الشيخ حمد بن جاسم يدفع الدوحة للإمعان في الهروب إلى الأمام

كلام رئيس الوزراء القطري السابق، يعكس خيبة الأمل تجاه إدارة الرئيس الأميركي حيال ملف الأزمة الخليجية.
الاثنين 2019/01/14
لا جديد

رئيس الوزراء القطري السابق إذ يدافع عن نهج قطر في التعاطي مع أزمتها الناجمة عن مقاطعة أربع دول لها بسبب دعمها للإرهاب وتهديدها للاستقرار، إنّما يدافع عن نهج سياسي شارك هو نفسه بفعالية في هندسته ويريد له الاستمرار، تكريسا لسطوة إدارة الأمير السابق وبطانته على الأمير الحالي وقراره السياسي.

موسكو - كرّر رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، إلقاء التبعة في تعقّد الأزمة التي تعيشها بلاده، واستعصاء حلّها، على الدول المقاطعة لها منذ حوالي سنة ونصف السنة بسبب دعمها للتشدّد والإرهاب وتهديدها لاستقرار المنطقة.

وقال الشيخ حمد بن جاسم معلّقا، خلال مقابلة مع قناة روسيا اليوم، على استقالة أنتوني زيني مبعوث الخارجية الأميركية لحل أزمة قطر مع جيرانها الخليجيين ومصر، إنّ “الأطراف التي خلقت الأزمة في المنطقة إلى الآن تعتقد أنه يجب الاستمرار في حصار قطر، بالإضافة إلى تضارب المسؤوليات في واشنطن”. ولم يحمل كلام الرجل الذي يوصف بأنّه أحد كبار مهندسي السياسات التي أوقعت قطر في أزمتها الراهنة وأدّت إلى عزلها عن محيطها المباشر، جديدا، سوى أنّه تكريس لعملية الهروب إلى الأمام، والتنصّل من الالتزامات التي سبق للدوحة أن اعترفت بها ووعدت بتنفيذها.

وتطالب الدول الأربع المقاطعة لقطر؛ السعودية والإمارات ومصر والبحرين، الدوحة بتغيير نهجها السياسي وفك ارتباطاتها بالتنظيمات المتشدّدة والكف عن دعم الإرهاب وتمويله، كشروط أساسية، لإنهاء مقاطعتها.

وعلّق وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على كلام رئيس الوزراء القطري السابق بالقول “لا جديد في حديث الشيخ حمد بن جاسم لروسيا اليوم”، مضيفا في تغريدة على تويتر “انفصام تعودناه بين الممارسة التي كان الشيخ حمد أحد مهندسيها وأدت إلى مأزق الدوحة الحالي، وبين الطرح النظري الفضفاض”، وموضّحا “ركاكة الحجة وضعف الخطاب وليد غياب النقد الذاتي والمراجعة”.

أنور قرقاش: لا جديد في حديث الشيخ حمد بن جاسم.. انفصام تعودناه
أنور قرقاش: لا جديد في حديث الشيخ حمد بن جاسم.. انفصام تعودناه

وبحسب متابعين للشأن الخليجي، فإنّ كلام حمد بن جاسم وتعاليقه بين حين وآخر على الأزمة القطرية، يأتيان من منطلق السطوة التي لا تزال الإدارة السابقة بقيادة الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، تفرضها على إدارة الأمير الحالي الشيخ تميم بن حمد، بعد التغيير الشكلي الذي حدث في 2013 وتمّ بمقتضاه نقل قيادة البلد من الشيخ حمد إلى ابنه الشيخ تميم.

وبحسب هؤلاء فإنّ دفاع الشيخ حمد بن جاسم على الموقف القطري حيال الأزمة هو دفاع عن النهج الذي شارك بفعالية في إرسائه، كما أنّه ترجمة لوجود إرادة سياسية وراء الستار، في استمرار ذات النهج والحفاظ عليه.

وفشلت قطر في توظيف وساطات خارجية للخروج من أزمتها، كما فشلت في استدراج الإدارة الأميركية إلى الوقوف في صفّها، رغم حملة العلاقات العامّة الكثيفة التي خاضتها، والأموال التي أنفقتها على شخصيات وجماعات ضغط ووسائل إعلام.

وعكس كلام رئيس الوزراء القطري السابق، أيضا، خيبة الأمل تجاه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قائلا في تصريحاته التلفزيونية إنّ “ملف الأزمة الخليجية يُدار من أكثر من جهة في واشنطن وهذا سبّب إحراجا لأنتوني زيني”.

وقال الشيخ حمد بن جاسم إنّ “هناك من يريد استمرار الأزمة”، معتبرا أن واشنطن “أحد المستفيدين من خلال الأموال التي يتم إنفاقها على اللوبي الموالي لدول الحصار”. والشيخ حمد بن جاسم، في نظر أغلب الملاحظين، هو رجل الأدوار الخفية والمهمّات المشبوهة الذي ارتبط اسمه بشكل مباشر بحالة الاضطراب التي تشهدها المنطقة منذ قرابة العقد من الزمن وأدّت إلى خسائر كارثية يصعب تعويضها.

وللمفارقة، فإنّ روسيا سبق أن وجّهت الاتهام للشيخ حمد بن جاسم بالمسؤولية عن الاعتداء على سفيرها السابق لدى قطر في تجاوز غير مسبوق للأعراف الدبلوماسية.

وفي مايو الماضي بثّت قناة روسيا اليوم مادّة وثائقية عن الاعتداء الجسدي الذي تعرّض له السفير الروسي السابق لدى قطر فلاديمير تيتورينكو في مطار الدوحة، ومحاولة انتزاع الوثائق الدبلوماسية منه بالقوة في خريف سنة 2011 تزامنا مع التطورات العاصفة للأحداث في سوريا والخلاف الحادّ بشأنها بين موسكو والدوحة.

واتهم السفير فلاديمير تيتورينكو بشكل صريح الخارجية القطرية وعلى رأسها الشيخ حمد بن جاسم بتوجيه التعليمات بضربه ومحاولة انتزاع البريد الدبلوماسي منه بالقوّة، ما خلّف لديه أضرارا جسدية استدعت إقامته في المصحة لعدّة أيام، مشيرا إلى تملّق الشيخ حمد لاحقا لموسكو لتطويق الأزمة.

3