الشيخ مشعل الأحمد أميرا للكويت: الأولوية للاستقرار الداخلي

الكويت- تولى الشيخ مشعل الأحمد الصباح مقاليد الحكم أميرا جديدا للكويت خلفا لشقيقه الشيخ نواف الأحمد الصباح الذي توفي السبت عن عمر ناهز 86 عاما.
وأعلن التلفزيون الرسمي الكويتي أن “مجلس الوزراء ينادي بولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميرا لدولة الكويت”.
وقال متابعون للشأن الكويتي إن المهمة الأولى لأمير البلاد ستكون تأمين الاستقرار السياسي الداخلي من خلال رعاية حوار بأفق جديد بين البرلمان والحكومة ومن ورائهما الأسرة الحاكمة، وذلك من أجل التوصل إلى مدونة سلوك سياسي تحافظ على استقلالية البرلمان وصلاحياته وحقه في الاختلاف مع الحكومة وانتقادها ومساءلتها، وفي نفس الوقت الحفاظ على سير مؤسسات الدولة دون عرقلة أو تعطيل بهدف الإرباك والمزايدة السياسية بين الكتل أو الأفراد بمن في ذلك من ينتمون إلى الأسرة الحاكمة.
وأعاق الانقسام بين البرلمان والحكومة الإصلاح المالي والاقتصادي في الكويت، في الوقت الذي بدت فيه المعارضة المسيطرة على البرلمان في السنوات الأخيرة غير واعية بالتحديات التي تعيشها البلاد، وتمسكها بنموذج قديم للرفاهية يحصر دور الدولة في الإنفاق السخي بدل تبني برامج جديدة وإصلاح المنظومة المالية والاقتصادية لمسايرة التطورات الكبيرة التي تشهدها دول الجوار الخليجي.
◙ الشيخ مشعل ذو الشخصية القوية سيعمل على تحميل الجميع مسؤولياتهم بمن في ذلك عناصر الأسرة الحاكمة
وأدت الأزمة السياسية التي استمرت بين الحكومة والبرلمان على مدى عقود إلى إجراء تعديلات وزارية وحل البرلمان عدة مرات. ولم تعد الكويت قادرة على تحمل أعباء هذه الأزمة سياسيا واقتصاديا خاصة مع التعطيل المتواصل للقوانين والإصلاحات الاقتصادية، ما يعوق أيّ برامج حكومية داخليا وخارجيا.
وفي أكتوبر من السنة الماضية، طالب الشيخ مشعل أعضاء السلطة التشريعية “بالارتقاء بالممارسة الديمقراطية والبعد عن إضاعة جلسات المجلس بمهاترات ومشاجرات ورفع الجلسات قبل موعدها”.
ودعاهم إلى “التركيز بدلا من كل ذلك على تعزيز الدور الرقابي للمجلس وعلى تفعيل دوره التشريعي بإصدار القوانين”.
ويرى المتابعون أن شخصية الشيخ مشعل القوية، والتي لا تخشى في الحق لومة لائم، ستعمل على تحميل مختلف الأطراف مسؤولياتها بمن في ذلك الأسرة الحاكمة التي تعيش على وقع صراع المواقع والمكاسب بين مكوناتها لاسيما ممن لم يحصلوا على المناصب التي سعوا لها وجنحوا إلى التمترس وراء نواب من البرلمان لإدامة الأزمة.
ومن الصعب أن تنجح مساعي الشيخ مشعل لمواجهة مختلف أشكال الفساد في مؤسسات الدولة من دون توافق داخل الأسرة يضع ضوابط أمام الجميع داعمة لمسار الإصلاح الذي يتبناه الشيخ مشعل، والذي يفترض أن يشمل الجميع بما في ذلك الأسرة الحاكمة.
وتوفي الأمير الشيخ نواف بعد ثلاث سنوات من توليه الحكم. وقال الديوان الأميري في بيان “ببالغ الحزن والأسى، ننعى إلى الشعب الكويتي والأمتين العربية والإسلامية وشعوب العالم الصديقة وفاة المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الذي انتقل إلى جوار ربه ظهر السبت”.
وخلال فترة حكمه التي زادت على ثلاث سنوات تم تشكيل ثماني حكومات وإجراء انتخابات برلمانية ثلاث مرات.
وتدخل الشيخ مشعل في عام 2022 في خلاف طويل بين الحكومة والبرلمان، وحل البرلمان وأصدر مرسوما بإجراء انتخابات جديدة وعين رئيسا جديدا للوزراء، هو الشيخ أحمد نواف الصباح ابن أمير الكويت الراحل.
وأعلن في الوقت نفسه أنه لا ينوي التدخل في الانتخابات أو اختيار رئيس البرلمان، حيث لقي هذا الإعلان ترحيبا واسعا من المعارضة.
كما تعهد بالالتزام بالدستور وعدم تعديله أو تنقيحه أو تعليقه، وذلك في خطاب ألقاه نيابة عن الأمير في يونيو 2022 واعتبره برلمانيون ومحللون خطابا تاريخيا.
◙ الأزمة السياسية التي استمرت بين الحكومة والبرلمان على مدى عقود أدت إلى إجراء تعديلات وزارية وحل البرلمان عدة مرات
ورغم أن انتخابات 2022 أبطلتها المحكمة الدستورية في مارس 2023، فإن الانتخابات اللاحقة التي عقدت في يونيو الماضي فاز بها غالبية من النواب الذين يطلقون على أنفسهم “إصلاحيين” وأدت إلى توافق نادر بين البرلمان والحكومة، ولا يزال هذا التوافق مستمرا، ويعزى فيه الفضل لتأثير الشيخ مشعل.
وأمضى الشيخ مشعل الأحمد، البالغ من العمر 83 عاما، معظم حياته العملية في بناء أجهزة الأمن والدفاع في الكويت، قبل أن يصبح قبل ثلاث سنوات وليا للعهد.
وزاد تسليط الأضواء على الشيخ مشعل عندما تم تسليمه معظم مهام الأمير الشيخ نواف الأحمد بعد مرضه في نوفمبر 2021.
ومع توليه مقاليد الإمارة، أصبح الشيخ مشعل ثالث أمير للكويت خلال ما يزيد قليلا على ثلاث سنوات. وحتى عام 2020 كان يشغل هذا المنصب لمدة 14 عاما الشيخ صباح الأحمد، وهو شخصية برزت في العالم العربي باعتباره من قاد جهود إخراج الكويت من عثرتها بعد الغزو العراقي عام 1990.
ومن المتوقع أن يُبقي الشيخ مشعل على السياسات الخارجية الكويتية الرئيسية ومنها دعم وحدة دول الخليج والتحالفات الغربية والعلاقات الجيدة مع الرياض، وهي علاقة ينظر إليها على أنها ذات أولوية قصوى بالنسبة إليه.
وربما يتطلع الشيخ مشعل أيضا إلى توسيع العلاقات مع الصين التي تسعى للعب دور أكبر في المنطقة، وخصوصا بعد أن رعت بكين اتفاقا لتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية في مارس الماضي.
ووقع الشيخ مشعل عدة اتفاقات اقتصادية خلال زيارة إلى الصين في سبتمبر الماضي عندما حضر حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الآسيوية.
ووصف دبلوماسي غربي الشيخ مشعل بأنه يستيقظ مبكرا وله أسلوب عمل منهجي. وقال الدبلوماسي “إنه يهتم بالتفاصيل، وأحيانا بالتفاصيل الصغيرة جدا”.
وأضاف أنه بينما كان الشيخ صباح أقرب إلى العمل الدبلوماسي، فإن الشيخ مشعل أقرب إلى الجيش.
وكان الشيخ مشعل نائبا لرئيس الحرس الوطني من عام 2004 إلى عام 2020 ورئيسا لجهاز أمن الدولة لمدة 13 عاما بعد انضمامه إلى وزارة الداخلية في الستينات. ويقول الخبراء إن عدة مناصب عليا عُرضت عليه في الماضي لكنه رفضها.