الشعراء الهنود يكتبون قصائد خضراء تواجه التغير المناخي

التغير المناخي أمر ملموس اليوم في شتى أنحاء العالم، وما كان يظنه الناس أمرا بعيدا في المكان والزمان وتهديدا لا يشملهم بات اليوم يهدد حياة الجميع؛ المناخ تغير وتغيرت معه الكثير من العادات والجغرافيات والتفاصيل الحياتية، وهو ما يدعو إلى وقفة تتجاوز الحملات التحسيسية التقليدية، وقفة قد يساهم فيها الأدب والشعر.
رولي سريفاستافا
مومباي (الهند)- لجأ الشاعر الهندي أمانديب سينغ إلى سلام الجبال في الماضي بحثا عن الإلهام. لكن موضوع قصيدته الأخيرة وُلد في ورشة عمل حول تغير المناخ في مومباي المزدحمة.
كانت قصيدته “لقد عادت” التي تشير إلى بحيرة جافة، وألواح شمسية، والفتاة التي يحبها وهي تركب دراجة كهربائية، نتيجة تعاون فريد بين الشعراء والباحثين لإنشاء أعمال جديدة عن الحب وتغير المناخ.
وتتضمن حملة “الحب في زمن التغير المناخي” التي ينظمها مجلس الطاقة والبيئة والمياه مقاطع فيديو لسبعة شعراء يلقون قصائد تهدف إلى تسهيل فهم تأثيرات المناخ.
استخدام القصائد
قال سينغ، البالغ من العمر 28 عاما، الذي جمعت قصيدته ذات الطابع المناخي أكثر من 30 ألف مشاهدة على يوتيوب في أقل من شهرين، “إذا تحدثنا فقط عن كيفية تغير الأشياء، أو اكتفينا بالقول إن هناك تغيرا مناخيا، فقد لا يلاحظنا عامة الناس”.
وأضاف “لكن إذا تحدثنا عن كيفية تعرضنا لهذا التغير المناخي وليس فقط ما يحدث، فسوف يدركه الناس بشكل أفضل”.
وشكر ورشة العمل على مساعدته في ملاحظة ارتفاع درجة الحرارة خلال أبريل ومايو حيث كان يفضل البقاء في المنزل، ولم يعد يرتدي ملابس صوفية دافئة في مهرجان ديوالي خلال أكتوبر ونوفمبر.
وقال سينغ إن “للمشاعر الإنسانية، والحب خاصة، صدى أكبر بين الناس”.
وتصور قصيدة أخرى في الحملة باللغتين الإنجليزية والهندية جدّة لاحظت اختفاء العصافير من فناء منزلها حيث يؤثر تغير المناخ على الطبيعة، وشكر العشاق هطول الأمطار ومنحهم بضع لحظات حميمية.
وسجلت الهند خلال السنوات الأخيرة موجات حر متكررة، وارتفاع منسوب مياه البحر وتكرر الجفاف والأعاصير التي يقول العلماء إن تغير المناخ سبّبها.
ويتزايد التخوّف من أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى تأثيرات أكثر حدة، حيث توقع العلماء هذا الأسبوع أن تتخطى درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية في غضون خمس سنوات.
ونبعت الجهود المبذولة، للإبلاغ عن الحاجة الملحة إلى العمل على الحد من تأثيرات تغير المناخ، أساسا من نشطاء المناخ والعلماء؛ إذ تصدرت التحذيرات بشأن المدن التي يمكن أن تغمرها المياه ومن تزايد الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر.
لكن هذه التحذيرات فشلت في دفع أعداد كبيرة من الناس إلى المطالبة بتحرك سياسي مناسب، مما أدى إلى البحث عن رسائل ودعاة أكثر فاعلية.
وقال أنجال براكاش من كلية الأعمال الهندية ومقرها حيدر أباد إن خطاب تغير المناخ يحتاج إلى “الخروج من جلباب الأكاديميين والباحثين وصانعي السياسات”.
وتابع براكاش، وهو مدير البحوث بمعهد بهاراتي للسياسة العامة، “أي وسيلة جماعية تبسط القضية… وتأثيرها على الناس يبقى أكبر من ورقة بحثية. فكلما زاد إطلاع الناس زادت مناداتهم الحكومة بضرورة العمل على الحد من تأثيرات التغير المناخي”.
قدّمت بعض المدارس الهندية خلال السنوات الأخيرة دروسا حول الطقس القاسي وارتفاع منسوب البحار، بينما قدّمت المهرجانات الفنية عروضا عن تغير المناخ لزيادة الوعي ومحاولة إيجاد حلول.
تعزيز الوعي المناخي
عندما أنشأ سيمار سينغ، البالغ من العمر 23 عاما، منصة شعرية على الإنترنت قبل ستة أعوام، لم يكن تركيزه منصبا على التهديدات المناخية. وقال “أهوى الشعر وأردت التحدث عن قضايا مختلفة. كنت واعيا بالمناخ، لكنني لم أقرأ الحقائق أو البحوث حول تغير المناخ. لم أبحث عن الموضوع أبدا”.
وحشدت منصته 1.5 مليون مشترك على يوتيوب و1.1 مليون مشترك على إنستغرام، مما رشحها للتعاون مع مجلس الطاقة والبيئة والمياه. وقال سينغ إن قصائد المناخ ستُلقى في الكليات، حيث يتردد صدى موضوع الحب.
وأضاف “يقع الناس الذين من تلك الفئة العمرية في الحب، ويجرّبون أحزانا شديدة. لذلك، إذا كان بإمكانك التحدث عن الحب ودمجه في رسالة أخرى، فسيكون هذا رائعا”.
وقال إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يعد أمرا حيويا لبدء المحادثات، لكن العمل الملهم كان الأولوية في ذلك.
وقال نيتين باسي، رئيس برنامج في مشروع مجلس الطاقة والبيئة والمياه، الذي يشمل رسوما متحركة ومسلسلا وثائقيا يركز على تغير المناخ، إن القصائد يمكن أن تجعل الناس يشعرون أكثر بالحاجة إلى التحرك بشأن تغير المناخ “دون جعل المحادثة ثقيلة جدا وخلق الشعور بالذنب”. وتابع “كانت الفكرة تتلخص في إظهار كيفية تأثر أحبائنا بالآثار السلبية لتغير المناخ”.
القصائد يمكن أن تجعل الناس يشعرون أكثر بالحاجة إلى التحرك بشأن تغير المناخ دون جعل المحادثة ثقيلة
وكانت هذه تجربة جديدة لشعراء آخرين في الحملة مثل هيلي شاه، التي تعاونت في الماضي مع المنظمات غير الربحية للكتابة عن التمكين المالي للنساء والفقراء الذين لا صوت لهم في البلاد.
وتحكي قصيدة شاه الجديدة “متى ستعود إلى المنزل” قصة فيضانات مفاجئة تزيد الفجوة في علاقة غرامية.
وقالت الشاعرة البالغة من العمر 24 عاما “غالبا ما نستخدم صورا واستعارات الطبيعة للحديث عن الحب. لكن الطبيعة تتغير الآن. لم يعد المناخ كما كان”.
وذكرت أن تغير المناخ يمكن أن يبدو في الكثير من الأحيان كأنه تهديد بعيد مثل “ذوبان الأنهار الجليدية في مكان بعيد جدا”.
لكن الورشة ساعدتها على ملاحظة ارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات المفاجئة في مدينتها، حيث أن تأثيرات المناخ قريبة من موطنها. وقالت “لقد ساعدتنا ورشة العمل في النظر إليها من منظور بلدنا. يحدث هذا حيث أعيش”.