الشيعة في العراق يحيون ذكرى عاشوراء على وقع تدنيس المصحف

مئات آلاف الزوار يتوافدون على كربلاء لإحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين وسط إجراء أمنية مشددة، فيما تعيد السويد النظر في تصريح إقامة سلوان موميكا.
السبت 2023/07/29
رسائل متعددة في عاشوراء

كربلاء (العراق) - توافد مئات آلاف الزوار من العراق وخارجه لإحياء يوم العاشر من محرم السبت في مدينة كربلاء حيث مرقد الإمام الحسين حفيد النبي محمد، والتي تحمل زيارتها رمزية كبرى في هذه الذكرى.

ويحيي المسلمون الشيعة في كلّ عام عاشوراء، ذكرى مقتل الإمام الحسين في معركة كربلاء في العام 680 على يد جنود الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، التي تستمر عشرة أيام تنتهي السبت.

وتأتي ذكرى عاشوراء هذا العام على وقع حوادث شهدت تدنيس المصحف في السويد والدنمارك ودفعت الحكومة العراقية إلى طرد السفيرة السويدية، بعدما قام العشرات من مناصري زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في 20 يوليو بحرق السفارة السويدية احتجاجا.

وذكرت وكالة الهجرة السويدية في وقت متأخر الجمعة أنها تعيد النظر في تصريح الإقامة الممنوح للاجئ عراقي سلوان موميكا كان وراء عدة حوادث لتدنيس المصحف في ستوكهولم في الأسابيع الأخيرة مما أثار غصب المسلمين في جميع أنحاء العالم.

وأفادت وكالة الأنباء السويدية (تي.تي)، بأن الرجل لديه تصريح بالإقامة المؤقتة في السويد من المقرر أن تنتهي صلاحيته في عام 2024 لكن الوكالة تعيد النظر في موضوعه الآن.

ووجدت السويد نفسها في بؤرة اهتمام دولي في الأسابيع الأخيرة بعد تدنيس وحرق نسخ من المصحف.

وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في خطاب متلفز "إن إصلاح الإمام الحسين ترك فينا إلى يومنا هذا نبعاً من القيم العليا والذخيرة التي تُعينُ كلَّ متصدٍ للفساد وتسند كل ساعٍ لترسيخ العدالة الاجتماعية، وكلما اشتدت الفوضى وتسيّد خطاب التجهيل، عُدنا لمواقفِه لتمنحنا ضوءاً صافياً" .

وأضاف أن "الإمام الحسين نهض في وقت تدهورت فيهِ أوضاعُ الأمّة، وتعرّض فيه أصلُ الرسالة المحمدية إلى محاولة للتشويه، وتعرّض الناس للإخضاع بالسيف أو بالمال، واستبيحت الأموال العامة لصالح عصبة ظالمة".

ومن جانبه، قال الرئيس العراقي عبداللطيف جمال رشيد إن" هذه الذكرى المؤلمة والملهمة، التي نستعيد معها معاني التضحية والبطولة، في الدفاع عن مبادئ العدل والإيمان بمواجهة الطغيان، تمدنا بالقيم العظيمة وتجدد في الأجيال العزم والإصرار على التمسك بتلك القيم التي ترسخت بالشهادة والحرية والكرامة الإنسانية" .

وأضاف، في بيان صحافي بمناسبة حلول ذكرى عاشوراء، "إننا نستعيد ذكرى البطولة في عاشوراء فنستعيد معها الاعتزاز بشرف المواقف النبيلة، وتتأكد في وجداننا إرادة العمل من أجل بناء العراق الديمقراطي العادل، العراق الذي يحيا فيه الجميع بمساواة متنعمين بخيراته وحريصين على رفعته وعزته وسيادته".

واحتشد الملايين عند ضريح الحسين والمراقد المقدسة الشيعية والمساجد والحسينيات لإقامة مراسم العزاء في ظل إجراءات أمنية مشددة وانتشار كثيف للقوات الأمنية.

وخيم الحزن والآسى على جموع المشاركين في إحياء هذه المناسبة من خلال إقامة مجالس للعزاء والاستماع إلى قصة واقعة الطف فضلا عن إقامة فعاليات أبرزها التطبير، وهي ضرب مقدمة الرأس بآلة جارحة حتى تسيل الدماء شارك في أدائها مجاميع كبيرة من الأشخاص وإقامة مجالس للبكاء والحزن للتعبير عن مدى الحزن العميق لهذه الحادثة.

وفي محيط مرقدي الإمام الحسين والعباس في المدينة الواقعة في وسط العراق، تجمّع مئات الآلاف، رجالًا ونساء وأطفالًا على السجادات الحمراء المحيطة بالمبنى ذي القبب الذهبية منذ ليلة الاثنين.

وجلس بعض الزوار المتشحين بالسواد صباح السبت على الأرض داخل مرقد الإمام الحسين، وسالت دموعهم تأثراً بصوت القصائد الندبية المغنّاة التي تشيد بمآثره وتستذكر واقعة مقتله، فيما افترش آخرون الأرض في الخارج تحت الشمس الحارقة، وضرب آخرون على صدورهم تعبيراً عن الحزن، كما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الزائر سعاد العبادي الذي جاء من بغداد إلى كربلاء للمشاركة في مراسم عاشوراء "في هذا اليوم نواسي النبي"، وفي الوقت نفسه "نستنكر ونشجب الفعل الذي قام به أحد المتطرفين ألا وهو تدنيس كتاب سماوي حيث أن جميع الأديان تتفق فيما بينها على احترام الكتب السماوية".

وفي بغداد، قال الشيخ طلال السعدي الذي كان يشارك في مراسم عاشوراء ليل الجمعة في مرقد الإمام الكاظم، إن "هذه الأيام هي أيام الشهادة وأيام التضحية وأيام الفداء. نقول لهم مهما فعلتم نحن باقون ونحن موجودون والقرآن موجود، فافعلوا ما شئتم، لكن هذا يعز في قلوبنا".

وامتلأت شوارع كربلاء كذلك بالمواكب الخدمية التي تقدّم الطعام والماء للزوار.

ويأتي ذلك وسط اجراءات أمنية وصحية اتخذتها السلطات تجنبا لحصول حوادث.

مع ذلك، قضى أربعة أشخاص ليل الجمعة جراء حريق وقع في سوق تجاري قرب ضريح الإمام الحسين في كربلاء، كما أعلن الدفاع المدني العراقي، الذي أضاف أن المعلومات الأولية تشير إلى أن الحرق وقع بسبب "أسطوانة غاز نتيجة أعمال الطبخ في أحد المواكب الحسينية".