الشعبوية تطبع تحركات يوسف الشاهد: حملة انتخابية مبكرة

رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد يعيد جدل "الثروات المنهوبة" إلى الواجهة.
الجمعة 2019/03/01
عين الشاهد على الانتخابات

تونس - كثّف رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد من التحركات والقرارات التي وصفها خصومه بـ“الشعبوية” في إطار حملة انتخابية مبكرة. وأعلن الناطق باسم الحكومة إياد الدهماني وقف العمل باتفاقية الملح الموقعة مع شركة “كوتيزال” الفرنسية.

واعتبر رئيس المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجي والقيادي في حركة نداء تونس ناجي جلول الخميس أنّ قرار رئاسة الحكومة وقف اتفاقية الملح مع فرنسا أمس يعد قرارا شعبويا انتخابيا، معتبرا أنّ الحل ليس في إيقاف الاتفاقية بل في مناقشة الأسعار مع شركة “كوتيزال” ووضع مقاييس لاستغلال هذه الثروة.

وقال على هامش يوم دراسي حول الاقتصاد الموازي ”الوقوف لتونس هو في الجلوس وأخذ قرارات رصينة وعقلانية تخدم مصالحها ولا تكون في إطار جزء من حملة انتخابية”.

ويقول الكثير من التونسيين إن الدولة لا تضع يدها على الثروات الطبيعية للبلاد، وإن فرنسا هي المستفيد الأول من تلك الثروات، لذلك فإن اتخاذ الشاهد لهذه القرار من شأنه أن يعزز شعبيته.

ويعد استغلال شركات فرنسية ثروة الملح من أبرز الملفات التي تثير اهتمام عدة منظمات نظرا لما يثيره هذا الواقع من شعور “بالحيف” نابع من عدم مراجعة الاتفاقيات منذ عام 1947.

ويقول بعض المطلعين إن عقود “نهب الملح ” تكلف الدولة خسائر تقدّر بنحو 9 مليارات دينار سنويا (3.75 مليارات دولار). ولا تحصل تونس في المقابل إلا على نحو 30 مليون دينار (12.5 مليون دولار) في العام، وفق بيانات رسمية. وبالإضافة إلى الملح ترفع شعارات تطالب الدولة بوضع يدها على الثروة البترولية. ويشكك التونسيون في الرواية الرسمية بشأن محدودية هذه الثروة ويقيسون ذلك بعدد الشركات والحقول المنقبة، مطالبين بتأميم النفط أسوة بليبيا والجزائر.

لم يتأكد بعد ما إذا كان الشاهد سيترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، لكنه يتصدر منذ أشهر نتائج سبر الآراء

ومن غير المعروف ما إذا كان الشاهد سيتخذ خلال الأيام القادمة قرارا ما بخصوص هذا الملف، لكن تحركاته تشير إلى أنه يقود حملة انتخابية مبكرة.

واستقبل يوسف الشاهد الخميس، في مطار تونس قرطاج الدولي المنتخب التونسي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة المشارك في ملتقى الشارقة الدولي لألعاب القوى والجائزة الكبرى بدبي 2019 والذي توج في أعقابهما بـ24 ميدالية ذهبية و9 فضية و7 برونزية مع تحقيق رقمين قياسيين عالميين. ووصف المراقبون هذه الخطوة بمحاولة استمالة شريحتين اجتماعيتين وهما، الرياضيون والمهتمون بالمجال الرياضي وأيضا ذوي الاحتياجات الخصوصية.

وقبل ذلك بساعات، أطلق الشاهد شعار “استهلك تونسي”، مشددا على أن هذا هو الخيار الذي يجب تكريسه على أرض الواقع والثقافة التي يجب تبنيها خاصة في الظرف الاقتصادي الراهن الذي تمر به البلاد، معتبرا أنّ ذلك سيساهم في تقليص الواردات ودعم الميزان التجاري.

وأضاف على هامش احتفال منظمة الدفاع عن المستهلك بالذكرى 30 لتأسيسها أنّ هذا الخيار يستدعي وضع خطط وسياسات ملائمة من أجل تشجيع ودعم التوجّه نحو المنتوجات الوطنية التي لا تشهد غلاء كبيرا في أسعارها.

وتعزز هذه التحركات مخاوف المعارضة التي كانت قد طالبت بإقالة حكومة الشاهد، وتشكيل حكومة تسير البلاد إلى حين إجراء الانتخابات، متهمين الشاهد وحزبه باستعمال أدوات الدولة للترويج لنفسه ولحزب “تحيا تونس” المحسوب عليه.

متابعون يرون أن اتخاذ يوسف الشاهد لهذا القرار من شأنه أن يعزز شعبيته

واتهم المدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي في يناير الماضي، رئيس الحكومة ”باستغلال موارد الدولة في حملته الانتخابية”، كما اتهم حركة النهضة بالوقوف وراء المشروع السياسي للشاهد، في إشارة لحزب “تحيا تونس” المشكل حديثا.

ومن غير المعروف إلى حد الآن ما إذا كان الشاهد سيترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، لكنه يتصدر منذ أشهر نتائج سبر الآراء.

وحلّ رئيس الحكومة الحالية وفق نتائج التقرير الذي أعدته مؤسسة أمرود كونسلتينغ في صدارة ترتيب الشخصيات الأقدر على قيادة البلاد بتأييد 13.7 بالمئة من المستجوبين يليه الرئيس السابق المنصف المرزوقي بنسبة 5.2 بالمئة بعد تراجع رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي إلى المرتبة الثالثة بنسبة 4.8 بالمئة.

في المقابل يشكك بعض التونسيين في هذه النسب التي تقدمها شركات سبر الآراء وترى أن هناك غضبا شعبيا كبيرا ورفضا لسياساته الاقتصادية التي دمرت المقدرة الشرائية وهوت بالاقتصاد الوطني إلى الحضيض.

وتشهد العملة المحلية “الدينار” هبوطا حادا منذ 2016. وإن يبرر المسؤولون والخبراء هذا الهبوط كإجراء لتحسين الوضع الاقتصادي، إلا أنه لم يتسبب إلا في المزيد من إرهاق التونسيين.

4