغندية كمبالا.

وقالت إن مسحًا أجراه مركز الألق “كشف عن افتقاد المؤسسات الصحافية إلى التنوع والمساواة الجندرية، حيث تمثل النساء نسبة 1 في المئة في الهياكل الإدارية و1 في المئة في رئاسة التحرير”. وأشارت إلى أن المسح أجري على 13 مؤسسة صحافية وموقع، فيما امتنعت 5 مؤسسات عن الرد.

وذكرت بأن بعض المؤسسات لديها سياسة خاصة بالنوع الاجتماعي وصفحات أو برامج اذاعية أو تلفزيونية خاصة بقضايا النساء، كما توجد مؤسسات تبتدر حملات خاصة بقضايا النساء.

وأظهر المسح اختلاف السياسات التحريرية والموجهات التي تحكم العملية التحريرية من مؤسسة إلى أخرى، لكن الأغلبية أكدت المهنية والاحترافية والالتزام بمبادئ العمل الصحفي وحقوق الإنسان والتنوع والمساواة ومناهضة خطاب الكراهية وإثارة العنصرية، وفقا لعبدالله.

وأوضحت بأن بعض المؤسسات لديها سياسية تحريرية خاصة بتغطية العنف القائم على النوع الاجتماعي خاصة العنف الجنسي.

نسبة النساء العاملات في الإدارة والتحرير لا تتعدى 2 في المئة، إضافة إلى تمييز يشمل الأجور وطبيعة الأعمال الموكلة إليهن

وأفادت بأن المركز رصد خلال أغسطس الماضي، القضايا التي تناولتها المواقع الإخبارية حيث ركزت على النازحين واللاجئين في مراكز الإيواء داخل وخارج السودان فيما يُشار إلى أوضاع النساء والأطفال ضمن هذه التقارير.

وتابعت “أغلب المعلومات والإفادات عن أوضاع المتضررين من الحرب تؤخذ من الرجال عدا قلة من المواقع الإخبارية تجري مقابلات مع النازحات واللاجئات، بينما نالت أخبار العنف الجنسي والاغتصاب اهتمامًا كبيرًا في التغطيات الصحفية استنادًا على التقارير الدولية والمحلية كما وجدت المجاعة حظًا أوفر من التغطية الصحفية”.

وتحدث عدد من الصحافيين والصحافيات، عن تحديات تواجه الإعلام فيما يتعلق تغطية قضايا النساء أبرزها صعوبة الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالانتهاكات، إضافة إلى انعدام الأمن والمعلومات المضللة واهتمام المواقع بالأخبار السياسية وعدم وجود وسائل نشر متخصصة بقضايا النساء.

وأوصى المشاركون بضرورة العمل بوضع إستراتيجية وطنية لقضايا النساء وتعزيز المشاركة الفاعلة وإنشاء قناة تلفزيونية أو محطة إذاعية تبث قضايا المرأة وتعمل على تفكيك الصورة النمطية للنساء وإنشاء إدارة خاصة بالجندر في المؤسسات الإعلامية.

ولا تزال معظم المجتمعات تتبنى الذكورية خاصة في ما يتعلق بالوصاية على النساء في جل المعاملات وينظرون إلى المرأة باعتبارها “شرفهم الذي يحق لهم المحافظة عليه”.

وانتخبت الصحافية لبنى عبدالله في نقابة الصحافيين لتكون على رأس سكرتارية النوع بعد أن تم ترشيحها من قبل “كيان الصحافيات” الذي أسسته لدعم الصحافيات والدفاع عن حقوقهن.

وتحدثت عن أوضاع الصحافيات في السودان قائلة “من الأشياء المؤسفة أنه حتى الآن لا تزال هناك صحافيات تتقاضين أجوراً زهيدة، رغم أن معظم الإعلاميات داخل الإذاعات وقنوات التلفزيون تعملن منذ ما يقارب عشرين عاماً”، مضيفةً أنها ستعمل من خلال وجودها في سكرتارية النوع على خلق وضع أفضل لهن.

معظم المجتمعات لا تزال تتبنى الذكورية خاصة في ما يتعلق بالوصاية على النساء في جل المعاملات

وبحثت عبدالله كثيراً عن أوضاع الصحافيات والإقصاء والتمييز الذي تتعرضن له وانتهاك الحقوق ففي عام 2011 أجرت ورفيقاتها دراسة لمعرفة أوضاع الصحافيات في السودان كانت نتيجتها أنه في تاريخ الصحافة السودانية تقلدت أربعة صحافيات فقط منصب رئيسة التحرير، وعملت 12 صحافية فقط كرئيسات أقسام داخل الصحف المختلفة التي يبلغ عدد الأقسام فيها آنذاك 147 قسماً.

وتابعت أن “الحرب الحالية أضافت صعوبات على الصحافيات ما زاد من التمييز ضدهن”.

ووفقا لتقارير صادرة عن نقابة الصحافيين السودانيين، تعرضت صحافيّتان لأحداث مؤلمة؛ إذ توفيت حليمة إدريس بعد أن دهستها سيارة في أثناء تأدية عملها، وفي السياق نفسه تعرضت صحافية أخرى للتهجير من منزلها في وسط دارفور، لتستقر في معسكر للنازحين الذي تم ضربه بمدفعية أدت إلى تدميره. إضافة إلى ذلك، اختفت 8 صحافيات قسرا وتعرضت 3 صحافيات للإصابة، وكانت صحافية أخرى ضحية للعنف الجنسي، بينما تلقت 9 صحافيات تهديدات شخصية.

ولعل من التحديات الأساسية التي يواجهها الصحافيون السودانيون من كلا الجنسين هي المعاملة المذلة والإساءة المستمرة والتضييق والاعتداءات، ما يدفعهم إلى إخفاء هوياتهم لتجنب أي استهداف مباشر من الأطراف المتحاربة. ويعيش الصحافيون شعورا بالخوف الدائم وعدم الأمان يعوقهم عن العمل والحركة ويقمع قدرتهم على التعبير بحرية.

وفي خضم الصراع واجه الصحافيون والصحافيات تحديات كبيرة، ومع صعوبة توزيع الصحف الورقية باتت المواقع الإلكترونية الأكثر حضورا في المشهد الصحافي، وانقسم الصحافيون إلى فرق كثيرة، منهم من دعم بوضوح الأطراف المتصارعة، بينما اختار فريق رواية الحقيقة بمعايير مهنية وأخلاقية في ظروف صعبة للغاية ومعقدة تبرز معاناة المواطن في ظل تشدد أطراف النزاع في مناطق سيطرتهم. كما اتجه فريق آخر إلى مهنٍ أخرى بعيدا عن الصحافة، تؤمن لهم لقمة عيش.

وتعتبر الحرب الراهنة منعطفا خَطِرا في مسار الصحافة السودانية؛ فبينما واجهت الصحف الورقية اختفاء قسريا برز دور الصحافة الرقمية بوصفها بديلا جديدا للدفاع عن الحقيقة.

بالنسبة للصحافيين المستقلين، فإن محاولة إعداد التقارير في السودان أمر صعب. ويميل المسؤولون الحكوميون إلى توخي الحذر بشكل خاص من الصحافيين المستقلين الذين قد لا تكون لديهم أوراق اعتماد معروفة.

5