الصحافة العراقية تعيش أحلك أيامها

بغداد - شهدت الصحافة العراقية خلال السنوات الماضية أحلك أيامها بفعل عوامل سياسية وأمنية واقتصادية، مع تزايد الاعتداءات على الصحافيين. ووثق مركز النخيل للحقوق والحريات الصحافية في تقرير أصدره بمناسبة مرور 20 عاما على التغيير، مسيرة الحريات الصحافية والإعلامية وعمليات الاستهداف والانتهاكات التي طالت الصحافيين خلال عقدين. وخلص التقرير إلى أنه في غضون 20 عامًا قتل نحو 500 صحافي في عموم مدن البلاد.
وهناك العديد من الانتهاكات الأخرى التي تطال الصحافيين، مثل مصادرة المعدات والمنع من التغطية وتحطيم معداتهم -كالكاميرات- وأخذ أشرطة الفيديو والتمييز بين مؤسسة وأخرى والإبعاد عن العمل بطريقة تعسفية والتأخر في دفع الرواتب والامتناع عن تسديد مستحقاتهم المالية والتمييز بين الموظفين والتنمر عليهم وتهميش دور المرأة الصحافية وتعرضها لمضايقات داخل بعض المؤسسات.
وقد شهدت فترة سيطرة تنظيم داعش على محافظات عراقية مقتل أكثر من 37 صحافيًا وإعلاميًا عراقيًا وأجنبيًا، واختطف ما يقارب 50 صحافيًا، مصير عشرة منهم مازال مجهولا إلى حد اليوم.
ولم تكن الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم -ومن ضمنه العراق- في عام 2015 وصولًا إلى عام 2019، بسبب تدني أسعار النفط العالمية، بعيدة عن مأساة الصحافيين؛ إذ أوصدت قرابة 20 محطة تلفزيونية وإذاعة ووكالة أنباء وصحيفة أبوابها أمام الصحافيين دون سابق إنذار أو تعويضهم ماديًا، ما تسبب في تسريح 720 صحافيًا وإعلاميًا، مع استمرار عمل بعض المحطات والوكالات المدعومة حكوميًا وسياسيًا.
كما تطرق تقرير المركز إلى أحداث تظاهرات أكتوبر؛ فقد كشف عن مقتل ثلاثة صحافيين وتعرض 41 صحافيًا إلى اعتداءات توزعت بين الهجمات المسلحة والتهديد بالتصفية الجسدية والإصابة بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع والاعتداء بالضرب.
وخلال فترة تظاهرات أكتوبر تعرضت 14 محطة إذاعية وتلفزيونية محلية وعربية إلى الاعتداء والتخريب والغلق ومصادرة المعدات، فضلًا عن اعتقال 8 صحافيين، فيما اضطر 27 صحافيًا من مدن جنوب ووسط البلاد إلى الهروب باتجاه إقليم كردستان الذي يمارس هو الآخر تضييقا كبيرا على الإعلاميين، وهو ما دفع البعض إلى هجر العراق.
ولم يكن القانون عاملا مساعدا للصحافيين؛ فقد شرّع مجلس النواب قانون حقوق الصحافيين لسنة 2011 فقط، فيما عطلت الخلافات السياسية مشروع قانون حق الحصول على المعلومة. وفي مؤشر حرية الصحافة لمنظمة “مراسلون بلا حدود” لسنة 2022 احتل العراق المرتبة 172 من أصل 180 دولة، متراجعًا من المرتبة 163 في إصدار 2021.