الشمول الاقتصادي محور أساسي للدول لمواجهة تزايد الفقراء

خبراء يرون أن الكفاح من أجل الحد من الفقر المدقع لم ينته بعد، حيث لا يزال ما يقرب من 700 مليون نسمة يعيشون على أقل من 2.15 دولار في اليوم.
الثلاثاء 2024/11/26
مهمة التصدي لتزايد أعداد الفقراء حول العالم

واشنطن- أكد البنك الدولي أن التصدي لتزايد أعداد الفقراء حول العالم يتطلب اعتماد برامج الشمول الاقتصادي التي تساعد على زيادة الدخل والأصول لدى الفئات الأشد تعرضا للأزمات المعقدة.

وذكر في تقرير حديث نشره على منصته الإلكترونية أن هذا الأمر سيكون في غاية الأهمية نظرا لكونها مسارات مثبتة الجدوى في تحسين فرص العمل وتوفير الحياة الكريمة للملايين من الناس في البلدان الضعيفة ومحدودة الدخل.

ومن أجل تجسيد هذه الخطط وضعت المؤسسة الدولية المانحة أهدافا طموحة لتوفير تدابير الحماية الاجتماعية لما لا يقل عن 500 مليون نسمة بحلول عام 2030، منهم 250 مليون امرأة.

وتعمل هذه الجهود على دفع عجلة التغيير عبر وضع بعض الحلول، مثل التحويلات النقدية الرقمية والتدريب على المهارات وتوفير رأس المال للشركات والتوجيه، وكذلك النفاذ إلى الأسواق، مما يسهم في كسر حلقة الفقر وبناء القدرة على الصمود.

تم وضع أهداف لتوفير الحماية الاجتماعية لنحو 500 مليون نسمة بحلول 2030
تم وضع أهداف لتوفير الحماية الاجتماعية لنحو 500 مليون نسمة بحلول 2030

وبحسب تقرير “الشمول الاقتصادي الجديد لعام 2024” الصادر مؤخرا، فإن مثل هذه المبادرات زادت لتغطي حاليا 15 مليون أسرة ويستفيد منها أكثر من 70 مليون شخص موزعين على 88 بلدا.

ويستند هذا التقرير إلى النتائج التي التوصل إليها في العام 2021، ويعرض الإمكانية الكثيرة لتوسيع نطاق الشمول الاقتصادي في الوقت الذي تعمل فيها الأطراف الدولية على الحد من مشكلة الفقر.

وفي منتصف أكتوبر الماضي أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون من الفقر الحاد، ونصفهم من القصر بالاعتماد على بيانات من 112 دولة يقيم فيها 6.3 مليارات شخص.

وغالبا ما تكون البرامج التي تقودها الحكومة في صدارة هذه الجهود، حيث وصلت إلى ما يقرب من 75 في المئة من هذه الأسر، غير أن المنظمات غير الحكومية تقدم مساندة إضافية، وتسهم في توسيع مظلة تغطية هذه البرامج.

ومع ذلك، يرى خبراء البنك أن الكفاح من أجل الحد من الفقر المدقع لم ينته بعد، حيث لا يزال ما يقرب من 700 مليون نسمة يعيشون على أقل من 2.15 دولار في اليوم، ويواجه الكثير منهم انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وتظهر الدراسات أن برامج الشمول الاقتصادي مؤثرة وفعالة من حيث الكلفة، كما أنها تسهم في تمكين الأفراد والمجتمعات، ففي النجير، مثلا، زادت معدلات إنفاق الأسر على الغذاء والصحة والتعليم وغيرها من السلع والخدمات بنسبة 15 في المئة بفضل أحد هذه البرامج، في حين تضاعفت إيرادات الأعمال التجارية للنساء.

وبالمثل، في زامبيا، أدى برنامج تعزيز سبل كسب العيش للمرأة إلى زيادةٍ بواقع 20 في المئة تقريباً في الإنفاق على المواد الغذائية وغير الغذائية، وزيادة بواقع 45 في المئة في أرباح الأعمال، كما نجح البرنامج في تحقيق التساوي بين النفقات والإيرادات في غضون عام واحد.

وحصلت الأسر المشاركة في البرنامج في أفغانستان على دخل أعلى بنسبة 32 في المئة ومصادر دخل أكثر تنوعاً بعد خمس سنوات من تنفيذ الإجراء التدخلي، مما أسهم في بناء قدرتها على تحمل سلسلة من موجات الجفاف والصراعات.

ولا تسلط هذه النتائج الضوءَ على فاعلية برامج الشمول الاقتصادي من حيث التكلفة فحسب، بل أيضا على قدرتها على تحقيق عوائد كبيرة على الاستثمار عند دمجها في الأنظمة الحكومية.

ويتمثل أحد الآثار الرئيسية لبرامج الشمول الاقتصادي في قدرتها على توفير عمل مدفوع الأجر للنساء والشباب، لكن لا يزال هناك الكثير مما يمكن عمله.

ويستهدف 90 في المئة من هذه البرامج فئة النساء، لكن ثلثها فقط يركز بوضوح على تمكين المرأة اقتصاديا. ويمكن لبعض التغييرات في تصميمها لمعالجة قضايا مثل الأعراف الاجتماعية وأعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر والعقبات القانونية والتنظيمية أن تزيد من تأثير هذه الجهود.

وتمثل بطالة الشباب أولويةً أخرى، خاصة في المناطق التي تتزايد فيها أعدادهم، ويستهدف نحو ثلثي برامج الشمول الاقتصادي هذه الفئة، حيث تشجع العمل الحر بشكل رئيسي في المناطق الريفية.

وفي المناطق الحضرية، يمكن للبرامج التي تساعد على توسيع نطاق العمل بأجر من خلال التدريب على المهارات، والتلمذة المهنية، والشراكات مع جهات التشغيل وأرباب العمل أن توفر فرصا اقتصادية أكثر تنوعا واستدامة للشباب.

حح

ويقول البنك الدولي إن برامج الشمول الاقتصادي يمكنها أن تساعد في التصدي لتغير المناخ، ففي منطقة الساحل، مثلا، تلقى 600 ألف شخصٍ من الفئات الأكثر احتياجاً في ستة بلدان المساندة لتنويع سبل كسب عيشهم من مشاريع مقاومة للاحتباس الحراري.

ويمكن للنهج المبتكر، مثل التأمين ضد مخاطر المناخ والتكنولوجيا الخضراء منخفضة الكلفة، أن تزيد من تمكين المجتمعات من التكيف وبناء القدرة على الصمود، وربط الشمول الاقتصادي بسبل كسب العيش المستدامة والقادرة على تحمل تغيّر المناخ.

يتطلب توسيع نطاق تغطية برامج الشمول الاقتصادي للوصول إلى المزيد من الأشخاص قدراً أكبر من الكفاءة والجودة في تنفيذها. ويمكن لأنظمة التنفيذ التي تقودها الحكومات والتي تدعمها التكنولوجيات الرقمية وتدخل في شراكات مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات المجتمعية والقطاع الخاص أن توسع نطاق تغطية برامج الشمول الاقتصادي بشكل كبير.

وهذا النهج المرن، الذي يكيف البرامج مع الاحتياجات والنواتج المحلية حتى تتمكن من النجاح في توسيع نطاق تغطيتها، يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من أنظمة الحماية الاجتماعية الوطنية.

ويعد النموذج المتكامل لتوفير فرص العمل للفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً من السكان، المدعوم بأنظمة الحماية في أوقات الأزمات، خياراً استثمارياً ذكياً لأي حكومة تلتزم بمكافحة الفقر ومنح جميع مواطنيها مجال عمل متكافئ للارتقاء على سلم الفرص.

10